اخر الاخبار

تُواجه الكوادر التربوية وأولياء أمور التلاميذ والطلبة في العراق تحديات كبيرة تُعرقل سير العملية التعليمية وفق الخطط المرسومة من قبل وزارة التربية وإدارات المدارس. ومن بين أبرز تلك التحديات الأمراض الجسدية والضغوط النفسية التي يعانيها التلميذ وولي الأمر والمعلم على حد سواء، والناتجة عن تردي الأوضاع الصحية والمعيشية والتربوية والاجتماعية.

فتحت طائلة الأزمات الكبيرة التي يشهدها العراق على مختلف المستويات والصعد، تصبح حياة المواطن قاسية لا راحة فيها ولا سعادة ولا هناء ولا استقرار، ما ينعكس على تعامله مع عائلته وأطفاله، وتلاميذه بالنسبة للمعلم، وبالتالي ينعكس أيضا على الحالة النفسية للصغار.

وتعاني مدارس العراق في غالبيتها خلوها من الأجواء الجاذبة للتلميذ. إذ لا تتوفر فيها معظم الخدمات الأساسية ولا توجد صفوف نظامية مكيفة، ولا حدائق ووسائل ترفيه. فيما تثقل مصاريف الدراسة ونفقات شراء القرطاسية والكتب كواهل العائلات، في ظل عجز وزارة التربية عن تأمين هذه المتطلبات بصورة مجانية مثلما كانت تجري عليه العادة.

أمراض معدية وضغوط نفسية

يقول الأستاذ الجامعي حسام الكربولي، أنه «على الرغم من عودة التعليم حضورياً هذا العام بعد انتهاء أزمة كورونا، فإنه لا يزال يواجه تحديات كبيرة تعرقل سير العملية التربوية والتعليمية»، مبيناً في حديث صحفي أنّ «غالبية مدارسنا اليوم تنتشر بين تلاميذها الأمراض المعدية، لا سيما أمراض الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى الضغوط النفسية التي يتعرض لها التلميذ والمعلم على السواء».

ويضيف قائلا أن «معظم العائلات العراقية تعيش تحت طائلة ظروف اقتصادية قاسية، أثرت على الحالة النفسية لأبنائها التلاميذ»، لافتا إلى أنّ «أكثر من 40 في المائة من أبناء شعبنا يعيشون تحت خط الفقر، الأمر الذي انعكس سلباً على مستوى التلميذ وسلوكه في المدرسة».

ويشير الكربولي إلى أنّ «الضغوط النفسية التي يواجهها التلاميذ، باتت من أبرز المعوقات التي تعترض سير العملية التعليمية في البلاد». ويرى أن «هذه الضغوط تحولت عند بعض التلاميذ إلى اضطرابات نفسية أدت في النهاية إلى ضعف قدرتهم على التعلم، وتدهور علاقتهم مع معلميهم من جهة، وأسرهم من جهة ثانية».

أزمات قاسية

من جهتها، ترى المشرفة التربوية نزهت الحمداني، أن «المرحلة الابتدائية تعد من أهم المراحل الدراسية. لذلك، يجب توفير أجواء ملائمة لإعداد التلاميذ في هذه المرحلة بعيداً عن المشكلات الاجتماعية»، مضيفة في حديث صحفي أن «الأوضاع الصعبة والأزمات القاسية التي مرت على البلاد في الآونة الأخيرة، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وصحيا، كان لها أثر سلبي شديد على الواقع التعليمي والتربوي والصحي».

وتبيّن أن «هناك عوائق كثيرة تحول دون ممارسة التلميذ حياته الدراسية بالشكل الصحيح والسليم، أبرزها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي تعيشها أسرته، والتي لا تساعد على توفير احتياجاته الدراسية».

مصاريف تثقل كواهل العائلات

الكثير من أولياء الأمور يعربون عن استيائهم من الأوضاع المزرية التي يعيشها أبناؤهم في المدارس، بسبب ضعف الوقاية الصحية والخدمات، فضلاً عن ثقل المصاريف اليومية ونفقات شراء القرطاسية والكتب وغيرها.

ويقول المواطن كريم العبد الله في حديث صحفي، أن «غالبية العائلات العراقية تعاني ضائقة مالية خانقة جراء الفقر وتفشي البطالة وغلاء الأسعار»، موضحا أن «مثل هذه العائلات تعجز عن توفير المصاريف اللازمة لأبنائها التلاميذ، فتضطر إلى زجهم في سوق العمل بعد الدوام كي يوفروا مصاريفهم بأنفسهم. وقد تكون بعض هذه الأعمال شاقة، ما يجعل التلميذ يعيش في دوامة من الاضطرابات النفسية والاقتصادية تؤثر على دراسته وتعامله مع زملائه، على عكس الأسر الغنية أو حتى ميسورة الحال، التي تصب كلّ اهتمامها في تفوّق أبنائها وتوفر لهم سائر احتياجاتهم».

ويشكو العبد الله من «مشكلة اكتظاظ التلاميذ في القاعات الدراسية، خصوصاً في المراحل الابتدائية. إذ يصل عددهم أحيانا إلى 70 تلميذا في القاعة الواحدة، ما يؤدي إلى صعوبة تلقيهم المعلومة الدراسية، ويتسبب في انتشار الأمراض بينهم، ومنها أمراض الجهاز التنفسي سريعة الانتقال».

تحديات كبيرة

إلى ذلك، يقول أستاذ علم النفس التربوي فراس الطائي، أن «المشكلات الصحية والنفسية والانفعالية التي يتعرض لها التلاميذ، تتسبب في الهدر التربوي المتمثل في عدم استفادة التلميذ من المنهاج، والتسرب من المدارس، وارتفاع معدل الرسوب».

ويوضح في حديث صحفي أنّ «تحديات كبيرة تواجه إدارات المدارس من جهة وأطراف العملية التربوية الأخرى المتمثلة في الآباء والبيت والمحيط من جهة ثانية. ومن هذه التحديات العنف والشغب والسلوك الفوضوي والتدخين»، مشيرا إلى أن «ضغوط الحياة لا تقتصر على التلاميذ وأولياء الأمور فحسب، بل تنسحب حتى على الكوادر التربوية. فهؤلاء أيضا جزء من المجتمع ويقع عليهم ما يقع عليه».

ويتمنى الطائي ألا تؤثر هذه الضغوط والمشكلات على أداء المعلم في شرح المنهاج التربوي وفق مواعيده المحددة.