اخر الاخبار

تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالعراق، تتزايد أعداد الفقراء يوما تلو آخر. فنتيجة لتدهور القطاعين الصناعي والزراعي، وانحسار فرص العمل، وتفاقم غلاء المعيشة واتساع أزمة السكن، تزداد أعداد العاطلين عن العمل، ليصبحوا هم وعائلاتهم على خط الفقر او دون مستواه!

وبسبب اتساع رقعة الفقر في البلاد، وعدم وضع خطط حكومية حقيقية لمعالجة هذه المشكلة، يتوجه الكثير من المنظمات المدنية والمواطنين، منذ سنوات، إلى إطلاق حملات تكافل اجتماعي مختلفة لإغاثة العائلات الفقيرة والمعدمة، بين رفدها بالسلات الغذائية أو إعانتها ماليا وصولا إلى معالجة مرضاها. لكنّ المفارقة في هذه الحملات، هي أنّ الفقراء أنفسهم يشاركون فيها ليمدوا يد العون إلى أمثالهم!

ويوزع العراق رواتب مالية ومعونات شهرية للعاطلين عن العمل والأرامل والأيتام، إلا أن مبلغ الراتب الواحد لا يزيد على 80 ألف دينار شهريا، وهذا المبلغ لا يغطّي معيشة الفرد العراقي لمدّة أسبوع، الأمر الذي يدفع منظمات مدنية ومجموعات تطوعية يقودها ناشطون، إلى جمع المساعدات من الميسورين لتوفير سلات غذائية وملابس واحتياجات أخرى للفقراء والأيتام. فيما يساهم بعض الفقراء في التبرّع بما يتوفّر لديهم من ملابس قديمة ومفروشات، أو يقتسمون بعضاً من حصصهم التموينية مع غيرهم من الفقراء.

مساعدات الحكومة لا تكفي

يقول عبد العزيز علاء، وهو عضو “جمعية الرحمة” التي تعنى بمساعدة الفقراء ومقرها في بغداد، أن “المساعدات التي توفّرها الدولة لهؤلاء لا تكفيهم، وهي تساوي قيمة مواد غذائية قد تكفي لخمسة أيام أو أسبوع في أفضل الأحوال”.

ويشير في حديث صحفي، إلى أن “منظمات المجتمع المدني، وتحديداً تلك المتخصصة في الإغاثة والتنمية، كانت قد طالبت بصفتها الرسمية - إذ إنّها مسجّلة في دائرة المنظمات التابعة لرئاسة الوزراء - بضرورة زيادة المبالغ المخصصة للفقراء، لكنّ الحكومات لا تستمع لهذه المناشدات”!

ويضيف علاء قائلا أنّ “من المفارقات الغريبة التي تدفعنا إلى التعاطف كثيراً مع الفقراء، هي أنّ ثمّة عائلات متعففة تساهم في التبرّع لحملاتنا، فتقدّم معونات بسيطة، من قبيل قليل من زيت الطبخ الموزّع في الحصة التموينية، أو الأرزّ والطحين، أو الملابس القديمة”، لافتا إلى أن “الفقراء أكثر دراية بما يحتاجه أمثالهم، فيقدمونه لهم، وهو ما يجعلنا أمام موقف إنساني استثنائي”.

أكثر المتبرعين من متوسطي الدخل

من جهتها، توضح هبة الكتبي، وهي مسؤولة عن مجموعة تطوعية لمساعدة الفقراء والنازحين، أنّ “الموظفين وذوي الدخل المتوسط هم الأكثر تبرّعاً للفقراء، وفي إمكاننا أن نعدّهم أساس مساعدة الفقراء. وفي بعض الأحيان، تتخطّى تبرّعاتهم تلك التي يقدّمها ميسورو الحال أو الأغنياء”، مضيفة في حديث صحفي أن “الفقراء يقدّمون بعضاً ممّا يملكون، ويكون ذلك في العادة أشياء بسيطة جداً، لكنّها تمثّل فارقاً كبيراً في التبرّعات”.

الفقر في العراق معيب!

وتلفت الكتبي إلى أنّ “الفقر في العراق أمر معيب، وان حملات التبرّع التي نروّج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي توصل رسائل غير محبّبة عن بلادنا الغنية. وثمّة أفراد عرب وأجانب يوجّهون لنا رسائل يعبّرون فيها عن استغرابهم من كون العراقيين فقراء، على الرغم من خيرات البلاد الكثيرة”، مؤكدة أن “الفقراء في العراق في تزايد مستمر، بسبب الأزمات السياسية التي تترك آثاراً كارثية على شرائح كثيرة في البلاد”.

يريدون الطعام فقط!

إلى ذلك، يؤكد العضو المستقل في البرلمان هادي السلامي “تزايد أعداد الفقراء في العراق”، موضحا أن “حملات التبرّع للعائلات الفقيرة تكشف لنا الاحتياجات الأساسية لهذه الشريحة التي لم تعد تطلب خدمات من قبيل الكهرباء والسكن، بل وصلت إلى مرحلة أصبحت فيها لا تريد سوى الطعام”!

ويشدد في حديث صحفي على أنّ “فقراء العراق بحاجة إلى وقفة جادة من قبل الحكومة والبرلمان، مع تمكين المنظمات الداعمة لهم، إضافة إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلاتهم وليس ترقيعية من خلال الرواتب الضئيلة”.

وفي منتصف كانون الثاني الماضي، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حملة وُصفت بـ”الكبرى” للبحث الاجتماعي الميداني، بمشاركة ألفَي باحث من هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، تستهدف مليوناً و746 ألفاً و86 عائلة تقدّمت بطلبات إلكترونية لشمولها بمخصصات الإعانة الاجتماعية.