اخر الاخبار

في ظل غياب الدور الرقابي الحكومي عن واحد من الاهم القطاعات بالبلد، لا يبدو مستغربا أن يشتري المواطن علاجا “ملوثا” من إحدى الصيدليات التي تنتشر بشكل عشوائي، من دون حسيب أو رقيب.

وحذرت منظمة الصحة العالمية، من دفعة ملوثة من دواء سعال عثرت عليها في العراق، وهي من تصنيع إحدى الشركات الهندية.

وأوضحت الوكالة التابعة للأمم المتحدة، أنّ دفعة الدواء الذي يُباع باسم “كولد آوت” والتي وُجدت في العراق أُرسلت لتخضع لتحاليل مخبرية.

وأشارت المنظمة، في تحذيرها، إلى أنّ الدفعة التي تحتوي على 0.25 في المائة من “غلايكول ثنائي الإيثيلين”، و 2.1 في المائة “الإيثيلين غلايكول” وهي نسب أعلى من الحدّ المسموح به و هو 0.10 في المائة لكلا المركبين.

وأفادت منظمة الصحة العالمية بأنّ الشركة المصنّعة وشركة التسويق لم تقدّما ضمانات لها بخصوص سلامة المنتج وجودته.

استيراد دون رقابة

ويقول نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي، إن “كل المواد الغذائية التي تدخل إلى العراق لا تُفحص، بضمنها الأدوية، إذ إن عملية التهريب كبيرة في البلاد، ولا يُعلم ما يأتي من مواد غذائية”.

ويضيف الهيتي في حديث الى “طريق الشعب” انه “منذ نحو شهرين حصل تعاون ما بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة والقوات الأمنية، وتمت السيطرة على دخول الأدوية ووضعها في الطريق الصحيح، لكن المشكلة الكبيرة حالياً هي في الأغذية”.

ويشير نقيب الصيادلة، الى أنه “خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، تعرّض المواطن العراقي لشتى أنواع المواد، ليس فقط المسرطنة، وإنما حتى المواد غير الصالحة للاستهلاك البشري”.

ويشدد الهيتي على وجود “حاجة إلى تكثيف الجهود على الأغذية، وإنشاء الهيئة العليا للغذاء والدواء وترتبط بمجلس الوزراء مباشرة، كما في سائر دول العالم”.

وفي ما يخص السيطرة على الأدوية، يبين الهيتي، أنه “لا توجد في العراق مراكز بحوث أو دراسات معنية بالأدوية وتأثيراتها على المرضى”.

وأوضح، أن “عملية السيطرة على الأدوية تتم عبر الإفصاح امام مركز الرقابة الدوائية عن الأدوية المستوردة، وأي دواء مخالف للشروط الصحية يعرّض صاحبه للإجراءات القانونية المشددة”.

ويكمل الهيتي حديثه بأنه “نتيجة لذلك، بدأ الاستيراد ينحصر بالطرق الرسمية من فحص الدواء وتسجيله وما يرافقها من الإجراءات المطبقة في بلدان العالم”.

ويشير الى انه “بدأت تسعيرة الأدوية ووضع (الباركود)، وبالتالي يمكن من خلال تطبيق على الهاتف معرفة مناشئ الدواء وصلاحيته للاستهلاك وسعره”، موضحاً أن “التسعيرة من مهام وزارة الصحة وهي مُلزمة للصيدليات والمذاخر”.

٤٦ معملا للدواء

ويكشف الهيتي عن وجود “46 معملا دواء في العراق”، مبينا أن “الأدوية التي تنتجها تسمى بـ(الأدوية النمطية)، ومهما يصل إنتاجها فإنه لا يغطي الحاجة إلى الأدوية الأساسية”.

ويوضح الهيتي، إن “هناك نوعين من الأدوية: (الشاملة) و(الأساسية) التي من الضروري توفّرها في كل المؤسسات الصحية، ومنظمة الصحة العالمية مصنفة بحدود 595 مستحضراً من الأدوية الأساسية”.

ويشير الى، أن “هذه الأدوية من المهم التركيز عليها، خاصة الأدوية المنقذة للحياة المضادة للفيروسات، وضد السرطان، واللقاحات، ومعوّضات الدم، وكل هذه الأدوية لا تنتج في العراق، رغم أنها أدوية حاكمة في تحقيق الأمن الدوائي”.

ويؤكد نقيب الصيادلة، “وجوب التوجه إلى أدوية من هذا النوع، وفي كل الأحوال حتى لو لم يتم تصنيع الأدوية الأساسية، فلا يمكن تغطية أكثر من 75 إلى 80 في المائة من حاجتنا للأدوية”.

ويلفت الهيتي الى، أن المعامل العاملة حالياً هي 23 مصنعا، أما الـ23 الأخرى فإن قسما منها ينتج، والآخر في طريق الإنتاج، وخلال السنة الجارية قد يعمل الـ46 معملاً، لكن هذه المعامل تحتاج إلى تغيير في نوعية المنتج”.

ويواصل حديثه، ان “فتح مصانع جديدة سوف يخلق منافسة في ما بينها على مستحضر واحد، وربما هذا يفرز تداعيات سلبية”.

استغلال

 يقول حمزة محمد، الذي يعمل في احدى الصيدليات بمحافظة كركوك، إن هناك تحديات كبيرة نتيجة للكثرة المفرطة للصيدليات والتنافس المشدد بينها، مبينا ان ذلك “تجلى ذلك مؤخرًا في ظهور صيدليات تقدم علاجات وأدوية بأسعار مخفضة جدًا، وان المواطن يلجأ لتعاطيها بعيدا عن جدواها ومناشئها”.

ويعلل حمزة في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، سبب تلك الأسعار بنوعية المواد المستخدمة في تركيب تلك الأدوية، حيث تكون غالبًا رديئة أو غير نقية، أو قد تكون قريبة من تجاوز تاريخ انتهاء صلاحيتها. هذا الأمر يشكل تهديدًا مباشرا لصحة المواطن الكركوكي”.

ويلفت الى ان مناطق محددة في كركوك مثل حي الحجاج، وبنجى على، والقادسية شهدت إغلاق بعض الصيدليات بسبب عرض الادوية بأسعار متدنية جدًا وبعيدا عن المعايير المطلوبة من وزارة الصحة العراقية.

هذا الإجراء أثار تساؤلات حول سبل ضبط جودة الأدوية وتنظيم السوق المحلي”، مشيرا الى ان بعض الصيدليات التي جرى غلقها في وقت سابق، افتتحت مجددا لكن باسماء جديدة.

وينصح المتحدث المواطنين باستخدام التطبيق الذي تعتمده وزارة  الصحة من اجل معرفة منشأ العلاج وسعره، وبالتالي تفويت الفرصة على ضعاف النفوس.

في ختام حديثه، شدد حمزة محمد على أهمية وجود إجراءات رقابية صارمة لضمان جودة الأدوية وسلامة الصحة العامة، مشيرًا إلى أن التوازن بين توفير أسعار معقولة وجودة عالية يعد تحديًا مهمًا يجب معالجته من خلال ايجاد تعاون مستدام بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص.