اخر الاخبار

أكثر من خمس سنوات مضت على تحرير المناطق التي احتلها تنظيم داعش الإرهابي، وما زال الايزيديون يعيشون ظروفا مأساوية لا يأبه بها أصحاب القرار الذين يتصارعون على الامتيازات والمناصب. فما بين الأسر والمصير المجهول والعيش في خيام النزوح القاسية التي لا تحميهم من حرارة الصيف والحرائق، ولا من قسوة برد الشتاء، ينتظر الكثير منهم بادرة أمل غابت في ظل مشاهد المحاصصة الطائفية المقيتة.

وتقدم جهات دولية ومراقبون لهذا الشأن، أرقاما يشرحون فيها واقع حال أكثر مرارة مما يشار له في ما يخص الايزيديين.

200 ألف نازح داخلي؟

وفق التقديرات التي تكشف عنها الأمم المتحدة بخصوص الأيزيديين، فأن هناك حوالي 200 ألف مواطن منهم ما زال يعاني من النزوح الداخلي ضمن الآثار الكثيرة المترتبة على ما قام به الإرهابيون ضدهم. وبالإضافة إلى معاناة النزوح ومأساتها.

وتوضح المنظمة الدولية للهجرة في بيان لها أن “الافتقار للمساكن والبنية التحتية والخدمات الأساسية تعيق عودة النازحين الأيزيديين إلى ديارهم وهم يسكنون في مناطق إقليم كردستان وغيرها بعيدا عن قراهم ومدنهم”، لافتة إلى أن “حاجات النازحين الذين يعيش بعضهم داخل مخيمات، لا تزال مرتفعة”.

ويقول الناشط في مجال حقوق الإنسان، أمين سليمان، أن أكثر ما يعيق عودة هؤلاء النازحين إلى مناطقهم هو “عدم جاهزية المساكن وافتقارها للخدمات الأساسية وغياب الرعاية الصحية وحق التعليم في سنجار”.

ويبين سليمان خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “خسارة العراق لمواطنيه الأيزيديين متواصلة بشكل كبير بسبب لجوئهم إلى الهجرة نتيجة سوء الأوضاع في مناطقهم وعدم استقرار الأمن وإدخال سنجار لمرات عدة داخل معادلة الصراع السياسي”، مشيرا إلى أن الحكومات والدورات النيابية فشلت في تحقيق كل القرارات والقوانين الخاصة بهذا المكون الأصيل، وما لاحظناه خلال عملنا في مجال الإغاثة هو يأس المواطنين من جعل مناطقهم وجهة للجهات المسلحة التي تمارس العمل السياسي وتستخدم هذا السلاح لفرض إراداتها”.

ويشكل تفاقم الأوضاع الأمنية في قضاء سنجار غرب الموصل، متمثلة بالصراعات السياسية القائمة منذ سنوات، وغياب الخدمات وفرص العمل، إضافة لطول فترة النزوح، أبرز العوامل التي تدفع بالأيزيديين إلى مواصلة الهجرة خارج العراق.

وكشفت منظمة “أَلند لدمقرطة الشباب” في كردستان العراق، عن هجرة نحو 3053 أيزيديا من العراق إلى أوروبا منذ مطلع الشهر الماضي، مبينة أن 85 في المائة من المهاجرين، كانوا نازحين في مخيمات الإقليم.

وتصدر “أَلند” أسبوعيا إحصائيات عن أعداد الأيزيديين المهاجرين لخارج العراق، إذ تحصل عليها عبر فرقها الميدانية المختصة بحسب ما تؤكد.

ووفق مكتب إنقاذ المختطفين الأيزيديين التابع لإقليم كردستان، كان عدد الأيزيديين في العراق عند غزو تنظيم داعش لسنجار في آب 2014، نحو 550,000 نسمة، نزح منهم جراء الغزو نحو 360 ألف شخص، وهاجر العراق منذ ذلك الحين حتى الآن أكثر من 100 ألف شخص.

ويقول الأيزيديون: إن سنجار تخسر يوميا عددا جديدا من مواطنيها الذين يهاجرون على شكل عوائل كاملة بسبب يأسهم من الأوضاع في البلاد، بينما تقوم الفصائل المسلحة بمحاولات للتغيير الديمغرافي في مناطقهم أمام عجز حكومي وتجاهل من قبل الجهات المعنية وأبرزها البرلمان.

ثلثهم نازحون

من جهته، يقول الصحفي والناشط في الشأن الايزيدي، ميسر الأداني، أن أبناء المكون تعرضوا إلى إبادة جماعية على يد الإرهاب وهاجر أكثر من 400 ألف أيزيدي مناطق سكناهم في سنجار وبعشيقة وغيرها من مناطق سهل نينوى.

ويقول الأداني خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “ثلث الايزيديين نازحون ويعيشون في 14 مخيما داخل إقليم كردستان، وأن العدد يزداد يوميا وهو أكبر من الأرقام التي يتم تداولها في الاعلام”.

ويشير المتحدث إلى “أهمية قانون حماية الأيزيديات الناجيات من بطش داعش. فهو ينص على تفاصيل عدة ويركز أيضا على عدم شمول الإرهابيين بالعفو الخاص ويحسن من حياة الايزيديين، لكن لم يطبق القانون للأسف الشديد”.

ويعد القانون الأول من نوعه في كل الدول الناطقة بالعربية الذي ينصّ على اهتمام يخصّ النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي في النزاعات المسلحة. كما وصف الرئيس العراقي برهم صالح المشروع بأنه خطوة جد مهمة لمساعدة هؤلاء الناجيات، إضافة إلى تأكيد ذلك من قبل ناشطين وناشطات في المجال الانساني.

ومن جملة أهداف القانون، منع تكرار هذه الانتهاكات الخطيرة، غير أنه ليس الكل مقتنعا بأن القانون سيحقق ما يصبو إليه، إذ تقول نساء إيزيديات إن الخطر الذي حرّض مقاتلي “داعش” على ارتكاب تلك الفظاعات بحقهم لا يزال موجودا.

وينص المشروع على تقديم الدعم لضحايا تنظيم “داعش”، وعلى رأسهم النساء الإيزيديات اللائي تمّ اختطافهن قبل تحريرهن، وكذلك أفراد آخرين من أقليات عرقية أو دينية أخرى عانت من جرائم التنظيم الإرهابي، كالتركمان والمسيحيين والشبك.

وسيتيح المشروع للضحايا إمكانية التوصل لدعم مادي شهري وتوفير السكن والمساعدة النفسية والاجتماعية، وكذلك تكون لهم الأولوية في 2 بالمئة من الوظائف بالقطاع العام.

وبالعودة إلى الأداني، فان كل ذلك لم يحصل وجرى “افتتاح مديرية حكومية تحت هذا العنوان ولا تعمل على أرض الواقع لأنها بلا موازنة وطالب الأيزيديون بأن ترتبط المديرية هذه برئاسة الوزراء دون أي وزارة لحساسية الأمر وأهميته، خصوصا وأن الحكومات لم تقدم شيئا يذكر”.

ويضيف قائلا: “لم تقدم القوى المتنفذة سوى الشعارات للايزيديين. وضعهم كما هو منذ عام 2014 وما زال الكثير منهم في قبضة داعش الإرهابي والآلاف تحت خيام النزوح ومناطقهم مهدمة والصراع السياسي مستمر والميليشيات في سنجاز تتلاعب بمناطقهم ومصيرهم. لذلك لا توجد من القوى المتنفذة سوى الشعارات”.