اخر الاخبار

غزو العراق

انتصار انتهى بسلسلة من الكوارث

بمناسبة الذكرى العشرين للغزو الأمريكي للعراق، كتب المحرر الدبلوماسي لصحيفة الغارديان البريطانية، باتريك وينتور، مقالاً أشار فيه إلى أن ذلك الغزو كان مختلفاً عما قاله رجل الدولة الفرنسي جورج كليمنصو، من أن الحرب هي سلسلة من الكوارث التي تؤدي إلى النصر، لأنه مثّل انتصاراً انتهى بسلسلة من الكوارث، تاركاً تأثيراته السلبية على النظام الدولي والعملية السياسية ومن ساهم في شنه، وعلى ثقة الغرب بنفسه، تلك الثقة التي ولدت بعد انتهاء الحرب الباردة.

وذكّر المقال بالعديد من التحذيرات، التي طرحها الكثيرون من الخبراء في شؤون العراق والشرق الأوسط، قبيل إندلاع الحرب، والتي تم تجاهلها وخاصة من قبل الساخر بوش وحلفائه، مؤكداً بأن إقدام هؤلاء على غزو العراق واحتلاله وإدارته، رغم جهلهم بظروفه، مثّل غطرسة بإمتياز.

أخطاء بلا حدود

وأعرب الكاتب عن اعتقاده بإرتكاب المحتلين لمجموعة من الأخطاء كتفكيك الدولة وحل الجيش واجتثاث البعث وعدم الانتباه إلى ما تركه الحصار الطويل على البلد والمجتمع من آثار كارثية وأخيراً عدم وجود خطة متماسكة متفق عليها لمن سيحل محل الدكتاتور. وعزا وينتور الصراع الطائفي الذي حدث وظهور تنظيم القاعدة الإرهابي وولادة الخلافة المزعومة لداعش وتعزيز دور إيران الإقليمي وتواصل العنف وتواصل سقوط الضحايا، الذين تجاوز عددهم 400 ألف عراقي، إلى حدوث تلك الأخطاء، معتبراً فوضى الديمقراطية في العراق، مبرراً ساقته الأنظمة القمعية لوأد الربيع العربي.

ازدواجية معايير

وأرجع الكاتب المخاوف التي يشعر بها الغرب من إحتمال حدوث تغييرات دراماتيكية في إيران وروسيا، إلى نتائج غزو العراق، وفي مقدمتها قيام حكومات فاسدة وطائفية في هذا البلد، على حد تعبيره. كما أكد بأن لا أحد سيأخذ بجدية إدانة واشنطن للغزو الروسي لأوكرانيا وحرصها على السيادة الوطنية وسلامة الأراضي وميثاق الأمم المتحدة، لأنه سيتذكر فوراً ما حدث في العراق العام 2003.

قلق دول المنطقة

وأشار الكاتب إلى أن الحرب قد أشعرت السعودية، حليف الولايات المتحدة على المدى الطويل، بالقلق لأنها كانت قد حذرت بوش من مخاطر استيراد الديمقراطية فجأة إلى العراق، ولم تؤيد الانتخابات أو تتقبل بروح رياضية نتائجها. كما سارعت إيران إلى استغلال فراغ السلطة في بغداد وبنت في النهاية سياسة خارجية تقوم على توسيع العمق الاستراتيجي لبلادها، وأحتل حلفاؤها ثلثي مقاعد مجلس النواب في العراق. ويبدو أن هذا القلق وتلك النتائج قد أطاحت بالفكرة التي تبناها بوش وأصحابه من أن (بقاء الحرية في أرضنا يعتمد بشكل متزايد على نجاح الحرية في أراض أخرى)، فتخلى الغرب عن التدخل المباشر، على الأقل في الوقت الحاضر.

العراق اليوم

ويشير الكاتب إلى أن البلاد، رغم كل المآسي، تعيش تحولًا عاطفيًا، بالإبتعاد عن الهوية الطائفية، وأن هذا التحول قد بدأ مع انتفاضة تشرين 2019، حين إجتمع الشباب، سنة وشيعة، في ثورة ضد فساد الطبقة الحاكمة بأكملها، ضد النظام السياسي المبني على المحاصصة، والتقسيم العرقي الطائفي للغنائم، وهو نظام صممه بعض المعارضين لنظام صدام حسين في التسعينات بمساعدة وزارة الخارجية البريطانية.

وحذر المقال من أن فشل الإنتفاضة في تحقيق جميع أهدافها، وتواصل هيمنة نظام المحاصصة على البلاد، قد أصاب الناس بخيبة أمل وخلق حنيناً إلى دولة قوية، وقد يُفقد قطاع من الشباب، ثقتهم في الديمقراطية، التي كانوا يأملون أن تضمن لهم حقوقهم الاجتماعية ـ الاقتصادية.

  نأمل خيراً

في تعليق لها حول الإتفاق الإيراني السعودي لإستئناف العلاقات بين البلدين، وتأثير ذلك على العراق، ذكرت وكالة رويترز بأنه ومنذ الإطاحة بصدام حسين في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، عمقت إيران نفوذها السياسي والأمني والاقتصادي في هذا البلد، بشكل آثار قلق السعودية، وأعاق عودة الدفء للعلاقات بين الرياض وبغداد. وأشارت الوكالة إلى أحداث سببت بعض التوتر بين البلدين، كالهجوم على منشأت نفطية سعودية عام 2019، بطائرة مسيرة، قيل إنها إيرانية وإنها حلقت فوق الأجواء العراقية. وأضافت الوكالة بأن العام التالي قد شهد تحسنا في العلاقات أدى إلى إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين، ثم إستضافة بغداد لمحادثات مباشرة بين جارتيها، والتي كانت مقدمة مهمة للإتفاق. وذكرت الوكالة بأن بغداد قد رحبت بالاتفاق ووصفته بأنه وسيلة “لفتح صفحة جديدة”، في وقت يأمل فيه العراقيون حدوث انفراجة في المنطقة تسمح لهم بإعادة بناء بلادهم، بدلا من حالة عدم الاستقرار التي تشهدها، بسبب الصراع بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي وإيران.