اخر الاخبار

تعكس الآثار العراقية ماضي حضارة ارض ما بين النهرين، وتنقلها الى الحاضر، إذ تمثل واجهة سياحية وثقافية للبلاد، نظرا لاعتبارها موردا اقتصاديا لا يقل اهمية عن الذهب الاسود.

تعاني هذه الاثار اليوم من اهمال كبير بتعاقب الحكومات؛ فبعضها تعرض للسرقة والقسم الاكبر منها لا يزال قابعا تحت الارض بانتظار البعثات الاستكشافية للتنقيب عنه.

وعزا خبراء في مجال التراث هذا الاهمال لـ”قلة التخصيصات المالية”.

غطاء قانوني للآثار

تقول خبيرة الاثار والتراث فوزية المالكي، ان “حماية الاثار والتلال والمواقع التاريخية هي مسؤولية شرطة الاثار، كما هناك حراس مدنيون على هذه المواقع”، مضيفة ان “قانون رقم خمسة وخمسين لعام 2002 يتكفل بحماية الاثار ومعاقبة السراق والمهربين والمتجاوزين على هذه الاراضي”.

ويوجد في دائرة التحريات والتنقيبات ضمن الهيئة العامة للتراث، قسم (التحريات والتنقيبات)، الذي يعمل على اجراء المسوحات الخاصة بالمواقع الاثرية والكشوفات على جميع المواقع والتلول وتثبيت التجاوزات واحالتها للقسم القانوني لمتابعة واتخاذ الاجراءات اللازمة.

وتبين المالكي خلال حديثها لـ”طريق الشعب”، ان “هيئة الاثار عند اكتشافها لموقع اثري جديد، تعمل مباشرة على توثيقه بالطرق العلمية الحديثة ثم تحيله الى المتحف العراقي لغرض ترقيمه في سجلات المتحف، ثم تنشر النتائج والمسوحات في مجلة سومر ومجلة المسكوكات”، مشيرة الى ان هذه الاجراءات هي “نوع من انواع الحماية”.

قلة التخصيصات المالية

وتلفت الى ان “الإهمال تجاه هذا الملف نابع من عدم وجود تخصيص مالي يتناسب مع عدد المواقع الاثرية، حيث ان هيئة الاثار تعمل بإمكانياتها المحددة”، مشيرة الى ان “عدد التلول يتجاوز اثني عشر ألف تل، وأكثر من سبعة آلاف مبنى تراثي”.

وتستعرض خلال حديثها بعض المشكلات: “اغلب التلول الاثرية تقع في مناطق صحراوية معزولة عن مراكز المدن والسكان، ما يجعلها عرضة لأعمال النبش من قبل عصابات التهريب”. وعن الحلول المقترحة تقول ان “هناك حاجة الى توفير طائرات خاصة لملاحقة المهربين في التلال البعيدة واقمار صناعية خاصة لمراقبة حركة عصابات الاثار”.

وبالحديث عن الاثار العراقية الموجودة في الخارج، اشارت المالكي الى وجود مذكرات تعاون وتفاهم مع عدد كبير من المتاحف العالمية التي تستعرض في أروقتها التراث العراقي، كما جرى التعاون مع الإنتربول واليونسكو بشأن هذا الملف.

الآثار في الخارج

وتقول ان “المتحف العراقي استعاد الاف القطع واتخذ الاجراءات اللازمة بحقها”، موضحة ان “الاثار المعروضة في المتاحف الاجنبية وفق معاهدات او مذكرات تفاهم تدعى متاحف متجولة، ووفق هذه المعاهدة يتم الاتفاق على دفع مبالغ سنوية للعراق، اما اذا كانت الاثار قد دخلت هذه المتاحف عن طريق الشراء في المزادات العالمية او من خلال تجار الاثار فلا يمكن ان يفرض عليهم مبالغ مالية اذا لا يوجد قانون يلزمهم بذلك، وانما فقط يمكن اخذ اجراءات قانونية لإثبات عائدتها للعراق، من ثم الحذو لإعادتها للوطن وفق قوانين الدولية وهذا يستغرق سنوات طويلة”.

عمليات تنقيب حديثة

وذكر رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث، ليث مجيد حسين العبودي، في تصريح سابق إن “هناك 18 بعثة، ما بين عراقية وأجنبية من جامعات عالمية رصينة ومؤسسات مهمة، بدأت بعمليات تنقيب في جنوب العراق وجنوب بغداد، أسفرت عن الكشف عن الكنوز الأثرية”. اضافة الى وجود أعمال الصيانة مستمرة في مدينة بابل ومدينة أور والوركاء والقصر العباسي والمدرسة المستنصرية والقشلة، ومن المنتظر وصول بعثة إيطالية للتنقيب عن الآثار في مدينة المدائن ببغداد التي تضم طاق كسرى، أما آثار نفر (نيبور) فستقوم بعثة أميركية بالتنقيب هناك.

الصيانة والحماية

بدوره، يذكر أستاذ تاريخ الفن القديم والاثار، في الجامعة المستنصرية، محمد العبيدي، ان “الاثار من اهم المصادر الاقتصادية للدولة إذا ما استثمرتها بالشكل الصحيح، فيما تعبر عن ماضي الدول وتترجم حضاراتها عبر الازمان”.

ويضيف خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “الدولة تقع على عاتقها مسؤولية توفير الحماية الدستورية والقانونية، وتضع العقوبات اللازمة لمنع تخريبها او التعرض لها”.

ويحث على أهمية تظافر الجهود المحلية من خلال التنسيق مع دوائر الدولة سواء شرطة الامن الوطني والمخابرات وتوفير كادر في المديرية العامة للآثار في المحافظات، والعمل بأجهزة تنقيب وصيانة حديثة، كما يجب نشر الوعي الثقافي والتعريف بأهمية الاثار والمواقع التراثية، من خلال اقامة ندوات بالجامعات او استخدام الاعلام المرئي.

اما في مجال الحماية الامنية، فطالب بـ”توفير الحراسة الكافية، والمستمرة على مدار الساعة في كافة الظروف، فضلا عن التنسيق مع الجهات المختصة لتامين التواجد الامني المجهز بكافة المعدات اللازمة، الذي يحقق الانضباط من خلال مباشرة مهامه في تنفيذ القانون”.