اخر الاخبار

بغداد ـ محمد التميمي

نظم مركز بحثي، قبل ايام، حفل إطلاق استراتيجية تخص العدالة وانهاء الافلات من العقاب، حملت عنوان (العدالة والاستقرار السياسي في العراق)، بحضور مجموعة من المسؤولين والنواب والخبراء والأكاديميين والباحثين المهتمين بهذا الشأن.

وناقش الحاضرون أبرز التحديات التي تواجه العدالة الانتقالية في البلاد ومكافحة الفساد وعدم كفاءة الجهاز الإداري في السلطات الثلاث.

رصيد صفري من العدالة 

وقال في الجلسة النائب المستقل سجاد سالم: إنّ تطبيقات العدالة لانتقالية اصطدمت بجهاز إداري غير كفوء، وهذا ما جعل عمليات جبر الضرر، تستمر لعقدين من الزمن تقريباً.

ونوه إلى أن “الجهاز الإداري والبيروقراطية والفساد الواضح في بعض المفاصل الإدارية، يجعل تطبيق قوانين العدالة الانتقالية تطول لعقدين من الزمن على الرغم من نشوء جيل جديد حالياً، بعيد عن ادراك ما حصل في زمن النظام السابق، لكن اثر السياسات وعدم الانتقال ما زال قائلا إلى الآن”.

وفي ما يتعلق بالاحتجاجات وضحاياها ذكر النائب: “نحن أمام اكثر من 21 الف جريمة وواقعة حصلت في العام 2019 في احتجاجات تشرين، ولكن حتى الآن لم تحل جريمة واحدة، ما عدا إصدار محكمة استئناف واسط حكما على اثنين من الضباط بالإعدام، وكنت محاميا في هذه القضية، وقبل شهرين تم الإفراج عنهما، وهذا يؤكد على أن رصيد العدالة في قضية احتجاجات تشرين تساوي صفرا”.

ولفت إلى ان عامل “الوقت مهم جداً ومع تقادم الوقت فإن الأدلة الجرمية والظرفية آنذاك في وقت الجريمة تذهب، ومن وجهة نظري فأن التحقيق والعثور على جانٍ بهذه الجرائم صعب جداً، واقصى ما سنفعله هو البحث عن مقصرين، علماً أنها تصنف وفق نظام روما للمحكمة الجنائية على أنها جرائم ضد الإنسانية”.

وأوضح النائب، ان هذه الجرائم تحمل طابعين؛ الأول، انها ارتكبت على نطاق واسع في مختلف المحافظات العراقية. والثاني، أنها كانت ممنهجة خاصة جرائم مجزرة جسري السنك والزيتون ومول زيونة، حيث توفرت في هذه الجرائم صفة الاستهداف الممنهج لشريحة من المواطنين المطالبين بحقوقهم. فقدنا الكثير في نطاق تحقيق العدالة بجرائم تشرين، خاصة وان الوقت تقادم إلى درجة كبيرة”.

وخلص سالم إلى انه مع هذا الحجم من الانتهاكات والرصيد الصفري من العدالة “نحن بحاجة الى حلول يجب أن تكون جذرية، لأن الهدف من إنهاء الإفلات من العقاب هو ان لا تتكرر الجريمة في وقت لاحق؛ فجريمة على هذا النطاق وبهذا المستوى حتى لو كان عدد الضحايا قليلا، ففي جوهرها استهداف لمبادئ حقوق الانسان ولجيل جديد راغب في الحرية والتعبير والإصلاح بالنظام الساسي في العراق”.

تعديل قانوني جديد

وفي الجانب الآخر تحدث، ممثل مدير عام دائرة العلاقات مع المنظمات غير الحكومية في هيئة النزاهة صفاء حسين، عن أبرز التحديات التي تواجه هيئة النزاهة في تحقيق العدالة بقضايا مكافحة الفساد، قائلاً: ان الهيئة “ليست جهازا مركزيا او بوليسيا بل تعمل في شقين؛ الأول، الوقاية من الفساد. والشق الثاني، التحقيق والتحري في جرائم الفساد، وعندما شخصنا أمورا تتعلق بالأداء الوظيفي في الكثير من دوائر الدولة، للأسف لم تكن هناك استجابة حقيقية من قبل الدوائر المعنية”.

وعن الفساد في القطاع الخاص وآلية مكافحته أوضح ممثل الهيئة في الجلسة التي نظمها مركز البيان للدراسات والتخطيط التي بقوله ان: “التعديل الاخير لقانون هيئة النزاهة، جرّم الرشوة في القطاع الخاص سواء كان مدنيا ام اجنبيا، وكذلك اضاف جريمة اخرى وهي خيانة الامانة بالنسبة للمنظمات غير الحكومية والنقابات والاتحادات، وجريمة الكسب غير المشروع التي تدخل ضمن اختصاص هيئة النزاهة”.

وأشار حسين الى ان “هناك تعديلا في الوقت القريب على قانون الهيئة، خاصة في ما يتعلق بقانون العقوبات العراقي رقم 111 حيث ان بعض العقوبات لا تتلاءم ومستوى الجريمة التي يرتكبها الموظف او المخالف في دوائر الدولة”، مؤكدا ان” مكافحة الفساد ومحاربته عملية تضامنية ليست خاصة بهيئة النزاهة “.

جهاز إداري غير كفوء

وفي السياق ذاته، قالت الناشطة الحقوقية هناء ادور انه بعد “20 عاما لا نزال نتحدث عن استقرار سياسي مفقود في العراق، وهذه قضية رئيسية؛ ففقدان الاستقرار في العراق منعنا من الوصول الى نتيجة محددة لان الجهاز الاداري غير كفوء في كل السلطات، اضافة الى التشتت مع غياب الارادة السياسية في معالجة الاوضاع”. وتابعت أدور: “إذا لم تجر تصفية الجهاز الإداري بشكل حازم وبتوقيته لن نخرج بنتيجة؛ فهذه القضية تجذرت اجتماعياً وفي داخل مؤسسات الدولة التي فقدت ولاءها للدولة العراقية، وهذا امر خطير يؤدي بنا إلى التدهور، حتى أصبحنا نقول: إننا نعيش في دولة ونظام فاشلين”، بحسب قوله. وأكدت أدور في ختام حديثها أن المعالجات “لا تكون وفق آلية واحدة، وإنما الأساس هو الإرادة السياسية والشعبية وضغط المجتمع المدني وتأثيره، وأيضا معالجات في اليات متنوعة منها مكافحة الفساد وجهاز العدالة، والجهاز التشريعي الذي أدى عدم توازنه وضعف الموجودين فيه  بنا إلى كوارث في معالجات القوانين، بحيث أصبحنا لا نطالب بإصدار قانون خشية أن تذهب لإرادات سياسية موجهة ليس لمصلحة المواطن”.