اخر الاخبار

نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مقالاً على موقعه، بقلم ثلاثة باحثين هم لويس دوغيت وغيث العمري وبلال وهاب حول قمة بغداد 2 التي التأمت في العاصمة الأردنية عمان يوم الثلاثاء 20 كانون الأول، أشاروا فيه إلى أن الحدث الذي ترعاه فرنسا، ويحضره رئيسها إيمانوئيل ماكرون وممثلو الأتحاد الأوربي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، يمكن أن يكون نقطة انطلاق لتعاون أوسع بين الحكومة العراقية الجديدة وجيرانها العرب.

المؤتمر الأول

وكانت قمة بغداد 1، والتي عقدت في أب 2021 في العاصمة العراقية، قد شهدت حضوراً رسميا كبيراً وعدّت نجاحاً دبلوماسياً، رغم الصيغة التوافقية التي إتسم بها بيانها الختامي، لأنها أعادت تأكيد الدعم الإقليمي في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والترويج للعراق كمنطقة تعاون بين الدول المتنافسة بدل أن يصبح ساحة لصراعاتها.

ويبدو أن باريس وبغداد، تحاولان إستثمار النجاح في المؤتمر الأول لمواجهة التحديات التي تسببها الظروف السياسية القلقة في العراق والأزمات التي تعيشها المنطقة، عسى أن تتمكنا من إطلاق تعاون إقليمي ملموس في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك الطاقة. ولهذا يجد المراقبون بأن نجاح المؤتمر الثاني يمكن أن تحدده مؤشرات معينة كإبقاء إستقرار العراق موضوعاً رئيسياً للقمة، ومناقشة مكافحة الإرهاب ثانية، في ظل إختلاف التفسيرات للمصطلح، والمستوى الرسمي لممثلي الدول المشاركة.

اختراق الأردن - العراق

كما يعكس قرار عقد المؤتمر في عمان تطوراً أوسع في علاقات المملكة مع العراق، سواء من منظور أمني، حيث يسعى الأردن إلى إبعاد العناصر الجهادية ووكلاء إيران المسلحين والتهديدات الأخرى عن حدوده الشرقية، أو من منظور دبلوماسي، حيث يريد الأردن إدامة زخم العلاقات الإيجابية كما كانت إبان حكم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، لاسيما بعد أن هدأت مخاوفه من التغيير الحكومي في العراق، إثر قيام رئيس الحكومة الجديدة بأول زيارة له خارج البلاد إلى عمان، وما أبداه من إستعداد على توطيد العلاقات مع الأردن، الذي يريد أن يستثمر الدعم العراقي لتحسين اقتصاده بعد سلسلة من الانتكاسات الاقتصادية بسبب التطورات الإقليمية على مدى العقدين الماضيين، وتفعيل العديد من الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية والمتعددة الأطراف مع بغداد، والتي وقّعت في السنوات الأخيرة.

ولعل أبرز ما ينتظره الأردن، مواصلة العراق تزويده بنفط موثوق ورخيص، واستخدام أراضيه لمرور النفط الخام العراقي للبحر عبر خط أنابيب البصرة – العقبة، وإنجاح مشروع ربط شبكتي البلدين الكهربائيتين في تشرين الأول القادم وبقاء العراق سوقاً للصادرات الأردنية.

مصلحة الحكومة العراقية

ومن وجهة نظر بغداد، يقدم المؤتمر فرصاً مهمة لحكومة السوداني إقليمياً ودولياً، بعد أن نظر إليها البعض من الغربيين والجيران، بأنها حكومة مدعومة من الجهات الفاعلة المؤيدة لإيران. كما يمكن أن يشكل المؤتمر مناسبة لبناء علاقات جيدة مع الجيران العرب حول العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني وغير ذلك، لاسيما دول الخليج التي تخشى التأثير الإيراني على بغداد، وتأمل في ذات الوقت متابعة الحصول على الفرص الاستثمارية العديدة في البلاد. وبديهي أن لا تعترض طهران على المؤتمر لأنها آخر من يريد أن يرى حكومة معزولة في بغداد.

الدور الفرنسي

وأشار المقال إلى أن للعراق دورا مركزيا في سياسة الرئيس الفرنسي الشرق اوسطية، حيث قدمت باريس مساعدات عسكرية وافرة لبغداد، وكانت ثاني أكبر مساهم في عملية العزم الصلب وبعثة الناتو في العراق (NMI)، إضافة إلى الدعم الدبلوماسي والإنساني في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، أو في تعزيز النصر وتحقيق الاستقرار بمساعدات بلغ مجموعها أكثر من 60 مليون يورو منذ عام 2017.

ويعتقد كاتبو المقال بأن العراق يمثل من وجهة نظر فرنسا تقاطعًا رئيسيًا للجهات الفاعلة الإقليمية المؤثرة مثل إيران والمملكة العربية السعودية وتركيا، وأفضل نقطة انطلاق لتخفيف التوترات في الجوار، وسياقًا رئيسيًا لإظهار كيف يمكن للتحديات الدولية مثل الاحتباس الحراري والأمن الغذائي والتصحر وأمن الطاقة والكوارث الصناعية، أن تؤثر على الشرق الأوسط.

الرضا الأمريكي

وذكّر المقال بأن البيت الأبيض سبق له ورحب بمؤتمر بغداد الأول ووصفه بالقمة الإقليمية الناجحة والرائدة، وأن صانعي السياسة الأمريكيين سعداء بمضمون وشكل كلا الحدثين، اللذين يحققان هدفًا شاملاً عقدته واشنطن وباريس على حد سواء، وهو تشجيع المزيد من الانخراط العراقي مع الجيران العرب.