اخر الاخبار

جدل لا ينتهي في العراق

حول قانون الإنتخابات

نشر موقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مقالاً للكاتب المتخصص تونا إيغون حول الإستعدادات التي تجريها القوى المتنفذة في البلاد لتغيير القانون الانتخابي مرة أخرى، وما يسببه ذلك من تواصل لحالة عدم الاستقرار، إلى الحد الذي يضعف شرعية النظام بإستمرار.

قانون في كل انتخابات

وأشار المقال إلى أن القراءة الأولى لتعديل قانون الانتخابات قد تضمنت تطبيقاً خاصاً لنظام سانت ليغو لتوزيع مقاعد البرلمان، وهو ما لا ترتضيه كتل عديدة كالصدريين وأنصار الحراك الإحتجاجي وكتل ناشئة مثل امتداد وإشراقة كانون.

وإذا كان تشكيل الحكومة بعد أية إنتخابات خطوة حاسمة في العمليات الديمقراطية التي تجري في العالم، فإنها وحسب الكاتب، عملية شاقة وطويلة في العراق منذ عام 2003، تستغرق مابين 98 يوماً في العام 2005 و382 يوماً في العام 2021، وذلك بسبب تأثير عوامل عديدة، داخلية وخارجية، من أبرزها آليات النظام الانتخابي المستخدم والظروف الأمنية التي تمر بها البلاد.

فعلى الرغم من إجراء خمسة انتخابات نيابية، فإن طريقة توزيع المقاعد تغيرت بشكل مستمر، حيث أُجبر الناخبون في الإنتخابات الأولى على إختيار القوائم التي نظمتها الأحزاب السياسية ولم يُمنحوا فرصة لاختيار مرشحهم المفضل ممن أدرجت أسماؤهم في القوائم. ومنح ذلك الأحزاب فرصة تشكيل السلطة التشريعية على هواها. وبعد أن قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية هذا القانون الانتخابي، أجريت عليه تعديلات في إنتخابات 2010 سمحت للناخبين بتسمية مرشحيهم. لكن الكتل المتنفذة سارعت لتعديل القانون في إنتخابات 2014، وإستخدام نسخة معّدلة من نظام سانت ليغو، تبتدأ بتقسيم الأطوات على 1.5 بدل 1. ثم رفعت سقف البداية إلى التقسيم على 1.7 في تعديل آخر للقانون في إنتخابات 2018، وهو تعديل شدد الخناق على المرشحين المستقلين والأحزاب السياسية الأصغر وخلق إحباطاً كبيراً بين الناخبين الذين شعروا بأن أصواتهم لم تسمع.

وبسبب إنتفاضة تشرين 2019، التي خلقت العديد من التغييرات على المستوى السياسي والاجتماعي، شرّع قانون إنتخابي جديد، سمح باستخدام صوت واحد غير قابل للتحويل، وقسّم العراق إلى 83 دائرة انتخابية. غير أن إنسحاب التيار الصدري من البرلمان وضعف القوى الناشئة ومحدودية تأثيرها، سمح للقوى المتنفذة بالعمل على تغيير القانون من جديد وبإستخدام صيغة مّعدلة، يبتدأ فيها تقسيم الأصوات بـ 1.9. ويبدو أن خصوم الصدريين، عازمون على تغيير القانون السابق، الذي سبق وخدم التيار، حين رفع من عدد مقاعده الأربعة والخمسين التي حصل عليها عام 2018 بعد أن صوت له 14 في المائة من الناخبين، إلى 74 مقعداً في 2021 رغم تصويت 10 في المائة من الناخبين له.

سانت ليغو المعدلّة

وأعرب الكاتب عن إعتقاده بأن الصيغة المعّدلة لنظام سانت ليغو، ستقدم خدمة كبيرة، للكتل المتنفذة وتقلص من فرص تحقيق المستقلين والكتل الناشئة وممثلي الحراك الإحتجاجي، لنتائج مؤثرة على مستقبل السلطة التشريعية. غير أن هذا النجاح المتوقع، سيجعل الوضع السياسي في البلاد على المحك، حسب رأي الكاتب، الذي وجد بأنه لضمان استقرار ووحدة البلاد، لا بد من معالجة عدد من العوامل الرئيسية الفاعلة، كتشريع نظام انتخابي عادل ونزيه، وكإختيار مفوضية إنتخاب مستقلة حقاً، بحيث يمكنها أن تشرف على العملية الانتخابية دون أن تتأثر بالأحزاب السياسية أو مجموعات الضغط المختلفة، لاسيما بعد أن أدى تشكيل هذه المفوضية بالمحاصصة إلى فشلها وإلى الطعن في مصداقية عملها.

وذكّر المقال بالإنتقادات الكبيرة التي لقيها قرار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بمنع المغتربين العراقيين من التصويت، والإعلانات الكاذبة التي صدرت عنها حول النتائج الأولية، وهي إنتقادات إعتبرت المفوضية منحازة بشكل واضح للقوى المهيمنة على المال والسلطة.

وإعتبر الكاتب إزاحة الإنتماءات الفرعية عند التصويت، وإعلاء شأن الهوية الوطنية واحتياجات البلاد، شرطين أساسيين لتحقيق الإنتخابات أهدافها المرتجاة، اذ ستبقى العملية تدور في حلقة مفرغة، مادامت تتغيير، قانوناً وتفاصيلاً ومفوضيةً، في كل مرة، لصالح من يحكم!