اخر الاخبار

أثار الزلزال المزدوج المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا في السادس من الشهر الجاري، مخاوف العراقيين من احتمالية انهيار منازلهم ومبانيهم إثر زلازل مشابهة، لا سيما بعد تكرار هزات أرضية في البلاد خلال السنوات الأخيرة، وآخرها الهزة التي ضربت أربيل وسهل نينوى فجر السبت الماضي.

فيما تستعد وزارة الاعمار والاسكان، لعمل محددات تصميمية انشائية لجميع المباني في البلاد، تلتزم بها الدوائر والمكاتب الهندسية الحكومية والأهلية، لتكون المباني آمنة في حال وقوع زلازل، في ظل توقعات بدخول العراق المنطقة الزلزالية عام 2050.

وكانت مديرية الدفاع المدني قد أعلنت في نهاية العام الماضي، عن جود نحو 2.517 مبنى مهدّدة بالانهيار في عموم البلاد، موضحة في بيان الصحفي أن تلك الأبنية غير مطابقة للمواصفات الهندسية، وتعاني تشققات خطيرة. بينما يرى متابعون واختصاصيون في المجال الهندسي، أن المباني التي شُيّدت خلال السنوات الأخيرة في البلد، والتي تُشيَّد حالياً، معظمها غير مطابق للمواصفات النوعية، ولا يخضع لعمليات كشف من قبل الجهات المسؤولة.

تغيير خارطة البناء

المواطنة أم عذراء من كربلاء، كانت تستعد لبناء منزل على قطعة أرض تملكها مساحتها 150 مترا مربعا، لكن الهزات الأرضية الأخيرة أقلقتها وأجبرتها على تغيير خارطة البناء والمواد الإنشائية التي كانت قد أعدتها مسبقا.

تقول أم عذراء في حديث صحفي، أنه “كنت قد أعدد خارطة لدى أحد المهندسين، وخصصت أموالا لشراء مواد بناء تقليدية”، مستدركة “لكن بعد كارثة الزلزال الأخير وتداعياته، اضطررت إلى تغيير الخارطة ومواد البناء بما يحقق الحماية والسلامة لعائلتي”.

محددات تصميمية

من جانبه، يقول مدير المركز الوطني للاستشارات الهندسية، أحد تشكيلات وزارة الإعمار والإسكان والبلديات، حسن مدب، أن “العمل جارٍ لوضع مُحددات تصميمية انشائية لجميع المباني، سواء ذات الطوابق المتعددة أم المنازل، لتكون آمنة في حال حدوث زلازل، لأنه من المتوقع أن يدخل العراق عام 2050 ضمن المنطقة الزلزالية في العالم”.

ويشير في حديث صحفي، إلى أن “هذه المحددات سوف تصبح ثقافة عامة في العراق، ويتبعها جميع الدوائر الهندسية. لذلك نأمل أن يتم إصدار أمر وزاري أو من الأمانة العامة، لتطبيق هذه المحددات الانشائية على التصاميم، ما يجعل المباني آمنة أثناء الزلازل”، مؤكدا أنه “قريباً سوف يعقد مؤتمر في هذا الخصوص”.

وعن كيفية تحديد المباني الآمنة، يوضح مدب أنه “إذا كانت المباني – يقصد العامودية - مستخدمة فيها هياكل كونكريتية عامودية متصلة مع السقوف، فهي آمنة. أمّا إذا لم تستخدم فيها مثل هذه الهياكل، فستتضرر حسب شدة الزلزال وقوة البناء”، مستدركا: “لكن في البناء الاعتيادي التقليدي تكون الجدران مبنية من الطابوق، والسقف يكون كونكريتا مسلّحا، ومثل هذا النوع من المباني لا يتأثر بالزلازل”.

أبنية تصمد أمام الزلازل

المهندس المدني فارس كريم، يذكر أن “المنشآت المصممة والمنفذة بالشكل الصحيح قادرة على الصمود أمام الزلازل، ومن أهم هذه الأبنية هي الهيكلية التي تتألف من أعمدة خرسانية، فضلا عن المباني ذات الارتفاعات القليلة والمتوسطة، فهذه أيضا تكون أكثر مُقاومة من المباني ذات الارتفاعات العالية”.

ويلفت في حديث صحفي، إلى أن “الأسباب الرئيسة لانهيار الأبنية هي نقص الحديد في الخرسانة، وضعف الاسمنت المستخدم فيها. كذلك طبيعة التصاميم الهندسية، فهذه لها دور أساسي في ثبات أو انهيار الأبنية”.

“مثلث” الهزّات الأرضية

يحدد مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي العراقية، عامر الجابري، “مثلث” مناطق الهزّات الأرضية في العراق، مبيناً أن العراق ليست فيه المؤثرات الطبيعية التي تتسبب في حركة الصخور وقشرة الأرض، من بحار عظمى ومناطق جبلية شاسعة.

ويشير في حديث صحفي، إلى أن هيئة الأنواء الجوية شخّصت مناطق تعتبرها مثلثا للهزات الأرضية، وهي جمجمال وكلار في السليمانية، وخانقين ومندلي في ديالى، وقضاء بدرة في واسط.

ويلفت إلى أن معظم الهزّات الأرضية التي تحصل داخل العراق، والتي قد يشعر بها المواطنون أحياناً، لا تخلّف خسائر بشرية أو مادية.

مواد بناء تقليدية

إلى ذلك، يتحدث المقاول والخبير في مجال البناء، هشام الدخيل، عن مواد البناء المستخدمة في العراق، مبينا أن “البلاد لا تزال تستخدم مواد وطرق بناء تقليدية”.

ويؤكد في حديث صحفي أن “المسألة تبقى رهن ضمير المقاول وصاحب البناء. فهو الذي يتحكم في توفير المواد ذات المواصفات العالمية الجيدة”.

ويوضّح الدخيل أن “طبيعة البناء تختلف بين منطقة وأخرى. فمثلاً في المحافظات الغربية يستخدمون الحجر إضافة للطابوق، كونه متوفرا لديهم. وفي الشمال يستخدمون البلوك المضغوط. أما في محافظات الوسط والجنوب، فعلى الرغم من وجود البلوك إلا أن الناس يفضلون استخدام الطابوق”.

ويلفت إلى أن “الأسلم من كل النواحي هو الطابوق. أمّا الثرمستون فهو خفيف ويُفضل استخدامه في المناطق المعرّضة للزلازل، كونه لن يؤذي كثيرا فيما إذا وقع على شخص مقارنة بالبلوك الصلب المستخدم في المناطق الشمالية. كذلك ان الثرمستون مادة عازلة في الصيف والشتاء، وأسعاره قريبة من البلوك”.

وينبه المقاول إلى “ضرورة الابتعاد عن المواد الانشائية الرديئة، لأن لها مردودا عكسيا على جودة البناء. إذ سرعان ما ينهار المبنى في حال حصول أي شيء”، ناصحا باستخدام مواد البناء المصنوعة محليا “كونها جيدة وعليها رقابة”.