اخر الاخبار

تصاعدت خلال الأشهر الأخيرة ظاهرة تدخل نواب في البرلمان بالعمل الخدمي والوقوف على عمليات تعبيد الشوارع وما شابه ذلك، ومحاولة تجيير العمل إلى صالحهم.

بينما يقول مراقبون إن قانون الانتخابات الذي أقره المجلس النيابي السابق، عزز الروح المناطقية، وجعلها أكثر أهمية من الصفة التمثيلية لعموم الشعب، ما جعل الكثير ينشغلون بإرضاء الجماهير في مناطقهم السكنية حصرا، وذلك عبر استغلال الآليات الحكومية أو الجهود البلدية، وهو نشاط بعيد كل البعد عن مهام النائب وصفته الرسمية.

 تحركات بين نواب ومحافظين

يتحدث مراقبون عن لجوء عدد من المحافظين والمسؤولين الذين لا يتمتعون بنفوذ سياسي إلى الكتل الكبيرة للحفاظ على مناصبهم، وذلك من خلال توظيف الجهود الهندسية والخدمية وإشراك هذه الجهات فيها لتحقيق جانبين؛ الأول هو الحفاظ على المنصب. والثاني لأجل الاحتماء بالجهة الأقوى، لكن ذلك يجعل المتنفذين يسيطرون على مقدرات المحافظات.

ومن ضمن المآخذ التي تطرح ما يتعلق بـ”قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية” والفقرات الجدلية فيه التي لا تمت للأمن الغذائي بأية صلة.

ويخصص القانون في المادة 3/ أولا، مبلغا قدره ثمانية تريليونات دينار من أصل تخصيصات أخرى، لإعمار وتنمية مشاريع في المحافظات غير المنتظمة في اقليم، يتم توزيعها بحسب النسب السكانية وخط الفقر لكل محافظة. ووفق هذه المادة، على المحافظ اعداد خطة المحافظة والاقضية والنواحي وارسالها الى التخطيط لدرستها والمصادقة عليها. كذلك يخصص القانون نسبة 30 في المائة من تخصيصات محافظة بغداد الى أمانة بغداد، وتمول هذه النسبة من كل دفعة تمويل من تخصيصات العاصمة.

تعزيز المناطقية

يقول المحلل السياسي حسين الجاف، ان قانون الانتخابات هو سبب من أسباب هذه المظاهر، لأنه عزز المناطقية بشكل كبير.

ويؤكد الجاف لـ”طريق الشعب”، أن “النائب تحول إلى شخص مشغول بالقضايا الخدمية التي لها مؤسساتها ومسؤولوها، وذلك من أجل كسب رضا الجماهير ومجاملتهم لكن لو أردنا الحديث عن جدية النواب لرأيناهم دخلوا في عطلة تشريعية دون تقديمهم أي شيء يذكر على المستويين التشريعي والرقابي”، مضيفا ان “هذه الظاهرة أخذت منحى استرضائيا وهمّشت القضية الكبرى: الرقابة النيابية والمتابعة وتشريع القوانين التي تهم حياة الناس”.

ويتفق الجاف مع فكرة “محاولة بعض النواب والمحافظين الاستفادة من تخصيصات قانون الأمن الغذائي وتجييرها بهذه الطريقة”، مردفا بأنه “ليس من العيب أن يحاول النائب تقديم الخدمات إلى أهله، لكن لا بد أن تكون معايير حقيقية ومتابعة الدوائر عبر المراقبة الدقيقة”، لافتا إلى أن “الهدف من هذا السلوك هو الاستعداد للانتخابات القادمة التي يقال أنها ستقام بعد عام، وهذا نوع من التأسيس لعلاقة قادمة بين أطراف عديدة. كما أن الرقابة غائبة تقريبا عن أوجه الصرف في الوقت الحالي. هناك حاجة ماسة إلى قوانين حيوية ورقابة فعّالة، وليس الانشغال بتقديم خدمات وقتية، لا تحل جوهر المشكلة”.

 

هل هذا دور النائب؟

أما الناشط البصري عمار القنصل، فيرى أن ما يقوم به بعض النواب لا يليق بهم، ولا يرتقي بمستوى عضو في أعلى سلطة تشريعية في البلاد.

يقول القنصل خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، أن “بعضا من النواب أصبحوا حاليا يفضلون الحضور والنقاش مع مدراء شعب صغيرة ودوائر خدمية عوضا من الذهاب إلى الوزير نفسه أو استدعائه، وذلك بسبب بحثهم عن المنافع من هذه الخدمات”.

ويعتقد الناشط أن مردود هذا السلوك سيكون “سلبيا على أداء مجلس النواب، لكن المجتمع يضغط أيضا على النواب ليأخذوا هذا الدور. مع هذا، فإن أغلب النواب يدركون ما هو الصواب لكنهم يستغلون الأوضاع ومطالبات المجتمع ولا يصححون مسار السلطة التشريعية”.

وعن كيفية الخلاص من مشاهد كهذه، يقول المتحدث أنه لا بد من “إيجاد قانون انتخابي جديد يرتقي بالصورة التمثيلية لعضو مجلس النواب، ويجعله منشغلا بالرقابة ودوره التشريعي، لا أن يتحول الى قائم مقام أو مدير بلدية”.