اخر الاخبار

يعتمد العراق اليوم بدرجة كبيرة على الاستيراد، بعد ما كان يصدر منتجات بنسبة 50 في المائة، لكن الحكومات المتعاقبة على السلطة بعد العام 2003، أجادت صناعة اقتصاد هش، جعل أيّ أزمة تحدث تهدد الامن الغذائي في البلاد.

غياب الاستراتيجيات

ويقول مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، د. غازي فيصل، إنّ “الأمن الغذائي له أهمية بالغة لدى جميع دول العالم، سواء في جانبها السياسي ام الاقتصادي”، لافتاً إلى إنه “يمثل أحد الأعمدة الجوهرية في إستراتيجية الأمن القومي للدول”.

ويردف كلامه لـ “طريق الشعب”، قائلاً: “من المؤسف أن الطبقة السياسية لم تكن لديها إستراتيجية على صعيد الأحزاب والحكومات المتعاقبة، من شأنها أن تضمن الأمن الغذائي للبلد، سواء من خلال توفير وتطوير الاستثمارات في مجال الزراعة، وتشجيع الفلاحين على الإنتاج بما ينسجم مع طلب الاسواق المحلية.

ويشير فيصل الى “اننا نقترب من كارثة حقيقية متمثلة باستيراد أكثر من 92 بالمئة من الحاجات الغذائية من دول الجوار”، معتبرا ان هذا “يشكل خطراً كبيراً على العراق بعد أن كان بلداً منتجاً للمحاصيل الزراعية والحبوب وخزاناً لحبوب العالم”. ويضيف فيصل إن “العراق في عقد الخمسين كان يغطي ما يقارب 50 في المائة من حاجة الجيش البريطاني لحبوب القمح والشعير، إلا أنه اليوم يعاني من إهمال الزراعة، الامر الذي افرز خللا كبيرا في الأمن الغذائي العراقي، بجانب الجفاف الذي ضرب المحاصيل الزراعية، والذي لم يعالج هو الآخر من خلال تبني سياسة مائية علمية منذ 2003 إلى اليوم”.

تحديات

ويؤكد المحلل الاقتصادي، باسم انطوان أهمية توفير الأمن الغذائي في العراق، سواء من حيث الإنتاج الزراعي أم الصناعي، مشيرا الى القطاع الصناعي يشكل 2 في المائة، والزراعي 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي”.

وفي حديث مع “طريق الشعب، يقول انطوان أن “تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الغذائي أمر ضروري. بمعنى لا بد من أن يكون هناك اعتماد أقل على استيرادات الأغذية في حالة حدوث طارئ عالمي”.

وعن أبرز التحديات التي تعيق الامن الغذائي في البلاد، يبين انطوان: إن “القطاع الزراعي في العراق يواجه تحديات مائية”، إذ لا تمتلك البلاد سوى 40 في المائة من طاقة الموارد المائية. وهذا ما يجعل الوضع حرجًا، ويؤثر في القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي”.

وفي الحديث عن القطاع الصناعي، يذكر أن “العديد من المشاريع الصناعية البالغ عددها أكثر من 50 ألف مشروع صناعي في البلاد متوقفة أو شبه مشلولة، ما يؤثر سلباً على فرص العمل، ويزيد من معدلات البطالة المتفاقمة بين الشباب”، لافتا الى ان “دور القطاع الخاص في هذا السياق مبهم وغير موجود”.

ويقترح انطوان ان يتم تطوير الآبار والمياه الجوفية لضمان توفير المياه اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي، في ظل قلة الواردات المائية من دول المنبع.

ويدعو انطوان الى تعزيز دور التفاوض والحوار مع دول المتشاطئة لتوفير المياه وضمان الأمن الغذائي في العراق، مؤكدًا ضرورة التركيز على تطوير القطاعين الزراعي والصناعي للتغلب على التحديات الحالية وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

تقاطعات سياسية

ويربط المحلل السياسي علاء مصطفى، موضوع الأمن الغذائي بالسياسة، مشيرا إلى أن “كل شيء يرتبط بها، حيث تتعرض الأسواق العراقية لتأثيرات الرياح السياسية بسبب طبيعتها المفتوحة وعدم تسعير الحكومة للسلع، ما يجعلها عُرضة لانتشار الشائعات والتأثير على أسعار المنتجات”.

ويبين مصطفى، أن “ظاهرة المضاربات في أسعار الدولار تصدر من جهات متنفذة وجهات سياسية، تسيطر على مصارف الأهلية وشركات الصيرفة، وتؤثر هذه المضاربات سلبا على الأسواق”.

ويرى، أن “التقاطعات السياسية لها تأثير كبير على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي، فحينما يعيش البلد في حالة اطمئنان وتوافق سياسي، يكون هناك استقرار في الأمن الغذائي. ولكن عندما تنشأ خلافات سياسية تؤثر في الخطاب الإعلامي”.

وبالنسبة للقلق على الأمن الغذائي، يوضح مصطفى أن العراق معتمد بشكل أساسي على النفط، وفي ظل استمرار ارتفاع سعر النفط “لا يوجد قلق”، مردفا “لكن إذا انخفض سعر النفط إلى ما دون 60 دولارا للبرميل الواحد، فستحدث ازمة في الامن الغذائي”.

وفي الختام، يدعو علاء مصطفى الى تجاوز التقاطعات السياسية، وتبني سياسات اقتصادية وتنموية مستدامة، لضمان استقرار البلاد وتوفير الأمن الغذائي للمواطنين.