يعد قطاع الصناعات الاستراتيجية، واحدا من القطاعات التي تحظى باهتمام اصحاب القرار في العديد من بلدان العالم، التي تمتلك مقومات قيام هذه الصناعة، نظراً لما يحققه من مكاسب اقتصادية، تدعم الاقتصاد الوطني وتنوع ايردات البلاد.

وما يؤكد اهمية هذه القطاع المهم هو الصراع العالمي بين القوى العالمية على اشباه الموصلات، التي تدخل في انتاج كل جهاز الكتروني نستخدمه اليوم من اصغرها وصولا الى المركبات الفضائية.

وتعد تايوان من اكبر المصدرين لهذا المنتج، بينما تتسابق الولايات المتحدة الامريكية والصين واستراليا على التقدم اكثر في هذه الصناعة.

50 الف فرصة عمل

وكشف مستشار رئيس الوزراء حمودي اللامي، الاثنين الماضي، عن المكاسب الاقتصادية لمشروع النبراس للصناعات البتروكيمياوية، فيما أشار إلى أن العراق يمتلك احتياطي الكبريت الأول في العالم، والثاني بالصخور الفوسفاتية.

وقال اللامي في تصريح صحافي: إن “وزارتي الصناعة والمعادن والنفط وبالتعاون مع شركة شل ماضية في خطوات حثيثة للتقدم بهذا المشروع الذي تلكأ على مدى السنوات الماضية”، مبينا أن “هذا المشروع سيخلق أكثر من 50 ألف فرصة عمل في محافظة البصرة بشكل مباشر وأضعاف هذه الفرص بشكل غير مباشر، والتي ستكون عاملا رئيسا لامتصاص البطالة”.

وتابع، أن “المشروع سيحقق إيرادات كبيرة للبلد بالإضافة إلى تشغيل عشرات الآلاف من المصانع التي تعتمد في مدخلاتها على المواد المنتجة في هذا المشروع، وهي الحبيبات عالية وواطئة الكثافة وغيرها من المنتجات البتروكيمياوية”.

وأشار إلى، أن “هناك توجها حكوميا في مشاريع الأسمدة، حيث إن العراق يمتلك الغاز الطبيعي للمادة الأولية لصناعة الأسمدة وهناك مشاريع لإعادة إنتاج الأسمدة الفوسفاتية”، مبينا أن “العراق يمتلك ثاني احتياطي بالعالم بحدود 9 مليار طن من الصخور الفوسفاتية والاحتياطي الأول بالعالم من الكبريت بأكثر من 900 مليون طن”.

مكاسب اقتصادية عديدة

من جهته، اكد الخبير الاقتصادي، د. باسم جميل انطوان ان من الضروري اليوم الاهتمام بقطاع الصناعات الاستراتيجية وتطويره، منوها الى ان التطور والتقدم الذي يتحقق بهذا القطاع يدفعنا باتجاه تقليص اعتمادنا على الريع النفطي والغاز كمصدر وحيد للدخل.

واضاف قائلاً ان العراق هو الثاني عالمياً بامتلاكه احتياطي الفوسفات، والاول في العالم بامتلاكه اكبر احتياطي للكبريت، لذا فان تطوير هذا القطاع يمكّننا من عملية التنويع الاقتصادي وبناء صناعات متكاملة اخرى”.

وعن المكاسب الاقتصادية المتحققة من النهوض بهذا القطاع، اوضح انطوان لـ”طريق الشعب”، بالقول ان “اولها هو اقامة صناعة وطنية من مشتقات الكبريت والفوسفات وغيرها، وتحقق دخلا اضافيا للناتج المحلي الاجمالي، الذي يمكن ان يتضاعف، ويساهم بشكل مباشر في تشغيل ايدي عاملة بشكل يساعد في التخفيف من حدة البطالة”.

ولفت الى ان “هذه الصناعات هي اليد المساعدة في تنويع الاقتصاد العراقي وستقلل من اعتمادنا على النفط والغاز”، مبينا ان هناك صناعات اخرى ايضا تحتاج الى تطوير وهي “السليكا حيث ان صحراء الانبار تمتلك مئات الملايين من احتياطي السليكا والرمال السلكية، اضافة الى مواد كربونات الكالسيوم والدونمايت والطين الصيني وغيرها من الصناعات”.

وخلص الخبير الاقتصادي الى ان هناك مشكلة تتعلق بعدم “دراسة وتقدير اهمية ما يمتلكه العراق من هذه المعادن الثمينة، والتي تعتبر ركيزة اساسية لقيام صناعات اخرى صغيرة يمتلكها القطاع الخاص، وتمهد للشراكة مع القطاع الخاص لإدارة هذه المشاريع  لمدة 15_20 عاما، وبالتالي نشهد نهضة صناعية حقيقية يمكن الاستفادة منها”.

دعم الصناعة التحويلية

من جهته، قال الخبير الاقتصادي منار العبيدي، ان واحدا من عوامل نجاح الصناعة التحويلية وجود صناعة استراتيجية؛ فعدم توفر المواد الاولية يؤثر على انتشار المصانع العراقية، وهذا مرتبط بعدم وجود صناعات استراتيجية قادرة على توفير تلك المواد.

واضاف ان الصناعات البلاستيكية والمطاطية والورقية والخشبية وغيرها، تحتاج الى مواد اولية، وهي غير متوفرة في العراق، نتيجة لعدم وجود صناعات استراتيجية.

وزاد بالقول: “عندما تكون هناك مشاريع استراتيجية وتتوفر مواد اولية ستكون لدينا صناعات تحويلية قادرة على ان توفر الاف فرص العمل للشباب العاطلين. لذا نحن بحاجة ضرورية الى هذا النوع من الصناعات”.

ولفت العبيدي في حديثه مع “طريق الشعب”، الى ان أهمية الصناعات الاستراتيجية لا تكمن فقط في مقدار ما تنتجه، بل تساهم في دعم الصناعة التحويلية التي تعتبر الاهم، مؤكدا ان “الكثير من مشاريع الصناعات التحويلية للأسف لم تستطع ان تصمد، لأنها تحتاج الى مواد اولية، يتم استيرادها بالعملة الصعبة”.

واختتم بان “نجاحنا في ذلك ينعكس على الكثير من قطاعات الاقتصاد، حيث ستتنوع مصادر الدخل”، مبينا أن أسباب تراجع هذه الصناعات واندثارها مرتبط بغياب الرؤية والاستراتيجية الواضحة”.