اخر الاخبار

حول توازن علاقات العراق

مع واشنطن وطهران

أشار ديفيد شينكر، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ومسؤول قسم الدراسات العربية، في مقال له نشره على موقع المعهد، الى أن مواقف الحكومة العراقية الجديدة، ليست سوى امتداد للمسار الذي اتبعته سابقاتها، والذي يرتكز على تبني سياسة متوازنة بين واشنطن وطهران، تضمن عدم تدهور العلاقات مع الأولى وتلبية المطالب الشرهة للثانية، وهو ما ظهر جلياً في تزامن زيارتيّ بريت ماكغورك، منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الإيراني، إلى بغداد قبل أسابيع.

وأعرب كاتب المقال عن اعتقاده بأن من المبكر التنبؤ بنجاح رئيس الحكومة في إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة واسترضائها، في ذات الوقت الذي تتواصل فيه بهدوء صلته المتينة بطهران، لا سيما في ظل معارضة حلفائه وإيران لتواجد القوات العسكرية الأمريكية، التي اُستبدل إسمها من قوات قتالية الى إستشارية إثر قرار برلماني، طالب بسحبها من العراق فوراً.

موقف حاسم

ووصف الكاتب التصريحات التي كان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قد أدلى بها لصحيفة وول ستريت جورنال، والتي أعرب فيها عن تمسكه باتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وبضرورة بقاء قواتها من اجل ضمان الهزيمة النهائية للإرهاب، بأنها تصريحات جريئة. ورأى أن استمرار هذا الموقف الحاسم، في ظل تحديات كبيرة، إنما يعتمد على توفر شرطين: موازنة كافية للإنفاق العسكري وتسامح من حلفاء إيران مع هذا البقاء.

تحديات كثيرة

وحول أهم التحديات التي تواجه السوداني، ذكّر المقال بزيارة وفد إيراني الى بغداد للضغط بإتجاه الإقرار بأن الجنرال قاسم سليماني، الذي إغتالته واشنطن قرب مطار بغداد، كان في زيارة رسمية الى العراق في حينها، وذلك لمساعدة طهران في مواصلة إجراءاتها القانونية ضد واشنطن على فعلتها تلك. الا إن حكومة بغداد إكتفت بإدانة العمل بإعتباره انتهاكًا صارخًا للأرض والسيادة العراقية، دون أن توافق على المشاركة في إنشاء محكمة ثنائية مع إيران لتدويل القضية.

ورأى شينكر أن التحدي الثاني يكمن في التعاون مع واشنطن من أجل إيقاف تهريب الدولار الى الجارة الشرقية، والتي تفرض الولايات المتحدة عليها عقوبات صارمة، حيث سيساعد ذلك في إدامة تنفيذ تلك العقوبات من جهة وسيخدم من جهة أخرى مهمة الحد من الفساد وتنشيط القطاع المصرفي وتنمية الاقتصاد في العراق.

وبرزت حسب المقال بعض التحديات الثانوية، كالشكوى التي قدمتها طهران للعراق وطلبها الإعتذار منه  عن استخدامه لمصطلح “الخليج العربي” خلال بطولة إقليمية بكرة القدم بدلاً من “الخليج الفارسي”، وهي شكوى لاقت تذمراً من العراقيين، سعى رئيس الحكومة لإستثماره، ربما لتعزيز شعبيته.

ويشكّل توزيع مواقع المسؤولية (الوزارات ومكتبه الشخصي ومحافظ البنك المركزي وبعض المواقع المهمة في جهاز المخابرات) على الكتل السياسية، تحدياً آخر، حيث كثُر الجدل حول ذلك بين حلفاء طهران والمختلفين معها، لا سيما بين من اعتبر إجراءات رئيس الحكومة متوازنة ومن يراها منحازة للذين منحوه الموقع الأول في البلاد.

الخلاصة

وتوصل شينكر في مقاله الى إستنتاج مفاده وجود علاقة تكافلية بين رئيس الحكومة “المعتدل”، وحلفائه “المتشددين”.. علاقة يحرص الطرفان على صيانتها وإدامتها، رغم المخاوف من تعرضها الى إنتكاسات متوقعة، جراء الحاجة لتوزيع المزيد من المناصب الحكومية العليا وتلبية مطالب الأطراف المختلفة من اموال الميزانية، كتوظيف 300 ألف موظف حكومي جديد، ممن ترشحهم وتدعم توظيفهم القوى الحليفة لرئيس الحكومة.

كما لا بد من التذكير - حسب المقال - بالصعوبات التي سيواجهها السوداني في محاربة الفساد وتحسين الاقتصاد في ظل الضغوط الإقليمية والمحلية، ومحاولاته إطالة عمر حكومته، حتى ولو تخلى عن وعده بإجراء إنتخابات تشريعية مبكرة.