اخر الاخبار

مرت يوم أمس السبت، الذكرى الخامسة للنصر على الإرهاب الذي أعلن عنه عام 2017 بعد ثلاث سنوات مريرة من الحرب الطاحنة والجرائم البشعة التي ارتكبها «داعش» المجرم بحق المواطنين. 

وآنذاك، استعاد العراق جميع أراضيه من قبضة التنظيم الذي اجتاح مناطق شمال البلاد وفي غربها، وسيطر على ثلث مساحتها بعدما انهارت تشكيلات الجيش العراقي.

يقول مراقبون، أن المعركة مع الإرهاب لم تنته، فهي تتطلب خطوات عديدة قادمة أبرزها تجفيف منابعه ومحاسبة المتسببين بهذه الكارثة من سياسيين وقادة أمنيين، فضلا عن إعادة النظر في المحاصصة الطائفية، وما أنتجته من تشوه أمني ومؤسساتي.

المحاصصة أساس المشكلة

يرى نظير الكندوري (محلل سياسي)، أن أحد أهم أسباب ظهور الإرهاب في العراق، هو التخبط والفشل السياسي الذي رافق العملية السياسية بعد عام 2003 وما قام به الاحتلال الأميركي ببنائه نظاما سياسيا على أساس المكونات، لا الهوية الوطنية التي كانت تعيش تحت ظلها ألوان اجتماعية كثيرة وبشكل متجانس.

ويبيّن الكندوري لـ»طريق الشعب»، أن هذا التقسيم السياسي «مهّد لظهور الجماعات الإرهابية المتطرفة والتي تبنت الخطاب الطائفي لضمان وجودها ولتجنيد الشباب تحت رايتها، حتى أصبحنا نرى تجنيدا وتحشيدا متطرفا عند أكثر من جهة. أما الأحزاب المتنفذة داخل السلطة، فقد تبنت في خطابها السياسي الأفكار الطائفية والقومية لمغازلة مشاعر الأنصار وتحشيدهم حولها من أجل مكاسب انتخابية. في ظل هذا الجو الطائفي، تنشط الجماعات الإرهابية لتبيح لنفسها القتل والتخريب باسم نصرة المذهب أو الدين، وعلى هذا الأساس، فأن الإرادة السياسية للأحزاب الحاكمة سهلت بشكل غير مباشر (وأحيانًا بشكل مباشر) للإرهاب الذي أجتاح البلاد».

ويمضى الكندوري بالقول: «رغم أهمية الجانب العسكري، لكنه ليس الحل الحاسم في المعركة على الإرهاب. الأهم من ذلك، هو التصدي لمنابعه الفكرية التي تستطيع الجماعات الإرهابية ـ على أساسه ـ تجنيد الشباب وإدامة زخم عملها، فالإرهاب يتعكز على الظلم الذي يقع على بعض فئات المجتمع ليعرض نفسه كمدافع عنهم ضد هذا الظلم، فإذا ما تحققت المصالحة المجتمعية بشكل حقيقي وتحققت العدالة الاجتماعية بين جميع أفراد المجتمع، وتم التعامل مع جميع العراقيين على أساس المواطنة بدون تمييز على أساس الدين أو المذهب أو القومية، فسنرى فرقا واضحا في مواجهة هذه الآفة، إضافة إلى منع التدخلات الخارجية التي تمول الإرهاب بالسلاح والمال، لاسيما من قبل دول الجوار».

ما المطلوب القيام به؟

وبشأن المطلوب القيام به من قبل النظام السياسي، يقول المحلل السياسي: إن جدية هذا النظام في مواجهة الإرهاب تتوضح من خلال نقاط عدة أبرزها حصر السلاح المنفلت بيد الدولة وحل المليشيات، وتعزيز حقوق المواطنين وإقرار العدالة الاجتماعية، وتقديم المتسبب في سقوط ثلث العراق بيد التنظيم الإرهابي (داعش) إلى المحاكم سواء كانوا سياسيين أم عسكرين. وأخيرا يمكن القول إن الحكم على أساس طائفي أو عرقي أو محاصصاتي، قد ثبت فشله طيلة العشرين سنة الماضية، ومن المعيب تكرار نفس التجربة لأنها ستسفر عن نفس النتائج، والحل هو العمل على تأسيس حكم وطني رشيد، تكون المواطنة هي الأساس فيه دون انحياز إلى أي قوية أو دين أو مذهب».

أمامنا شوط طويل

يقول عماد علو، وهو لواء ركن متقاعد ومدير «مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والاستراتيجية»، في الذكرى الخامسة لهذا النصر: لا بد من الإشارة إلى تضحيات الشهداء والجرحى من جميع أصناف القوات الامنية، والإشارة أيضا الى أن هذا النصر تحقق بدماء العراقيين على اعتى تنظيم ارهابي في التاريخ الحديث، وأن ما جرى إنجازه انعكس بشكل إيجابي على قواتنا المسلحة، وبشكل مدمر على أداء التنظيم الإرهابي.

ويرى علو خلال حديثه مع «طريق الشعب»، أن التنظيم الإرهابي «بدأ بالانحسار التدريجي، وتوضح للجميع مدى تأثير الضربات التي وجهتها القوات المسلحة للإرهابيين خصوصا على الساحتين العراقية والسورية، وفي منطقة الشرق الأوسط، ما دعاهم إلى محاولة نقل نشاطهم ومراكز ثقلهم إلى قارة إفريقيا نتيجة هذا النصر».

ويلفت الخبير الأمني إلى أن «القوات الأمنية قامت بتصفية أغلب قيادات الخطين الأول والثاني للتنظيم الإرهابي، وهذه استراتيجية مهمة جدا في حرب العصابات. كما ان القوات المسلحة أصبحت تمتلك حاليا خبرات كبيرة ومعلومات استخبارية، إضافة إلى امتلاكها قاعدة بيانات هامة ستستفيد منها كل دول العالم التي تنخرط في جهود مكافحة الإرهاب»، مضيفا أنه «لا يزال هناك شوط كبير لتسليح وتجهيز القوات المسلحة حتى تكون مكافئة لما وصلت اليه جيوش المنطقة من معدات واسلحة ومستوى تدريبي عالِ».

وعن بنية القوات المسلحة، يدعو علو إلى «إعادة النظر بهيكلتها بعد مرحلة ما بعد التحرير، حيث تغيرت نوعية وطبيعة التهديدات ولا بد من إعادة النظر في انفتاح القطعات العسكرية بما يؤمن سلامة وسيادة الأراضي العراقية ودورها في مسك الحدود ومنع التسلسل ومواجهة مافيات المخدرات والتهريب»، مردفا أنه «يجب أيضا حماية الأجواء العراقية من خلال تعزيز قدرات الدفاع الجوي والقوة الجوية. كل هذه نقاط هامة يجب النظر إليها وتطويرها واعدادها بشكل يتناسب مع حجم المتغيرات على الساحة المحلية».