اخر الاخبار

تشهدُ محافظة صلاح الدين، هجرةً لعدد كبير من مربي الحيوانات في مناطقها الريفية الذين يزاول أغلبهم اليوم مهناً حرةً في وسط المدينة، بعيداً عن مهنة الرعي وتأتي الهجرة نتيجة لعدة عوامل منها: الافتقار للمستوصفات البيطرية، وغياب الدعم الحكومي اللازم.

انخفاض المردود الاقتصادي

أحمد حسن رشاد، ذو 24 عاماً، أحد مربي الحيوانات الذي ورث هذه المهنة عن أبيه الذي بدورهِ ورثها عن جده، يقول لـ”طريق الشعب”، إنه “على الرغم من الصعوبات التي تواجه مربي الحيوانات حالياً، وهجرة الكثير منهم، مازالت عائلتي متمسكة بالبقاء ومزاولة هذه المهنة، من أجل منع انقراضها”.

ويعزو سبب هجرة مربي الحيوانات في محافظة صلاح الدين، إلى “غياب الأمن في بعض المناطق، وعدم صلاحية بعض الأراضي الزراعية، وانتشار الأمراض بين الحيوانات والإنسان، وعدم وجود مستوصفات متخصصة قريبة، فضلاً عن غلاء أسعار الأعلاف والمبيدات الخاصة”، لافتاً إلى غياب أي دعم حكومي بهذا الشأن.

ويشار إلى أن عائلة أحمد، قد اضطرت للنزوح إبان احتلال تنظيم داعش الإرهابي للمحافظة، لتتمكن من العودة بعد التحرير لمسكنها ومهنتها الأساسية، وبحسب أحمد فإنّ المردود الاقتصادي قد انخفض إلى النصف في الوقت الحالي.

من أسباب الهجرة

ويرى مصطفى عدي الشنداح، طبيب بيطري في محافظة صلاح الدين، أن “غياب المستوصفات الطبية الخاصة بالحيوانات، يعتبر من أهم أسباب هجرة المربينَ لها، إذ من النادر أن نجد قرية تمتلكُ مستوصفاً”، مؤكداً أن “المربين يعانون من وصول الحيوانات المريضة إلى المستشفى التعليمي”.

ويقول لـ “طريق الشعب”، إن “أغلبهم وجدوا أن الذهاب إلى المدينة والسكن قرب المستوصفات، يخفف العبء عنهم بعض الشيء”، محملاً الجهات المعنية “الضعف الملحوظ فيما يخص مكافحة الأمراض المعدية والسارية”، مشيراً إلى “غياب الرقابة وحملات تلقيح الحيوانات التي يجب ان يكون هناك تشديد عليها”.

وهاجرت عوائل عراقية عدة من المناطق التي خضعت لاحتلال تنظيم داعش، نازحةً إلى المناطق الآمنة، بما فيهم أولئك الذين يمارسون تربية الحيوانات. و بعد تحرير الأراضي المحتلة سنة 2017، لم يتمكن الكثير من النازحين من العودة إلى محال سكناهم، مما أثر على المهن الرائجة في تلك المدن.

ويعدد الشنداح، أسباب ضعف تربية الحيوانات في مدينته، إلى “عدم قيام الجهات المعنية بتقديم المساعدات وتسهيل أمور عودة المربين إلى مزارعهم، إذ أغلبهم بدأوا بمزاولة مهن حرة أخرى، كما أن السبب الآخر يكمن في معاناة سكان الأرياف من قلة مصادر المياه، لاسيما أنهم يملكون مصدراً واحداً يتمثل بنهر صغير، حيث اغلبهم ابتاعوا مواشيهم بأسعار بخسة واتجهوا إلى المدينة”.

ويؤكد الطبيب البيطري، أن “تربية الحيوانات تحتاج إلى بيئة خاصة، تحديداً الأبقار أو الدواجن منها، إذ تحتاج إلى لقاحات وأساليب تغذية خاصة”، مشيراً إلى أن “الريف يتعرض إلى الإهمال يوماً بعد آخر، وهناك مساعٍ لتحويل بعض المناطق الريفية إلى سكنية”.

ويطالب الشنداح الحكومة “بالنهوض بواقع الثروة الحيوانية والنباتية في البلد، من أجل العمل على منتوج محلي رصين، إضافة الى مكافحة الأمراض الانتقالية بين الإنسان والحيوان”، لافتاً إلى أن أكثر الامراض انتشاراً هي “داء القطط، وداء الكلاب، و انفلونزا الخنازير، وانفلونزا الطيور”.

ويطالب بضرورة “تطبيق قانون الطب البيطري، المدرج ضمن قوانين الوقائع منذ عام 2021، فضلاً عن التعيين المركزي للأطباء البيطريين في المستشفيات الحكومية، لسد النقص الحاصل في الكوادر الطبية”.

ضرورة الدعم الحكومي

من جهته، حذر اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة صلاح الدين، من فقدان البلاد لمكتسبات الثروة الحيوانية في المحافظة، مؤكداً الحاجة إلى الدعم الحكومي لشريحة مربي الحيوانات وانقاذ هذا القطاع مما هو عليه.

عضو الاتحاد ناهض جاسم خلف، قال لـ “طريق الشعب”، إن “الجفاف وقلة الموارد المائية، وقلة الدعم الحكومي، وغياب اهتمامها بالمراعي، وصعود أسعار الاعلاف، وانتشار الأمراض والأوبئة دون وجود مستوصفات بيطرية، شكلت جميعها أسباباً لإرهاق المربي، مما دفعهُ إلى هجرة أرياف صلاح الدين”.

ويضيف أن “المشكلة بالدرجة الأولى تأخذُ جانباً اقتصادياً، حيث خسر الكثير من المربين أموالهم”. ووفقاً لحساباتهِ التقديرية، فأن “نسبة هجرة المربين للحيوانات تقدر حوالي 60 بالمائة، وقد تكون أكثر”، مشدداً على “ضرورة دعم الحكومة للفلاحين وتقديم الاهتمام الحقيقي، كتزويدهم بالأعلاف بشكل مجاني أو بأسعار مناسبة مثلما كان يحدث سابقاً”.