اخر الاخبار

يقول معنيون بالشأن البيئي إنّ جهود الحكومة في مواجهة التحديات البيئية لا تزال «خجولة»، ولا ترقى إلى مستوى المشكلات المعقدة التي تواجه هذا القطاع المرتبط بشكل مباشر بحياة الناس، واصفين التقارير التي تقدمها الجهات الحكومية في المؤتمرات الدولية عن الوضع البيئي في العراق بأنه «مضللة».

تدابير بيئية «خجولة»

وانتقد الخبير البيئي ورئيس مجموعة طبيعة العراق جاسم الأسدي، «الإجراءات الخجولة لوزارة البيئة»، مشيرا الى ان إجراءات وتدابير التوعية البيئية التي قامت بها الوزارة خلال 20 عاما «لم تترجم إلى واقع ملموس».

وطرح الأسدي في حديث مع مراسل «طريق الشعب»، تساؤلاً: «ما الذي فعلته وزارة البيئة للضغط على وزارة الموارد المائية لتوفير الحد الأدنى من المياه لإدامة النظام البيئي؟»، مجيبا أنها «لم تفعل شيئًا!».

وقال الأسدي، إن الوزارة تفتقر إلى التنفيذ الفعلي للإجراءات على الأرض، منبها الى ان «منظمة طبيعة العراق أصدرت كتابًا مهمًا حول التنوع البيولوجي في العراق، لكن لم نتلقَ أي اتصال من وزارة البيئة للتعاون أو للاطلاع على آرائنا».

وأكد الأسدي، أن حملات التوعية التي دشنتها منظمته تفوق ما قامت وتقوم به وزارة البيئة، في ما يخص الصيد الجائر للطيور والأسماك والحفاظ على التنوع الإحيائي، مضيفا أن القوانين البيئية غير مطبقة.

وحث الأسدي وزارة البيئة على وضع المعايير اللازمة للتعامل مع الوزارات الأخرى في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي وتوفير الحد الأدنى من المياه لإدامة النظام البيئي، مشيرا الى ان الوزارة أمام مسؤولية كبيرة، ويجب أن تُنفذ بدون أي شخصنة.

وتابع، أن «العراق شهد موجات من الجفاف والمياه على مر السنوات، حيث كان هناك جفاف في عام 2009 تبعته سنة من الأمطار، ثم عاد الجفاف مرة أخرى. وفي عام 2017، شهد العراق سنة مائية بامتياز وتم تخزين كمية كبيرة من المياه في المخازن الرئيسية مثل دوكان، الموصل، حديثة، والثرثار».

واكمل الأسدي، ان «التنوع البيولوجي في العراق مرتبط بشكل كبير بالمياه في الأهوار وعمقها ومستوياتها»، مبيناً أن «الجفاف الأخير جفف جميع الأهوار باستثناء القنوات الرئيسية، والتي كانت تشكل عائقًا لأصحاب الزوارق.»

وأكد، أن العراق فقد 95 في المائة من الأسماك، حتى شباط 2024، بما في ذلك أنواع مهمة مثل سمك البني، بالإضافة إلى فقدان طائر القصب البصرة الذي يبني أعشاشه في المسطحات المائية، واتجهت العديد من الطيور إلى البحيرات الصناعية التي أنشئت في الكويت.

وحذر من ان التنوع البيولوجي ما زال مهددًا بالتغيرات المناخية وسياسات الحكومة تجاه المياه، بما في ذلك سياسات دول الجوار.

وأعرب الخبير البيئي، في نهاية حديثه، عن خيبة أمله من وزارة البيئة لـ»تجاهلها التعاون مع النشطاء البيئيين والمنظمات المعنية».

الحكومة تخفي الحقائق

وأبدى الخبير البيئي والصحفي خالد سليمان عن انتقاده الشديد لممثلي العراق في المنتديات الدولية، بما في ذلك مؤتمر القمة السنوي (مؤتمر الأطراف)، موضحا أن هؤلاء الممثلين يقدمون مجموعة من الصفحات والكتيبات التي تُطبع على عجلة، وتتضمن معلومات غير دقيقة عن الوضع البيئي في العراق.

ولاحظ سليمان، ان هناك «خطوات عاجلة تُتخذ لمعالجة المشاكل المتعلقة بالتغيرات المناخية وآثار التدهور البيئي الناجم عن النشاطات البشري»، مشيرا الى انه اطلع على «بعض الكتيبات والمطبوعات التي قدمها العراق في المنتديات الدولية، ووجد فرقاً كبيراً بين ما يحدث على أرض الواقع، وما يتم طرحه في تلك المنتديات».

وأكد خلال حديثه لـ «طريق الشعب»، أن «قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009، على الرغم من حاجته إلى تعديل وتحديث، لكنه لو تم تطبيقه بنصه الحالي لكان الوضع البيئي في البلاد أفضل بكثير».

وأوضح سليمان، أن أي نظام بيئي يتضمن أربعة عوامل رئيسية: التربة، والماء، والهواء، بالإضافة إلى التنوع الأحيائي.

واستعرض سليمان جودة هذه العوامل في البيئة العراقية، حيث بدأ بالماء قائلاً: «باستثناء الظلم الذي تمارسه دول الجوار بحق العراق مائياً، فإن وسائل التخلص من المياه الآسنة والخارجة من البيوت وبقية المخلفات البشرية في المستشفيات لا تزال متخلفة، حيث يتم تفريغها بشكل مباشر في الأنهر مما يؤدي إلى تلوث الأنهر بحيث لا تعد صالحة للأحياء البحرية أو حتى لاستعمالها في الزراعة».

وذكر أنه «في بغداد، يتم نقل المياه الآسنة بقاطرات إلى نهر ديالى في منطقة الرستمية، التي تحولت من منطقة زراعية إلى مكب للنفايات، إذ يعاني غالبية سكانها من الأمراض التنفسية والجلدية»، لافتا الى أن «الشركات الدولية العاملة في العراق تولد العديد من الغازات الدفيئة والملوثات في الجو، ولا توجد سياسة مستدامة أو وسائل للتخلص من هذه الملوثات».

وتابع، أن التربة ليست أفضل حالاً من الماء والهواء، حيث تضررت بسبب الجفاف والتصحر وشح المياه والاستخدام المفرط للمبيدات الحشرية والمخصبات والتوسع العمراني غير المنظم، مضيفا ان «العراق يخلو من المحميات الطبيعية، على الرغم من أن القانون العراقي يتضمن مواد تبرز أهمية إنشاء هذه المحميات والحفاظ على التنوع الأحيائي».

وخلص سليمان الى أسفه لـ»تقلص أعداد الغزلان في بادية السماوة وحتى في إقليم كردستان»، مشيراً إلى أن «الوضع الحالي لا يتوافق مع ما يقدمه المسؤولون في المنتديات الدولية»، معتبرا بيع الحيوانات في الأسواق «جريمة ضد التنوع الأحيائي».

عرض مقالات: