اخر الاخبار

اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقريرها السنوي الذي يغطي أحداث سنة 2022 في 100 دولة، أن الحكومة السابقة في العراق، لم تتمكن من تلبية المطالب الرئيسية التي طرحها محتجو تشرين في خريف العام 2019، مؤكدة ان قضايا قتل وتغييب المتظاهرين لم تتحقق فيها أية مساءلة قانونية.

عدالة غائبة

ووجدت “هيومن رايتس ووتش”، في تقريرها أنّ “الحكومة السابقة  شكّلت لجنة في تشرين الأول 2020 لتقصي الحقائق بشأن أعمال العنف التي حصلت والمسؤولين عنها”، مستدركة “لكنها لم تحقق أي تقدم نحو العدالة بين 2020 وتشرين الأول 2022”.

وبحسب هيومن رايتس ووتش، فأنه “لم تتحقق أية مساءلة قانونية في حالات قتل وتشويه واختفاء المتظاهرين. وحتى بالنسبة للاغتيالات البارزة لنشطاء مثل ريهام يعقوب في البصرة في آب 2020”، مضيفة “في 2021، روّجت الحكومة اعتقال القاتل المزعوم للمحلل الأمني المعروف هشام الهاشمي، لكن القضاة في القضية قاموا في مناسبات عديدة بتأجيل المحاكمة دون محاكمة المشتبه به”.

وفي وقت سابق، وعدت الحكومة أيضًا بتعويض الذين قُتل أفراد أسرهم والذين جُرحوا خلال الاحتجاجات، ورأت “هيومن رايتس ووتش”، أن الحكومة نجحت في تقديم تعويضات مالية عن قتل الأشخاص بشكل دفعات لمرة واحدة، بالإضافة إلى دفعات شهرية لعائلات المحتجين الذين قُتلوا أثناء المظاهرات وبعض الذين جُرحوا، مستدركةً “إلا أن عملية التعويض كانت بطيئة ومرهقة لمعظم الذين سعوا إلى الحصول عليها، مع اضطرار بعض الجرحى إلى الانتظار أكثر من عامين ونصف للحصول على التعويض المالي، وفقط بعد تعيين محامين بتكلفة باهظة للمساعدة في تسريع الطلبات. هذا التعويض ليس له أي تأثير على الإقرار بالذنب من قبل الحكومة أو أي من أفراد الأمن التابعين للدولة الضالعين في أعمال العنف”.

ملاحقة وتكميم للافواه

وسلطت “هيومن رايتس ووتش” الضوء على حالات استهداف منتقدي الحكومة، حيث “تم تقديم شكوى قانونية في 3 شباط ضد الدكتور علي البياتي، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، لأنه سعى إلى التحقيق في مزاعم تعذيب المحتجزين”، معتبرةً أنّ “قضية البياتي القانونية واحدة من قضايا عديدة استُهدف فيها منتقدو الحكومة والمدافعون عن حقوق الإنسان بقوانين تشهير فضفاضة”.

ورأت “هيومن رايتس ووتش” أنّ السلطات في إقليم كردستان العراق، استخدمت خلال 2022 قوانين غامضة الصياغة لاستهداف المنتقدين لتعبيرهم عن آرائهم ونقدهم لأمور يعترضون عليها، فيما ضربت أمثلة بما جرى في آب، حيث “اعتقلت السلطات عشرات الصحفيين والنشطاء قبل التظاهرات المخطط لها التي دعا إليها منتقدو حكومة إقليم كردستان”.

ولم يختلف الوضع في الإقليم عن العام 2021، حيث ذكرت المنظمة أنّ “محكمة جنايات أربيل حكمت على ثلاثة صحفيين ونشطاء بالسجن ست سنوات بعد إدانتهم في إجراءات قضائية شابها انتهاكات خطيرة للمحاكمة العادلة والتدخل السياسي”.

قانون العنف الأسري

وتحدثت “هيومن رايتس ووتش” عن أوضاع النساء العراقيات خلال العام 2022، حيث “تتم محاكمة بعض ضحايا الاتجار بالبشر وإدانتهن بتهمة الدعارة”.

وقالت المنظمة الدولية إنّ “جماعات حقوق المرأة لا تزال ملتزمة بإصدار قانون مناهض للعنف الأسري”، مستدركةً “لكن هذه الجهود توقفت جزئيًا بسبب عملية تشكيل الحكومة المطولة التي تمت تسويتها في تشرين الأول “.

وعدّت “هيومن رايتس ووتش” أنّ “قانون العقوبات العراقي يسمح بالإفلات من العقاب للذكور مرتكبي العنف ضد المرأة، بما في ذلك الأحكام التي تسمح للزوج بمعاقبة زوجته، والوالدين بتأديب أطفالهما، والعقوبات المخففة على أعمال العنف بما في ذلك القتل لما يسمى (دوافع شريفة)، أو إذا قبض الزوج على زوجته أو قريبة له في فعل الزنا/ الجنس خارج الزواج”، مضيفةً “يسمح قانون العقوبات أيضًا لمرتكبي جرائم الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي بالإفلات من الملاحقة القضائية أو إلغاء الأحكام التي صدرت بحقهم إذا تزوجوا ضحيتهم”.

مليون عراقي من غير وثائق

وكشفت “هيومن رايتس ووتش” عن وجود نحو مليون عراقي ـ ممن نزحوا بسبب تنظيم “داعش” ـ غير “قادرين على الحصول على الوثائق المدنية الأساسية”، قائلة إن “الوثائق تشمل ما لا يمكنهم الحصول عليها: شهادات الميلاد والزواج والوفاة، بالإضافة إلى بطاقة الهوية الوطنية الموحدة الجديدة نسبيًا في العراق”.

ووفق التقرير، فقد وثّقت “هيومن رايتس ووتش” ومنظمات أخرى نظام الاغتصاب المنظم والاسترقاق الجنسي والزواج القسري من قبل عناصر داعش للنساء والفتيات الإيزيديات، لكن مع ذلك، والكلام للمنظمة الدولية، أنها “لم تجد أي حالات تمت فيها محاكمة أو إدانة أحد أعضاء داعش على تلك الجرائم المحددة، بما في ذلك الجرائم ضد الإيزيديين التي ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية”.

وأضافت أنه “لا يزال ما يقرب من ثلاثة آلاف طفل وامرأة إيزيديين في عداد المفقودين بعد عمليات الاختطاف التي قام بها داعش”، مستدركة “لكن لم تكن هناك جهود منهجية من قبل السلطات العراقية لإنقاذهم أو ضمان عودتهم. بدلًا من ذلك، وقفت العائلات والمتطوعون الإيزيديون إلى حد كبير وراء جهود الإنقاذ هذه”.

معاناة الايزيديين

وفي آذار 2021، أقرّ البرلمان “قانون الناجيات الإيزيديات” الذي اعتبر العديد من الجرائم التي ارتكبها “داعش” إبادة جماعية، بما في ذلك الخطف والاسترقاق الجنسي والزواج القسري والحمل والإجهاض القسري الذي وقع على النساء والفتيات الأيزيديات والتركمان والمسيحيات والشبك، كما ينص القانون على تعويض الضحايا، فضلًا عن تدابير لإعادة تأهيلهن وإدماجهن في المجتمع.

لكنّ “هيومن رايتس ووتش”، رأت أن التنفيذ الفعال لهذا القانون “لم يتحقق بعد”، مرجعة ذلك جزئيًا إلى “الجمود بخصوص تشكيل حكومة جديدة إضافة إلى عدم كفاية التمويل”. وذكرت “المنظمة الدولية للهجرة” التابعة للأمم المتحدة أنّ أكثر من 200 ألف من الناجين الإيزيديين ما زالوا نازحين عن منازلهم.