اخر الاخبار

لأكثر من عشرين عاما يمارس رسول، كل يوم، مهنة الصيد بشغف، فقد توارثها عن اجداده، الذين كانوا يصطادون انواعا مختلفة من الاسماك منها (السمكي والبني والحمام الشلج والخشني)، الا ان الجفاف الذي لاح اهوار ميسان تسبب بنقص ملحوظ في أعداد الاسماك، ما اجبر رسول على ترك مصدر رزقه الوحيد ومهنته التي كان يمارسها بمتعة كبيرة.

مهنة الاجداد

رسول نوري، صياد ومرشد سياحي من سكان منطقة هور ام نعاج في محافظة ميسان، يقول لـ”طريق الشعب”، ان “مهنة الصيد تمارس في العائلة منذ عقد الثمانينات، فهي مهنة الكثير من سكان مناطق الاهوار، ومصدر رزقهم الوحيد”، لافتا الى انها بدأت تتراجع منذ سنتين بفعل الجفاف والاهمال الذي لحق بالاهوار.

قد تنقرض!

ويضيف رسول، أن “الجفاف الذي حصل خلال المواسم السابقة اضطر الكثير منا الى بيع الآلات والمكائن، اضافة الى هجرة الكثير من سكان الاهوار الى مناطق اخرى، بحثا عن مكان صالح للعيش”. ويقر بان الأمطار الاخيرة ساهمت في رفع منسوب المياه، لكن ليس بالشكل الذي يسمح بإعادة مزاولة هذه المهنة”.

وعن أبرز مطالبه، يوضح رسول “اننا لا نطالب بتعيينات او وظائف حكومية، او زيادة رواتب، كل ما نطلبه هو العناية بمناطق الاهوار، والعمل على رفع منسوب المياه فيها، لنستطيع العودة الى مهنة الصيد”.

الأهوار في ميسان

بدوره، يقول الخبير البيئي احمد صالح، إن “الأهوار في محافظة ميسان تنقسم الى عدة اقسام منها الاهوار الوسطى التي تربط بين محافظات العمارة والبصرة والناصرية، والاخرى هي الاهوار الشرقية التي تصنف على نوعين اهوار الحويزة الذي يعتبر الأكبر من ناحية المساحة والعمق، والنوع الثاني هو الاهوار الفوضوية التي تتكون بالعادة في فصلي الشتاء والربيع وتندثر في فصل الصيف، ويرتبط وجودها بحسب وفرة المياه في فصل الشتاء”.

عن هور الحويزة

وقامت محافظة البصرة بإنشاء محمية طبيعية في هور الحويزة سميت (محمية الصافية)، كونه يعتبر ملجأً رئيسياً للعديد من الطيور، ويبلغ عددها حوالي مائة وخمسة وستين نوعا من الطيور. وتحدّه من الشرق إيران ويصب في الهور نهر الكرخة من إيران التي أنشأت على النهر سد الكرخة لتوليد الطاقة وتخزين المياه. ويبلغ طول الهور ثمانين كيلومترا، وعرضه ثلاثين كيلومترا، وخلال تدفق الربيع يمكن لنهر دجلة أن يفيض مباشرة في الهور وتصل مساحة الهور القصوى إلى 3000 كيلومتر مكعب تقريبا، تزيد وتنخفض بحسب نسبة المياه وقد تصل في موسم الجفاف إلى حوالي 650 كيلومترا.

كما تعد نسبة مساحة الهور في العراق تسعة وسبعين بالمائة، وفي إيران بنسبة واحد وعشرين بالمائة والأجزاء الشمالية والمركزية من الهور هي دائمية، لكن الأجزاء الجنوبية تصبح موسمية في الحالة الطبيعية.

وعن هذا الهور، يقول صالح لـ”طريق الشعب”، انه “يتعرض الى اهمال وتجاهل كبيرين من قبل الجهات المعنية، حيث هناك قلة في الإطلاقات المائية التي تتجه نحوه، كونه يضم العشرات من القرى السكنية التي تقع على أطراف الأقضية والنواحي، مثل ناحية المشرح وقضاء الكحلاء وقضاء قلعة صالح وناحية الازير التي تعرضت إلى ضرر كبير في مواردها الاقتصادية، وفقدان مهنتها الأساسية: الزراعة، الصيد، تربية الحيوانات وجمع الاعلاف مجانية”، مضيفا ان هور الحويزة “أدرج ضمن لائحة التراث العالمي”.

من انتعاش الى جفاف

ويستدرك الخبير البيئي بالقول: ان الأهوار في ميسان “تعرضت الى موجات فيضية خلال عام 2019 ما جعلته في حالة انعاش حتى العام 2021، ثم تم تجفيفها بعد هذا العام، ما جعل المنطقة في حالة عدم استقرار، وهذا ما هدد حياة الثروة الحيوانية فيها، المتمثلة بتربية قطعان الجاموس، إضافة الى الثروة السمكية التي تشمل البني والقطان والشبوط”.

وينوه الصالح بوجود “محاولات لإنعاش السياحة في اهوار ميسان في السنوات العشرة الأخيرة، لاستقطاب سياح أجانب ومحليين”، لافتا إلى انه في هذا الصدد تم نشر ما يقرب من ثلاثمئة وخمسين مقطع فيديو يخص الأهوار، سلطت الضوء على اهمية الاهوار ولفتت انظار العالم الى جوانبها الجمالية.

وفي ختام حديثه طالب صالح “بالتفات الحكومة الى الاهوار كونها تعتبر رافدا اقتصاديا مهما للمحافظة وللبلد بشكل عام، اضافة الى ان استثمارها بشكل حقيقي يعمل على سد حاجة المواطنين للعديد من المواد الاساسية، بدل الاعتماد على استيرادها”.

رأي مختلف

اما رئيس مركز إنعاش الاهوار في ميسان سلام سعدون جاسم، فكان له رأي مختلف حيث يقول ان المبادرات الحكومية لإنعاش الاهوار متواصلة، مضيفا انه بعد ارتفاع منسوب مياه دجلة تم تخصيص نسب كبيرة من المياه لصالح الأهوار وتحديدا هور الحويزة.

ويردف جاسم حديثه مع “طريق الشعب”، بالقول ان الاهوار في مرحلة تعاف تدريجي، متأملا ان يتم التخلص من الأضرار التي لحقت في حياة الاهوار.

ويعزو أسباب الجفاف الذي حصل خلال اخر العامين الأخيرين إلى “قلة الأمطار وقلة الإمدادات المائية من دول المنبع”، مضيفا ان عودة الحياة الى الأهوار تتطلب وقتا: شهرا او شهرين لتعود الأسماك الى الأهوار في ظل ارتفاع منسوب المياه”.

عرض مقالات: