اخر الاخبار

حذّرت وزارة البيئة، أخيرا، من مخاطر صحية وبيئية كبيرة تتسبب فيها النفايات الطبية الناتجة عن المستشفيات والمراكز الصحية في البلاد. وفيما أشارت إلى أن هذه النفايات التي تُقدّر بعشرات الأطنان يوميا، لا يجري إتلافها بطرق صحية، شددت على أهمية وضع المعالجات المناسبة لهذا الملف، وعدم الاستمرار في إهماله. وتشكو الوزارة مما وصفته بـ”عدم التزام” المؤسسات الصحية بالتخلص الآمن من هذه المخلفات.

وتحمل النفايات الطبية، خاصة الناتجة عن العمليات الجراحية والمرضى المصابين بالفيروسات المعدية، كائنات مجهرية قادرة على نقل العدوى من المرضى إلى عامة الناس. ووفقا لخبراء، فإن الأخطر من النفايات الطبية الناتجة عن المؤسسات الصحية، تلك الناتجة عن العيادات والمختبرات الأهلية. فالأولى قد يتم التخلص منها بعد معالجتها نوعا ما، وإن بشكل بسيط، أما الأخرى فكثيرا ما ترمى عشوائيا في الأماكن المكشوفة مع النفايات المنزلية، مؤكدين أن هذا الأمر شائع في بغداد ومختلف مدن البلاد، وكثيرا ما ترصده عدسات وسائل إعلام ومدونين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ملف مهمل وبلا تخصيصات

وكالة أنباء “العربي الجديد” تنقل عن مسؤول في وزارة الصحة قوله، ان “المخلفات الطبية الناتجة عن المستشفيات والمراكز الصحية، تبلغ كمياتها عشرات الأطنان يومياً، وأن تعليمات وزارة الصحة تنص على فصل تلك المخلفات عن النفايات الأخرى”، مؤكدا أن “دوائرنا جميعها ملتزمة بذلك”.

ويضيف المسؤول الذي لم تعلن وكالة الأنباء عن هويته، أن “مسؤولية نقل تلك النفايات وإتلافها، تقع على عاتق وزارة البيئة ودوائر أمانة بغداد ودوائر البلدية في المحافظات”، لافتا إلى أن “هذا الملف مهمل من قبل الحكومات السابقة والحالية. إذ نحتاج إلى محارق خاصة تقع في أماكن بعيدة عن المناطق السكنية، ولا يكون لها أي تأثير صحي على المواطنين”.

ويتابع قوله أن “الحكومات السابقة والحالية لم تول هذا الملف أي اهتمام، ولا توجد له تخصيصات مالية، حتى في موازنة العام الجاري”.

من أخطر الملوثات

من جانبه، يقول المتحدث باسم وزارة البيئة، أمير علي الحسون، أن “هناك نوعين من الملوثات الصحية، هما النفايات الصلبة والسائلة”، مبينا أن “هذه النفايات تعد من أخطر الملوثات للبيئة العراقية”.

ويضيف في حديث لوكالة الأنباء الرسمية، أن “لدى وزارة البيئة فرقا متخصصة تقوم بزيارة المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية لمتابعة مدى التزامها بالمحددات البيئية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين”، مشيرا إلى أن “غالبية المؤسسات الصحية في القطاع الخاص غير ملتزمة بالمحددات البيئية في التعامل مع النفايات الطبية”.وينوّه الحسون إلى أنه “نحتاج إلى حلول لمعالجة هذه المخلفات، من خلال إيجاد محارق مركزية تكون تابعة للحكومة أو عن طريق الاستثمار”، موضحا أن “تلك المحارق ستسيطر على الكميات الكبيرة من النفايات الطبية وتدفع الجميع للالتزام بالمحددات البيئية الموضوعة من قبل الوزارة”.عضو الاتحاد الدولي لحماية الطبيعية، الخبير البيئي أيمن قدوري، يشاطر أمير الحسون في الرأي حول خطورة المخلفات الطبية.

ويقول في حديث صحفي، أنه “هذه المخلفات، شكلت بعد عام 2003 أحد أخطر أشكال التلوث، لما تحويه من مواد كيميائية مشعة وسامة.

وأن سوء التعامل معها يحولها إلى غازات تنطلق في الهواء”.

ويلفت إلى أنه “في بغداد تحديدا، ترصد يوما عمليات طرح عشوائي للمخلفات الطبية دون معالجة أو فصل، و أخطرها تلك التي ترُمى في نهر دجلة”، مؤكدا أن “بعض المرافق الصحية تُعامل هذه المخلفات كالنفايات المنزلية، وتطرحها في مناطق مكشوفة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الطمر الصحي”.

وعن كميات تلك المخلفات، يقول قدوري أن “الإحصاءات الرسمية غير دقيقة، لكن هناك دراسة عراقية تقدر حجم النفايات المطروحة دون معالجة في بغداد بحدود نصف كيلوغرام للسرير في اليوم الواحد”.

ويرى أنه “ليست كل النفايات الطبية تتلف بالحرق، خصوصا التي تحتوي على الكلور والرصاص والزئبق والكادميوم؛ لأن حرقها يطلق في الهواء غازات سامة ومسرطنة”، مبينا أن “الطرق الأمثل للتعامل مع المخلفات الطبية تبدأ بفرزها على أساس النوعية والخطورة، والتعامل مع كل نوع وفق معايير تناسبه”.

سوء تخطيط

إلى ذلك، يؤكد الباحث البيئي جبار العوادي، أن “هناك سوء تخطيط في إدارة ملف النفايات في البلاد، خاصة الطبية منها. إذ إن الخطورة لا تكمن في كل النفايات الطبية الناتجة عن المستشفيات، بل فقط ببقايا الأدوية والحُقن التي تحتاج إلى محارق خاصة وطرق معينة لإتلافها، وهذه تشكل نسبة 50 في المائة من النفايات الطبية، أما النسبة المتبقية فهي نفايات عادية”. ويضيف في حديث صحفي، أن “التعامل مع المخلفات الطبية الخطيرة يجب أن يكون بحذر. إذ إنها تتسبب في نشر السموم والتلوث الخطير وتحتوي على مواد مشعة”، مشدداً على “أهمية أن تضع الحكومة حلولا عاجلة لتلك النفايات، وأن تتحمل مسؤوليتها لإنشاء مكبات ومحارق خاصة مطابقة للشروط الصحية”.ولا توجد نسب معلنة للتلوث في العراق، إلا أن تصريحات سابقة لوزارة البيئة ولاختصاصيين، تؤكد أن هذا الملف يعد من الملفات الصعبة، وان هناك ملوثات كثيرة داخل المدن وخارجها، ناتجة عن أسباب متعددة منها الحروب ووجود المصانع داخل المدن، وشح المياه، والزحف السكاني، ومكبات الطمر الصحي، وغيرها.

وتضع وزارة البيئة خُططاً لتحجيم التلوث، إلا أن قلة التخصيصات المالية تحول دون تنفيذها!