اخر الاخبار

في ظل ما شهدته البلاد على مدى عقود من حروب وصراعات سياسية وطائفية أفرزت تداعيات مأساوية طالت مختلف جوانب حياة العراقيين، يؤكد معنيون ومهتمون بشؤون الطفل، أن هناك حاجة ماسة لايجاد مراكز تعنى بتأهيل الطفل وتنمية قدراته، وتعمل وفق برامج وخطط مدروسة ومنظمة واستراتيجية فاعلة.

في الموصل.. مركز تخصصي

وأعلنت بلدية الموصل مؤخراً المباشرة بإنشاء مركز مختص بتنمية قدرات الطفل في الجانب الأيمن من المحافظة، على مساحة 5084 مترا مربعا، وبمدة عمل 210 أيام.

وطبقا لما أوردته بلدية الموصل فإن المركز تخصصي ويعتبر الاول من نوعه، وسيكون متنفسا جديدا للعائلة الموصلية وفي ذات الوقت يهتم بتنمية قدرات الأطفال البدنية والصحية والذهنية، ويضم مسطحات خضراء واستراحات للجلوس وقاعات.

وفي ذات الوقت شدد ناشطون معنيون على ضرورة ان تهتم الحكومة بإنشاء هذه المراكز في جميع محافظات العراق، لأهميتها ودورها الساند والمكمل لدور الاسرة والمدرسة.

حاجة ضرورية

وتقول عضو منظمة النجدة الشعبية هناء حمود، ان منظمات المجتمع المدني كانت لديها مراكز تعنى وتقوم بمهام حماية الطفولة، وهي مدعومة من وكالات الامم المتحدة وبعض المنظمات الدولية.

وتنوه حمود خلال حديثها لـ”طريق الشعب”، بأهمية هذه المشروعات “لتحقيق رفاهية الطفل، والوصول الى الحقوق والاحتياجات الاساسية والرفاهية الاخرى التي تمكنه من ان ينمو نموا سليما وصحيحا”.

وتشير حمود الى ان بعض المنظمات تعمل منذ 10 سنوات على دعم هذه المراكز “لكن ما يعيب مراكز المنظمات انها وقتية وغير مستقرة وليست مستدامة. ونأمل ان تكون المراكز التي ترعاها الحكومة مستدامة.

وأعلنت (Humanitarian response)، انتهاء تقديم الخدمات الانسانية في العراق بنهاية 2022، وقررت ان توكل هذه المهام للحكومة، ولهذا لدينا اليوم شبكة لحماية الطفولة، تديرها هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتضم كل المنظمات التي تقدم هذه الخدمات.

وتواصل حمود حديثها، بالقول “بما إننا انتقلنا من مرحلة المساعدة الإنسانية إلى مرحلة التنمية والتنمية المستدامة، فبالتالي هنالك حاجة إلى ان تكون هذه المراكز مؤسساتية، وتديرها جهات حكومية، وتقدم خدمات مستمرة للأطفال، وبأعمار مختلفة حسب مرحلة نمو الطفل واحتياجاته”.

وتجد الناشطة أنه “من المفترض أن تكون هذه المراكز مساحات آمنة للأطفال، وتكون مهيأة بشكل جيد ومناسب لاستقبال الطفل وتستجيب لاحتياجاته، وبها كوادر متخصصة، حيث إن العاملين فيها يجب أن يكونوا حاصلين على تدريبات متخصصة ويتمتعون بقدرات، والاهم أن يكونوا مؤهلين لأن يتولوا هذه المهمة بأفضل صورة”.

وتشدد على ضرورة أن تعمل “هذه المراكز بنظام الخدمات المتكاملة والإحالة؛ ففي بعض الاحيان يكون الطفل بحاجة إلى خدمات اعلى، وعلى سبيل المثال قد تتوفر فيها خدمات دعم نفسي، لكن لا يوجد علاج نفسي، وهنا تأتي أهمية نظام الإحالة حيث تحيل الحالة الى المستشفيات مختصة”.

وتخلص إلى ان “هذه المراكز ضرورية وساندة للأسرة والمدرسة ولا تلغي دورهم فهي مكملة وتقدم خدمات اضافية تحقق رفاه الطفل، ووجودها ضروري في جميع محافظات العراق”.

مراكز تخصصية

وعلى صعيد ذي صلة قالت الناشطة منار الزبيدي، وهي مهتمة بحقوق الطفل ان “الاهتمام بشؤون الاطفال وتنمية قدراتهم والاهتمام بالجوانب النفسية والعقلية والتنموية لهم، ضعيفة جدا امام الحاجة الكبيرة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها الاطفال في العراق، ولا تتناسب مع الحاجة الفعلية، ونلاحظ وجود البرامج والاستراتيجيات ذات العناوين العريضة التي تطلقها هيئة رعاية الطفولة، ولكن على ارض الواقع لا نرى اي اهتمام فعلي او على الاقل يسهم في تنمية وتطوير الأطفال بالشكل المطلوب”.

ولفتت في حديثها الذي خصت به “طريق الشعب” الى ان “الاطفال اليوم معرضون لمخاطر عديدة تهدم جانبا كبيرا من قدراتهم وتؤثر سلبا على نفسياتهم، مع ضعف التعليم في العراق، وعدم قدرة المؤسسات التربوية على دعم الاطفال وتنميتهم وتطويرهم وتوفير التأهيل النفسي اللازم لهم”، مؤكدة ان “الاهتمام يجب ان يكون اكبر من حجم التحديات التي يواجهها الاطفال في بيئة مثل بيئتنا، ويجب ان يكون هناك تواجه فعلي لبناء مراكز تهتم ببناء قدرات الاطفال وتنميتهم، باعتبار ان لتطوير الطفل وتأهيله وتنميته نفسيا واجتماعيا اهمية كبيرة لبناء مجتمع صحي معافى”.

ورهنت الزبيدي الهدف من انشاء هذه المراكز بعدد من الأمور وهي “ان تكون منظمة ووفق خطط مدروسة وبرامج معدة بشكل جيد، ويجب ان توضع هذه البرامج والخطط والافكار التنموية على ايدي خبراء ومختصين في علم النفس والاجتماع والطفولة، لأنهم يدركون الحاجات الفعلية والاساسية للأطفال”.

وأشارت الزبيدي في سياق حديثها الى انه يجب ان “تكون هذه المراكز تخصصية تتعامل مع الاطفال حسب قدرتهم العقلية ووضعهم الصحي والاجتماعي، مع مراعاة الاندماج الاجتماعي بين الاطفال وفق برامج منظمة، بعد تقسيمهم الى فئات وعلى مراحل، سيما ان الاطفال من ذوي العاقة او الاحتياجات الخاصة او من مر بظروف صعبة كما في الموصل والمناطق التي شهدت نزوحا ونزاعات مسلحة، هم بحاجة ماسة لبرامج مكثفة أكثر من المناطق المستقرة التي استضافت النازحين”.