اخر الاخبار

هموم الطاقة

بين بغداد وأربيل

حول هذا الموضوع كتب الباحث بلال وهاب مقالاً لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ذكر فيه بأن القرارات القضائية، المحلية والدولية، التي قد تعزز من موقف الحكومة الإتحادية في خلافها مع حكومة إقليم كردستان حول ملف الطاقة، تتطلب تعاملاً دقيقاً كي يتم تجنب أي مآزق سياسية ودبلوماسية وصناعية مع دول الجوار والعالم.

دولة واحدة، سياستان للطاقة

وأشار المقال إلى مفارقة وجود سياستين للطاقة والصناعة في العراق، بسبب بعض الغموض الذي يكتنف الدستور، وعدم إقرار مجلس النواب حتى الآن قانون وطني للنفط والغاز ينظم المسؤولية المشتركة بين المركز والإقليم عن هذا الملف، كما نص على ذلك الدستور، مما جعل الأمر خاضعاً للمواقف السياسية وتحولاتها. وأعرب وهاب عن إعتقاده بوجود حالة من التوازن بين الضغوط السياسية والقانونية والمالية والعسكرية التي تمارسها الحكومة الإتحادية على إقليم كردستان وبين قدرة أربيل على مواجهة تلك الضغوط، وهو توازن، وإن أبقى على التعايش الإيجابي بين الطرفين، فقد أضر كثيراً بهما، جراء الفشل في تحقيق أقصى قدر من العائدات من مبيعات النفط أو التواصل بشكل موحد مع شركات النفط الدولية أو مع “أوبك”، إضافة إلى تجزئة سوق الطاقة وعدم القدرة على ربط صناعات الطاقة الخاصة بكل منهما وتحقيق أقصى قدر من الإيرادات. كما أجبر ذلك أربيل على بيع نفطها بخصم وصل إلى 15-18 دولاراً للبرميل عن سعر السوق، والرضوخ لإشتراطات تركيا وشركات النفط الدولية وتجاره، مما أثقل كاهل مواردها المالية بديون تلتهم 60 في المائة من إجمالي عائدات النفط، فيما يذهب 800 مليون دولار منها لسياسة تشغيل سخية تنتهجها الحكومة. وأضر الخلاف ببغداد أيضاً، حيث إمتنعت شركتا “إكسون” و”شيل” من مواصلة الإستثمار وواصل العراق شراء الغاز والطاقة من إيران، بأثمان باهظة، لتعويض ثلث ما يحتاجه فيما يحرق نصف الغاز الطبيعي الذي ينتجه.

مشاكل محلية، تداعيات دولية

وشرح المقال الخلفية التاريخية للمشكلة والمتمثلة في عجز مجلس النواب العراقي عن إقرار قانون للنفط والغاز منذ 2007 بسبب الصراعات بين كتله المتنفذة، وتمّكن حكومة اقليم كردستان من عقد شراكات إنتاجية مع شركات أجنبية، أفضت للبدء بتصدير النفط منذ 2014 عبر ميناء جيهان التركي، مما أدى إلى قيام بغداد بمقاضاة أنقرة في “محكمة التحكيم الدولية”، التي يبدو أنها أصدرت حكمها لصالح بغداد الآن، وهو ما يعني تعويضات بمليارات الدولارات والمزيد من الضغوط والمشاكل السياسية والاقتصادية لحكومة أربيل، وأمتداد تأثير ذلك على علاقات الطرفين بدول الجوار ومراكز القرار الدولي. كما ألقى المقال نظرة تفصيلية على المشاكل السياسية الداخلية في الإقليم وفي عموم العراق، وما تتركه من آثار سلبية على إيجاد حلول للعديد من المشاكل المستعصية التي تواجه البلاد.

مسار الخروج من الأزمة

وتطرق الباحث في مقاله إلى مجموعة تصورات، وجد فيها خارطة طريق للخروج من الأزمة، تمثلت في توحيد المواقف داخل إقليم كردستان، بين الحزبين الرئيسيين، ثم العمل بإرادة سياسية ذات جوهر وطني لحل الخلافات بين الإقليم والحكومة الإتحادية والتخلي عن أية سياسات شعبوية تنتهجها بعض الأطراف، مما يضعف الثقة، المتهالكة أصلاً، بين الجانبين.

كما أشار إلى أهمية تعاضد بغداد وأربيل في تعامل موحد مع تركيا بحيث تحقق الأولى التي تستورد 13.7 مليار دولار من تركيا سنوياً، صفقة ناجحة بشأن تدفقات المياه وأمن الحدود وصادرات الطاقة، فيما تبدد أربيل حذر المستثمرين المتنامي وتراجعهم عن بعض العقود وتخفف من الضغوط التركية والأيرانية عليها وتجد حلولاً لملف الديون.

وأضاف الباحث وهاب إلى أن من فوائد حل المشكلة وتوحيد الموقف، يأتي أيضاً تطوير العلاقات مع الخليج عبر الربط الكهربائي وزيادة الإستثمار (هناك 10 مليارات دولار خصصتها السعودية للإستثمار في العراق) وإطلاق تصدير الغاز والإستفادة من النقص الخطير بإيراداته في السوق العالمية والتخلص من شراء الغاز الإيراني باهض الثمن، إضافة إلى تحقيق استقرار سياسي أفضل في البلاد.