اخر الاخبار

تحولت اغلب شواطئ مياه الانهار في العراق الى أمكنة لكب النفايات والمخلفات الطبية والصناعية والنفطية، ما يُنذر بتلوث بيئي كارثي.

ويشير معنيون الى أن مياه نهري دجلة والفرات لم تعد صالحة للشرب، وهي سبب رئيسي لتفشي مرض السلطان ونفوق الحيوانات، داعين الجهات الحكومية لايجاد معالجات لازمة لمكافحة تلوث المياه.

ولوحت وزارة الموارد المائية بـ”عدم وجود باليد حيلة” سوى تقديم دعاوى قضائية وفرض غرامات على الجهات المسؤولة عن رمي المخلفات في الانهار.

شبكات الصرف الصحي

وتعتبر شبكات الصرف الصحي أحد مسببات تلوث المياه في نهري دجلة والفرات، كونها ترمي مياها الثقيلة في النهر دون معالجة سابقة.

وبهذا الصدد، يشير المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية، خالد الشمال، الى “عدم وجود احصائيات دقيقة بشأن عدد شبكات الصرف الصحي في عموم البلاد”، مبينا ان العاصمة تحوي بما يقارب 530 شبكة صرف، في حين يبلغ عددها حوالي 1000 شبكة في المناطق العشوائية.

ويردف كلامه لـ “طريق الشعب”، عن وجود العديد من التجاوزات داخل المدن السكنية، حيث يتم شطر المنزل الواحد الى اثنين او أكثر، ما يجعل عدد المنازل يفوق سعة شبكة الصرف المخصصة لهذه المدينة.

ويتابع حديثه عن شبكات الصرف الصحي، قائلا ان “العديد من شبكات الصرف الصحي للمناطق ترتبط بمجاري الأرصفة وشبكات مياه الامطار، وبدورها تضخ بشكل مباشر الى نهري دجلة والفرات، وهذه الالية متبعة في العاصمة وعموم المحافظات”.

والحكومات المتعاقبة يبدو انها غير قادرة على وضع رادع للحد من تزايد العشوائيات، بحسب ما بين، ملوحا بوجود بعض المتنفذين والمسؤولين الداعمين لهذا الفعل.

دور الوزارة

ويلفت الى وجود نقطتين تؤشران ارتفاع تلوث المياه: الأولى تتمثل في زيادة مصادر التلوث ترافقها زيادة في اعداد السكان. اما النقطة الأخرى فتتمثل في قلة الإيرادات المائية من دول المنبع التي سببت انخفاضا لمناسيب المياه في العراق.

ويتحدث شمال عن الالية التي تتبعها الوزارة في هذا الشأن، قائلا ان “وزارة الموارد المائية عندما تلاحظ وجود تلوث في المياه او انخفاض في المنسوب، تتجه صوب زيادة الاطلاقات المائية، اما من الإيرادات المائية المتحققة او من الخزين الاستراتيجي”، لافتا الى ان الخزين المائي في الوقت الراهن بحالة حرجة”.

وتعمل وزارة الموارد المائية وفق ما مسموح به في القانون، كون لا يوجد بيدها حيلة سوى رفع دعوى قضائية وتغريم كل من يساهم في تلوث المياه من خلال رمي المخلفات، او ارسال لهم خطابات شديدة اللهجة، بحسب ما بين شمال، الذي اضاف “قد تكون هذه الاجراءات غير فاعلة او خجولة”.

ويحمل شمال القطاع العام في البلد مسؤولية تلوث المياه، بعكس ما موجود في اغلب مدن العالم، التي يكون فيها القطاع الخاص هو المسبب لذلك.

ويشير الى ان المؤسسات الصحية ودوائر البلدية والمجاري والمنشآت النفطية، تلقي جميع مخلفاتها في المياه اما بشكل مباشر او بعد معالجة لا تفي بالغرض.

تشكل تهديدا

وينقل حسن الزيرجاوي من محافظة ميسان، لـمراسل “طريق الشعب”، معاناة سكان المحافظة، التي بدأت تتفاقم يوما بعد يوم، حيث وصل اضرارها الى تهديد مستوى المعيشة والحياة.

ويقول: ان “المياه الثقيلة ترمى في شط البتيرة التي تذهب المياه فيه الى العديد من النواحي والمناطق بشكل مباشر دون وجود تصفية، ما ادى الى الاصابة بالعديد من الامراض ونفوق الكثير من الحيوانات”.

ودعا المتحدث الجهات الحكومية لإيجاد حلول سريعة وفعالة لحل هذه المشكلة التي باتت تشكل ازمة خطرة وكبيرة.

مصادر تلوثها

ويعزو الخبير البيئي احمد صالح، مصادر تلوث المياه الى “المخلفات التي تفزر من مياه المجاري والمصانع، والمخلفات الطبية”، لافتا الى انها باتت تشكل خطرا كبيرا على الحياة؛ حيث اصبحت الاسماك التي يتم صيدها من هذه المياه غير صالحة للأكل.

وتبقى المياه ملوثة في حالتي الجفاف والوفرة المائية وغير صالحة للاستخدام البشري، لكنها تكون أكثر بشاعة في الحالة الاولى؛ اذ تسود مياه البزل الزراعي ومياه المجاري فيها، عكس مواسم الوفرة اذ تنحسر حالة التلوث بشكل نسبي، بحسب ما بين صالح بحديثه مع “طريق الشعب”.

ويعتبر صالح، ان عدم معالجة مياه الصرف الصحي التي تصب في الأنهار، هو السبب الرئيس وراء تلوث المياه، لافتا الى ان “طاقة محطات الصرف الصحي في بغداد مصممة لثلاثة ملايين نسمة تقريبا، في الوقت الذي تقدر النسبة اليوم بحوالي 8 ملايين نسمة”.

ويشدد صالح على “ضرورة اعادة تأهيل وصيانة شبكات الصرف الصحي وإدخال التقنيات الحديثة في محطات المعالجة الموجودة في المجاري والمستشفيات والمصانع والمنشأة النفطية”، معتبرا ان “التأهيل والتطوير يضمنان مخرجات المحطات التي يتم التخلص منها وتكون ضمن محددات منظمة الصحة العالمية، ولا تؤثر في طبيعة مياه الأنهار”.

وفي ختام حديثه، حمل صالح الحكومة والجهات المعنية مسؤولية ملف تلوث المياه، مشددا على ضرورة تفعيل دورها في الحفاظ على حياة الناس وعلى الثروة الحيوانية والنباتية”، مقترحا استخدام تلك المياه في سقي الاشجار، ما يساهم في تقليل تلوث المياه ومعالجة ازمة التصحر.

بغداد 

تضم محافظة بغداد معامل ومصانع ونشاطات تجارية وصناعية عديدة، وبسبب الزحف السكاني أصبح بعضها داخل الاحياء السكنية، واشرت جمعية حماة دجلة المعنية بالبيئة، ان مستشفى مدينة الطب الواقعة على ضفاف دجلة وسط بغداد تسرب مخلفات 1000 مريض يومياً إلى النهر.   وتشير دراسة اجرتها الجامعة المستنصرية عن تلوث مياه دجلة، الى ان أكثر المشاريع الصناعية في بغداد تلويثاً لمياه دجلة هي محطة كهرباء الدورة، ومحطة كهرباء جنوب بغداد، وشركة الصمود للصناعات الفولاذية، ومصفى الدورة للمنتجات النفطية، وشركة نصر للصناعات الميكانيكية.

واعد المرصد العراقي لحقوق الإنسان تقريرا بشأن تلوث المياه في البلد، حيث ذكر ان النسب ترتفع كل عام، مع ازدياد النسمة السكانية وتراجع خدمة شبكات تصفية المياه وازدياد المخلفات النفطية والطبية التي ترمى في الأنهر بشكل مستمر.

واستنتج المرصد، أن المياه في العراق ملوثة بشكل كبير، والنفط ومياه الصرف الصحي والمخلفات الطبية، ترمى جميعها في الأنهر. ودعا المرصد خلال تقريره، السلطات المختصة إلى إبداء جدية أكبر وبذل أقصى ما يمكن من الجهود لحل مشكلة تلوّث المياه في العراق، وحثها على الاستماع للخبراء والمختصين في هذا المجال واتخاذ إجراءات وخطوات أكثر فاعلية توازي حجم الخطر الذي يتهدد الجميع وخاصة الفقراء والذين لا يمكنهم شراء المياه النقية المعبئة من محطات خاصة.

ولفت المرصد، إلى أن فئات المجتمع كافة معرّضة لهذا الخطر، إن لم يكن من المياه الملوّثة فمن المزروعات المسقية بها، مشددا على ضرورة إيجاد حل بديل لتصريف مياه الصرف الصحي في الأنهر وأن تتأكد السلطات دائماً من توافق آلية تخلّص المعامل والمصانع والمستشفيات من مخلّفات عملها.