اخر الاخبار

لم تسلمْ منطقتا سنجار وتلعفر من تبعات التغيرات المناخية وشحة المياه التي طرأت على مناطق العراق في العموم، ما سبب هجرة داخلية لسكان هذه المناطق، وعزوف الفلاحين عن مصادر رزقهم الأساسي.

وتحدّث تقرير دولي أعدته كل من منظمة (سوليداريت انترناشنال)، الدولية للتضامن ومنظمة (حماة نهر دجلة)، عن الأضرار الاقتصادية التي لحقت بأهالي قضاءي سنجار وتلعفر التابعين لمحافظة نينوى من جراء التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن عددا من القرى تركت الزراعة بسبب شح المياه.

وأكد التقرير، أن “قسماً من مدراء بلدية محافظة نينوى قد كشفوا عن حدوث موجات نزوح من مناطق ريفية، تصل الى نسبة 15 في المائة من تعداد سكانهم”.

وشدد على أن “المزارعين برغم تمسكهم بالحفاظ على نشاطهم وإرثهم، فانهم يعبرون في الوقت نفسه عن احتمالية المغادرة، وترك أراضيهم في حال عدم إيجاد حلول لحالة الجفاف”.

انسلاخ الهوية الاقتصادية

ويذكر نصير باقر، عضو منظمة حماة دجلة، ان “تأثير التغيرات المناخية التي طرأت على مناطق سنجار وتلعفر؛ الأولى تمثلت بتأثيرات اقتصادية، كون اغلب سكان هذه المناطق يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق أساسي، وبسبب شح المياه اضطروا الى مغادرة هذه المهنة لينتقلوا الى مهن أخرى لا تمثلهم”.

ويوضح، أن شح المياه لا يرتبط بالتغيرات المناخية بشكل اساسي، انما بالإدارة السيئة لملف المياه في البلد، إضافة الى قطع المياه عن العراق من قبل دولتي تركيا وإيران”.

يقول جعفر التلعفري (باحث وكاتب)، من سكان منطقة تلعفر، ان الأهالي “يعتمدون على الزراعة بشكل كبير منذ عقود، كونها منطقة خصبة وصالحة للزرعة”، موضحا ان “سقي المزروعات يعتمد على الأمطار بالدرجة الأولى (الزراعة الديمية)”.

تداعيات الجفاف

ويردف التلعفري حديثه لـ”طريق الشعب”، بان “منطقة تلعفر شهدت جفافا خلال اخر ثلاث سنوات، وقد ساهم في عزوف الفلاحين والمزارعين عن مهنة الزراعة وترك حقولهم وأراضيهم، وتوجهوا الى مهن أخرى مثل حفر الابار الارتوازية ونصب المرشات”، موضحا أنها “مهن غير متاحة للجميع بسبب تكاليفها الباهظة وقلة المياه الجوفية”.

ولفت الى ان بعضهم حوّل جنس الأرض من زراعية الى سكنية او تجارية، والبعض الآخر اضطر الى النزوح صوب المدينة.

ويعزو التلعفري غياب الغطاء النباتي الى “شح المياه وانتشار التصحر”، مضيفا انه أثر على المورد الاقتصادي للمواطن، وعلى جودة ونوعية الإنتاج الزراعي، كما انعكس ذلك بشكل سلبي على المنتح الحيواني، حيث باتت أسعار العلف باهظة ومكلفة للفلاح.

وبحسب الإحصائيات الرسمية، فإن نسبة العاملين في مهنة الزراعة عام 1979 بلغت نحو سبعين في المائة، أما الآن فقد وصلت النسبة الى 6 بالمائة في منطقة تلعفر!

ملائمة للزراعة

وتقدر مساحة مركز قضاء تلعفر بحوالي ثلاثمائة وستة وسبعين دونما، منها ثلاثمائة وثمانية وثلاثون دونما صالحا للزراعة، وتشتهر بمحصول التين والرمان والزيتون، بحسب التلعفري.

كما تقدر نسب الأمطار في منطقة تلعفر بين 150 - 250 ملم في القسم العلوي، و100-150 ملم في القسم الجنوبي و300-400 ملم في مناطق الجزيرة سنوياً.

يقول خيري عدولة، صاحب مزرعة في سنجار، ان “أغلب المزارعين يعتمدون على محصولي الحنطة والشعير كمورد اقتصادي”، مشيرا الى ان “الكثير من المزارعين والرعاة اضطروا خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى بيع مواشيهم وتقليص مساحة الأرض المخصصة للزراعة أو تحويل نشاطهم الى عمال بناء بأجر يومي من اجل توفير لقمة العيش”.

ويضيف عدولة في حديث مع “طريق الشعب”، ان “المزارعين في كل من مناطق سنجار وتلعفر يعتمدون على حفر الآبار بشكل مفرط، لأغراض الري، ولكن في منطقة واحدة فقط عند حافة جبل”.

خسائر فادحة

ويستدرك بالقول ان “بعض المزارعين خسروا مبالغ تصل الى أكثر من خمسين مليون دينار”.

مبينا انه دفع مبلغ ثمانمائة ألف دينار مقابل كل طن من بذور الحنطة ومئتين وخمسين ألف دينار للطن الواحد من بذور الشعير، الى جانب كلفة وقود المكائن الزراعية والمصاريف الأخرى.

بدوره، يذكر الناشط من ناحية سنجار خليل، ان “نسبة تساقط الأمطار تراجعت الى النصف، وهي نسبة لا تكفي لتأمين إنتاج وفير من محاصيل الحنطة والشعير، لذا تعرضت عشرات الدونمات من محاصيل الحبوب الى أضرار”.

ويعلق بالقول: ان “المزارعين ورعاة المواشي يفتقرون الى ابسط مقوّمات الحياة في مناطقهم الريفية، حيث البنى التحتية في هذه القرى متهالكة وقديمة، ولا ترتقي لمستوى تقديم زراعة جيدة وناجحة”، لافتا الى ان بعضهم “اضطر الى بيع مواشيهم وتقليص مساحات الارض الزراعية بسبب شح المياه”.

عرض مقالات: