اخر الاخبار

العراق والطاقة المتجددة

تحت هذا العنوان، كتبت الباحثة في شؤون الطاقة جيسكا عبيد، مقالاً لمعهد الشرق الأوسط للدراسات، ذكرت فيه بأن جهود تحسين البنية التحتية للكهرباء في البلاد قد تباطأت منذ إحتلالها عام 2003، على الرغم من كونها خامس أكبر احتياطي للنفط الخام في العالم والدولة التي تحتل الموقع 12 على قائمة أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة. وأشارت إلى أن المواطنين لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى خدمة كهرباء موثوقة، مما يتعين عليهم الاعتماد على مولدات الديزل باهظة الثمن في الأحياء لسد بعض الفجوة. وأعربت الكاتبة عن إعتقادها بحاجة العراق لإستكشاف بدائل أنظف، مثل أنظمة الطاقة المتجددة.

بلد نفطي

وأوضحت الكاتبة بأنه وعلى الرغم من أن العراق هو أحد أكبر منتجي النفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، حيث يحتل المرتبة الثانية بعد السعودية، ويمتلك 17 في المائة من احتياطيات النفط المؤكدة في الشرق الأوسط و 8 في المائة من الاحتياطيات العالمية، فأن قطاع الطاقة فيه مرهون بأشكاليتين رئيسيتين، النمو غير المستدام في الطلب على الطاقة من جهة وقلة الاستثمار من جهة موازية.

شحة الكهرباء

وذكر المقال بأن السعة المركبة لتوليد الطاقة الكهربائية قد بلغت حوالي 30 كيغاواط نظرياً، لكنها لا تبلغ في الحقيقة سوى 23.4 كيغاواط فقط، فيما تحتاج البلاد عملياً إلى 34.18 كيغاواط. وتغطي المولدات العاملة بالديزل قسما من الفرق بين العرض والطلب، وهي مولدات منتشرة في جميع أنحاء العراق، لدرجة أن البلاد تحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم من حيث عدد مولدات الديزل لكل فرد.

ورغم ما أنفق من أموال، بينت الكاتبة، بإن النمو السنوي في إنتاج الكهرباء، لا يتعدى 5 في المائة، فيما يزداد الطلب بنسبة 8 في المائة سنوياً. مؤكدة على وجود عوامل عديدة تزيد من عدم التناغم بين العرض والطلب تعقيداً، كالخسائر الكبيرة التي تحدث بسبب الخلل في عمليات النقل والتوزيع، وسوء الصيانة والصراعات وتفشي الفساد وضعف إجراءات جباية تكاليف الإستهلاك والتي تسبب هدراً يتراوح بين 40 و 50 في المائة من الواردات.

مشكلة المناخ

ورأت جيسكا عبيد في مقالها أن توليد الطاقة غير مرن ويتفاقم بفعل تأثيرات تغير المناخ، التي يعد العراق خامس دولة معرضة لها على مستوى العالم، بما في ذلك درجات الحرارة المرتفعة والجفاف والفيضانات والعواصف الرملية. وإذ تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والجفاف إلى زيادة الطلب على الكهرباء، فإنها تقلل من العرض بسبب تأثيراتها السلبية على كفاءة الإنتاج والنقل والتوزيع.

تكامل الطاقة المتجددة

وذكّرت الكاتبة بالقاعدة القوية من الطاقة المتجددة المحتملة التي يتمتع بها العراق، كتوفر مستويات كبيرة من الإشعاع الشمسي، وسرعات رياح مجدية اقتصاديًا في بعض المناطق، وينابيع ساخنة يمكن أن توفر فرصة لتطوير الطاقة الحرارية الأرضية. وخلصت إلى أن توليد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة سيؤدي إلى زيادة أمن الطاقة وتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتي تمثل ما يقرب من نصف إجمالي الانبعاثات في العراق.

الا أن الكاتبة عادت وأعربت عن قلقها من مجموعة التحديات التي ستواجه دمج أنظمة الطاقة المتجددة المتغيرة مثل الخلايا الكهروضوئية الشمسية وتوربينات الرياح، بسبب الحاجة لأنظمة طاقة مرنة، وسعة شبكة موسعة وحديثة، وأنظمة تخزين متطورة، وقدرة نقل كبيرة لنقل الكهرباء المولدة عبر مسافات طويلة، لاسيما مع ضعف شبكات البلاد ونقص الاستثمارات وإرتفاع الخسائر.

تشجيع الإستثمار

وبسبب ما تتطلبه هذه الإستراتيجية من استثمارات رأسمالية ضخمة، دعا المقال إلى خلق مناخ مناسب لجذب المطّورين والممولين، والقضاء على أية مخاطر للفساد، بشكل عملي وحقيقي وعبر آليات محاسبة ومتابعة قوية، وبما يؤّمن للمستثمرين ثقة بالسوق العراقية، من ناحية الأرباح والاستقرار، إضافة إلى وجود منافسة نزيهة وذات مصداقية بين المتقدمين لتطوير سوق الكهرباء في البلاد.