اخر الاخبار

في ظل تقلص مساحات الأراضي الخضراء وتفاقم مشكلات المناخ من عواصف ترابية واحتباس حراري، بدأت الأنبار تفكر في إنشاء “غابات صناعية” من شأنها ان تعالج العديد من المشاكل البيئية.

وهذه الغابات في حال إنشائها ستكون الأولى من نوعها.

العديد من المتخصصين والناشطين البيئيين أشادوا بتلك الخطوة، لأهميتها الكبيرة في الوقت الراهن، لكنهم يقترحون أن يجري استعمال مياه الصرف الصحي في عملية سقي تلك الغابات.

دراسة مستفيضة

ووجهت الحكومة المحلية في محافظة الانبار بإعداد دراسة مستفيضة للبدء بمشروع انشاء غابات حضرية، بالقرب من مواقع الصرف الصحي لاستخدام مياهها في عمليات سقي مختلف الاشجار بعد تنقيتها من الشوائب.

وبحسب بيان للمحافظة في 14 حزيران الجاري، فإن “المشروع يبدأ من موقع الصرف الصحي في مدينة الرمادي كتجربة اولى ثم يعمم على بقية الاقضية والنواحي لغرض الاستفادة من مياه الصرف الصحي في سقي الغابات الحضرية، وذلك للحد من ظاهرة التصحر والاستفادة من تلك المياه بدلا من ضياعها”.

وقال البيان إن “الحكومة المحلية ستدعم المشروع من خلال تهيئة محطات تنقية مياه الصرف الصحي وتخصيص اراض قريبة من تلك المواقع لإنشاء الغابات الصناعية، فضلا عن توفير مستلزمات إنجاح المشروع الذي يعالج ظاهرة التصحر وازمة شح المياه”.

“الأولى من نوعها”

مدير اعلام بلدية قضاء الرمادي، أسامة إبراهيم، يقول لـ”طريق الشعب”، إنه تم البدء بزراعة اول غابة شبه مثمرة في صحراء الرمادي، في منطقة (الكيلو 18) غربي المدينة. وتقدر مساحة المزروع بـ 25 دونما كمرحلة أولى، من أصل 120 دونماً”.

ويضيف إبراهيم، ان “كوادر شعبة الحدائق والمتنزهات والغابات باشرت زراعة 100 ألف شجرة، تتوزع بين الزيتون والرمان والتين، والأشجار غير المثمرة كالأوكالبتوس والكاربس، التي تستخدم كمصدات للرياح”.وعمّا يميز تلك الغابة، يبين المتحدث بأنها “الأولى من نوعها في محافظة الانبار، وهي من ضمن ثلاث غابات ستنشأ قريباً”، مشيرا الى ان هذه الغابات هي من ضمن مسؤولية بلدية قضاء الرمادي. ويشير الى ان التصميم الأساسي لمدينة الرمادي الجديدة يمتد من منطقة (كيلو 18) ذهابا الى المنطقة الغربية، ويتضمن وجود تلك الغابات”.

تشغيل ايدي عاملة

ويعتبر إبراهيم ان الغابات سيكون لها مردود إيجابي على الواقع البيئي في المحافظة، حيث ستساعد في تنقية الهواء وتقليل العواصف الترابية، كونها تتضمن زراعة أشجار تستعمل كمصدات للرياح.

ويلفت الى انه “تعتبر مسألة العمل على ادامة مشروع الغابات الاصطناعية أصعب من انشائها، لذا يتطلب توظيف عدد لا بأس به من العاملين لأجل العناية بالغابات وضمان ادامتها. وهذا امر إيجابي اخر يضاف الى انشاء هذه الغابات؛ اذ انه سيوفر عددا لا بأس منه من فرص العمل للعاطلين”.

ويؤكد أن “المشروع الأول لإنشاء الغابة سيمهد لإنشاء العديد من الغابات في مدن الانبار كافة”.

افضل من الغابات الطبيعية

الخبير البيئي، احمد صالح يستهل حديثه لـ”طريق الشعب”، بأن الغابات الصناعية هي من الآليات البيئية المهمة جداً، وتكاد تتجاوز في أهميتها أهمية الغابات الطبيعية لاعتبارات كثيرة، اهمها ان الانسان بدأ يُنشئها بالشكل الذي يتلاءم مع الزيادة السكنية، ويكون جزءا منها على عكس الغابات الطبيعية التي لا يستطيع السكن فيها الا نادرا”.

ويواصل حديثه بأن “هذه الغابات تساعد في ترسيب الغبار والكاربون وتثبيت التربة، وترطيب الجو، كما تساعد في خفض درجات الحرارة”، مشيرا الى ان الغابات الصناعية التي بدأت بالانطلاق من محافظة الانبار “ضرورية، بالرغم من ان هذه الخطوة متأخرة جدا؛ حيث كان من المفترض البدء بها قبل عشرات السنين”.

قبل عقدين كان الوضع أفضل

وبحسب الدراسات البيئية فإن أفضل وقت لزراعة شجرة، كان قبل عشرين عاماً. ولو كان العراق قد بدأ وقتها إنشاء تلك الغابات لأصبح الوضع البيئي مختلفا تماما عن الان، وفقا لتصور صالح.

ويشدد على ضرورة الإسراع في إكمال انشاء هذه الغابات وتعميم هذه التجربة على بقية المحافظات، متمنيا أن يكون العمل حقيقيا وجادا، كون القضية مهمة وستؤثر كثيرا في واقع العراق البيئي.

أهمية الغابات الصناعية ما أهميتها؟

وتشيد نجوان علي، ناشطة بيئية، بخطوة إنشاء غابات صناعية، في مناطق الجنوب من البلاد، والتي تعرف بارتفاع درجات الحرارة وانتشار واسع للمساحات الصحراوية.

نجوان تشدد في حديث لـ “طريق الشعب”، على أن “هناك حاجة كبيرة لهذه الغابات، تحديدا في الوقت الذي يعاني فيه البلد من تلوث بيئي كبير ومشاكل في الاحتباس الحراري، إضافة الى زيادة العواصف الترابية في السنوات الأخيرة”. وتستعرض نجوان في حديثها أهمية تلك الغابات، قائلة إنها “تساعد في بعض الأحيان في الاستغناء عن الاستيراد الأجنبي للعديد من المزروعات والمواد الغذائية وحتى بعض المواد الأولية كالخشب”، وبالتالي فانها تشكل موردا اقتصاديا مهما للبلد.

كما تعد “إحدى الاليات التي تكافح التصحر وتعمل على تنقية الهواء من الغبار وتصفية الملوثات، وإنتاج كمية كبرى من الاوكسجين، إضافة الى مساهمتها في تشكيل محمية بيئية لعدد من الكائنات الحية” بحسب الناشطة البيئية.

مياه الصرف الصحي

اما في ما يخص استخدام مياه الصرف الصحي في عملية الري والسقي، فتقول نجوان انها “مبادرة رائعة”، متمنية ان يتم العمل بها بشكل حقيقي والسعي لإنجاح هذه التجربة، وتعميمها على بقية المحافظات.

وتزيد بالقول إن مياه الصرف الحي (المياه الآسنة) أصبحت في الفترة الأخيرة مصدرا لتلوث البيئة وانتشار الامراض، إضافة الى انها تعكس منظرا غير حضاري للعديد من المناطق، وان عملية استثمارها ستساهم في تقليل هذه الاضرار بشكل كبير.