اخر الاخبار

تساؤلات كثيرة تطرح بشأن دور القضاء في مواجهة أزمات أربكت المشهد السياسي وعرضت البلد إلى الخطر. فبعد التأكيد الأخير لمجلس القضاء الأعلى بأنه لا يمتلك الصلاحيات القانونية لحل مجلس النواب، مقترحا تعديلات دستورية ذات صلة بأزمة انتخاب رئيس للجمهورية وآخر لمجلس الوزراء، أعاد هذا الموقف إلى الأذهان ردّ المحكمة الاتحادية دعوى سابقة رفعها التيار الديمقراطي ضد رئيس مجلس النواب بسبب “التجاوز على المدد واليمين الدستورية”، وهو مخالفة يفترض أن تنال جزاءها وفق قانونيين ومراقبين.

من يحاسب مجلس النواب؟

مجلس القضاء الأعلى أكد بوضوح أنه لا يملك الصلاحيات التي تتيح له القيام بحل مجلس النواب وفقا لرغبة الصدر التي أعلن عنها قبل أيام قليلة مضت.

واستند الصدر في طلبه هذا على المخالفات الواضحة والمتمثلة بعدم اكتمال تشكيل السلطات الدستورية حتى الان رغم مرور وقت طويل على انجاز الانتخابات. ومقابل هذا الطلب الذي اعتذر القضاء عن تلبيته لـ”عدم امتلاك الصلاحيات” يقول مراقبون وناشطون أن القضاء أصبح جزءا من هذه الأزمة بعدما رفضت المحكمة الاتحادية طلبا سابقا تقدم به التيار الديمقراطي نتيجة مخالفة رئيس المجلس محمد الحلبوسي إضافة لوظيفته المدة الدستورية وحنث اعضاء مجلس النواب باليمين الدستوري. وتساءلوا عن صلاحيات القضاء المعني بالنزاعات الدستورية، فأن كان حل البرلمان ليس من ضمن صلاحيات القضاء، فما هو المانع القانوني من محاسبة رئيس مجلس النواب على تجاوزه المدد الدستورية؟

قبل حوالي شهرين على استقالة الكتلة الصدرية من مجلس النواب، وأربعة شهور على دعوة السيد مقتدى الصدر القضاء إلى حل المجلس، رفع التيار الديمقراطي متمثلا بـ”حزب الأمة” و “الحزب الشيوعي العراقي” دعوى لدى المحكمة الاتحادية ضد رئيس مجلس النواب اضافة إلى وظيفته نتيجة “الحنث باليمين الدستوري” لنواب كثيرين قاطعوا جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وعدم التزام رئيس المجلس بالمدد الدستورية.

وبعد حملة شعبية واسعة تضامنت مع هذه الدعوى وشكلت رأيا عاما ضد الصراع السياسي والاستهانة بالدستور، ردت المحكمة الاتحادية الدعوى وسط خيبة أمل واسعة.

وأوضح في حينها المحامي زهير ضياء الدين، المنسق العام للتيار الديمقراطي، أن “الدستور متمثلاً بالمادة (72/أولاً/ب) ألزم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال المدة الدستورية البالغة ثلاثون يوماً من تاريخ أول انعقاد للمجلس وذلك لم يتم رغم مرور عدة أشهر “.

ووفقا لقول ضياء الدين: “تم الحنث باليمين الدستورية المنصوص عليها في الدستور وهذا يترتب عليه تبعات قانونية”.

صراع على السلطة

ويوضح الدستور العراقي في المادة 64 بأن حل مجلس النواب يكون عبر الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو بطلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.

كذلك فإن مطالبات شعبية واسعة تدعو حاليا إلى حل المجلس نتيجة فشله الذريع في تأدية مهامه، لكن هذه الرغبة تصطدم بعدم توافق القوى المتنفذة على هذا الخيار. وتؤكد مجريات الأحداث أن مجلس النواب أصبح منعزلا عن الجماهير، فبعد اتهامات كثيرة وجهت له بعدم امتلاكه شرعية تمثيلية نظرا لحجم المقاطعة الكبير لصناديق الاقتراع، زاد انسحاب الكتلة الصدرية من حجم هذه الاتهامات ووضع القوى المتمسكة بمجلس النواب الذي ولد ميتا، أمام موقف محرج.

حراك الشارع

وتتعقد الأحداث وتبتعد كثيرا عن امكانية ايجاد حل واضح للأزمة الراهنة وفق مقاسات القوى الحاكمة، فيما أصبحت هذه القوى تتظاهر وكل منها يرفع مطالبه.

أن التيار الصدري، الفائز الأكبر في الانتخابات، انسحب من مجلس النواب وأوضح أن لا حلول يمكن أن تنتج عنه، ويصر الآن على اعتصامه داخل المجلس ويتهم القوى المتخاصمة معه بالفساد والاصرار على المحاصصة.

ورفع الصدر مستوى الضغط على خصومه بعدما دعا الى تظاهرات مليونية يوم السبت القادم ولمح إلى انها الفرصة الاخيرة، يقابلها دعوة لتظاهرات جديدة من قوى الاطار ( لم يعلن عن موعدها ومكانها) التي رفعت شعار “الدفاع عن الدستور والشرعية” بعدما كانت تتهم نتائج الانتخابات وتعدها باطلة.

وتزيد التساؤلات عن دور القضاء من منطلق أن المادة ٩٠ ثانياً من الدستور العراقي تنص على “تختص المحكمة الاتحادية بتفسير نصوص الدستور”، وبما أن المادة ٦٩ من الدستور تنص على انتخاب رئيس الجمهورية جديد خلال ٣٠ يوماً من تاريخ اول انعقاد لمجلس النواب ومضت عشرة شهور دون تنفيذ هذا الأمر، فعلى المحكمة الاتحادية وفق المراقبين ان تقوم بدورها وفق المادة ٩٠ اولاً والتي تنص على “الرقابة على دستورية القوانين” وهي باتت ملزمة بتقديم حل لهذه المشكلة انطلاقا من اختصاصاتها وفق المواد الدستورية.