اخر الاخبار

على الرغم من أزمة المياه والتلاعب بالحصص المائية من جمهورية إيران الاسلامية وتركيا وتأثير ذلك على الزراعة، يقول مختصون أن طرق الري المستخدمة في العراق تزيد من الأمر سوءا ويفترض اللجوء إلى الوسائل الحديثة. ودائما ما تتذرع دول الجوار بحجج عديدة تضع في مقدمتها عدم تعامل الجانب العراقي مع هذا الملف بطريقة صائبة، بينما تؤكد أطراف محلية أن الأساليب الحديثة للري تحافظ على 90 في المائة من كميات المياه وتفتح الآفاق صوب تطوير الزراعة ودعم المزارعين بشكل أكبر.

الخطة الزراعية

وأعلنت وزارة الزراعة مؤخرا عن خطة زراعية طارئة للعام 2022 و2023 بالتنسيق مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وحددت المساحات بمليون ونصف المليون دونم للزراعة الإروائية، بينما تخصص مساحة مليون و100 ألف دونم لزراعة البساتين. وقالت أنها عوضت الزراعة بالاعتماد على الآبار بمساحة 4 ملايين دونم.

وأقرّ وزير الزراعة، عباس العلياوي، في جلسة مجلس النواب قبل أيام، بأن “مستوى القطاع الزراعي في العراق شهد انخفاضا كبيراً بنسبة 70 في المائة”، وطالب المجلس بـ”دعم ملف الزراعة عبر توفير التخصيصات في الموازنة العامة بما يرتقي إلى مستوى التحديات، وبدعم توفير التقنيات الحديثة للعمليات الزراعية”.

طرق الري الحديثة

وتعليقا على ذلك، قال أحمد عبد علي القصير (مستشار اتحاد الجمعيات الفلاحية العام في العراق) أن طرق الري المستخدمة للمياه السيحية هي من “أسوأ طرق الري، استخدمها السومريون قبل آلاف الأعوام وما زالت مستمرة حتى الآن”، مردفا “العالم قطع شوطا كبيرا في هذا المجال ونحن ما زلنا نضر بأرضنا ومياهنا”.

وخلال حديثه مع “طريق الشعب”، شدد القصير على أن “تقنيات الري الحديثة تقلل الهدر المائي بنسبة تصل إلى حوالي 90 في المائة. كذلك توجد تقنيات متنوعة مثل الرش الثابت والمحوري ويجري استخدامها في محافظتي صلاح الدين وكركوك وانتشرت حاليا في ،صحاري النجف وكربلاء والمثنى بعد أن كانت مساحاتها تروى عبر طرق الري بالتنقيط لعدم وجود المياه السيحية”، لافتا إلى أن “استخدام الطرق الحديثة بالري مهم جدا مع المحاصيل الإستراتيجية كالحنطة والشعير”، منوها بأن “الحكومة ترفض تقديم الدعم إلا لمن يستخدم أساليب الري الحديثة وهذا ليس بصحيح، فالطريق الأمثل يكون عبر التشجيع، مثل شراء الإنتاج المحلي من المزارعين وتزويد الذين يستخدمون هذه المرشات بالسماد والمواد المدعومة وتوفير السلف الخالية من الفوائد”.

ولفت المتحدث إلى أن “دعم هذا القطاع وتشجيع الري الحديث فيه سيساهم في إيجاد فرص عمل هائلة ويفيد البلاد على مختلف الأصعدة. أن أكثر من 48 دونما هي مساحة الأراضي الزراعية، كنا نستخدم حد 12 دونما والآن نستخدم مليون و 700 ألف دونم فقط. أما الأرض المروية فهي مليون ونصف المليون لكن مسألة وجود 4 مليون دونم ضمن عملية الري بالآبار هي أمر غير صحيح وليس موجودا”، مضيفا أنه “يجب دعم المزارعين والفلاحين بالأجهزة والأسمدة واليوريا والحفاظ على الأسعار ورفع الروتين والفوائد من السلف ومادة الكاز، وسنرى إنتاجية رائعة للري الحديث. هذا سيدعم استقرار الناس بعيدا عن العشوائيات وينعش الثروة الحيوانية ويعالج مئات آلاف حالات البطالة في مختلف قطاعات العمل”.

خطوة واحدة لا تكفي

من جهته، شدد خبير الإستراتيجيات والسياسات المائية، رمضان حمزة، على إن قلة التخصيصات المالية لهذا القطاع الحيوي والتي لا تتجاوز أكثر من 1 في المائة من مجمل ميزانية الدولة، تشكل عائقا من العوائق التي تقف أمام تطوير الزراعة والري في البلاد.

وأوضح حمزة في تصريح صحفي طالعته “طريق الشعب”، أن “التحول إلى استخدام الطرق الحديثة للري في قطاع الزراعة في جنوب العراق عبر استخدام كميات قليلة من المياه في الري لن يحل المشكلة، بسبب نفاد الخزين الإستراتيجي في السدود وسحب الخزين الميت من بحيرة الثرثار”، مردفا “أما التحول إلى الطرق الحديثة فهو خطوة على الطريق الصحيح ليتمكن المزارع العراقي من الإلمام بها، والسعي إلى توسيع استخداماتها للحصول على نتائج إيجابية على المديين المتوسط والبعيد، فضلا عن أهمية البدء بالاستثمارات في القطاع الزراعي بدلا من الحيازات الصغيرة التي لا تجدي نفعا لا للمزارع ولا للدولة في ظل تناقص موارد المياه”.

المشكلة بغيات الاستراتيجيات

وفي السياق ذاته، أكد نصير باقر، عضو منظمة حماة دجلة، أن العراق لا يملك خطة وطنية واضحة أو سياسات إستراتيجية تجاه قضية الري واعتماد الطرق السليمة فيه.

وأوضح باقر لـ”طريق الشعب”، أن “الموقف واضح من طرق الري القديمة، فهو يسمى بالري السيحي ويتسبب بهدر مائي كبير جدا ساعد في تعزيز أزمة الجفاف التي يعشيها البلد”، لافتا إلى أن “الموقف التركي إزاء ملف المياه العراقي يتحجج بطرق الري العراقية، ويقول أنه أحق بالمياه من جاره الذي يهدره بشكل كبير. كما أن هذه الفقرة موجودة ضمن بنود ملف المفاوض العراقي”. وأضاف باقر قائلا أن “الري السيحي لا يوفر العدالة في توزيع المياه. سابقا تسبب بجفاف الأهوار عام 2015 عندما جرى تحويل المياه لمنطقة المشخاب من أجل زراعة الشلب والرز. يجب اعتماد طرق حديثة إضافة إلى ضرورة خلق سياسات حكومية ناضجة لدعم الفلاحين والمزارعين وتطوير هذا الواقع”.

تهيئة الفلاحين

أما الفلاح علي العامري، فيشير إلى أن “التجربة حديثة ويجب ان تطبق”.

وأوضح العامري لـ”طريق الشعب”، أهمية أن “يكون لوزارة الزراعة والحكومة دور في متابعة الأمر وإعداد الفلاحين لمثل هكذا وسائل حديثة لأنها باتت ضرورية في ظل الجفاف وتراجع مناسيب المياه في العراق، وهذا يتطلب أن تكون هنالك إستراتيجية وطنية شاملة وليس دعوات للفلاحين فقط او تهديدهم بعدم شراء محاصيلهم”.