اخر الاخبار

نتيجة خطأ طبي، أضحى مهدي يعاني من غدة سرطانية في منطقة الرئة، وبسبب عدم ثقته بالتشخيص وطريقة العلاج في المستشفيات الحكومية، اضطر للسفر الى خارج البلد للمعالجة، كما يفعل الكثير من العراقيين.

ويعاني النظام الصحي في العراق من أزمة معقدة من ناحية نقص الدواء وشح أعداد العاملين القائمين على الرعاية الطبية، الى جانب تراجع التطور التكنولوجي والتقني المتعلق بالطب؛ فخلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت البلاد للخراب بفعل الحروب والعقوبات الدولية والصراع الطائفي والإرهاب، وقد ساهم ذلك بشكل كبير في صناعة الوضع الراهن للقطاع الصحي، لكن حتى في أوقات الاستقرار النسبي لم تعمل الحكومات المتعاقبة على تطوير وتوسيع نظام الرعاية الصحية وتلبية حاجة المواطنين.

يقول مهدي، (23عاما)، لـ “طريق الشعب”: “بعد اجرائي عملية استئصال ورم في المسالك البولية، من قبل طبيب جراح، كان من المفترض ان يتم تحويلي من قبله الى طبيب اورام لأخذ علاج “اجراء احتياطي”، لكنه أخبرني ان الورم لم يعد موجودا”.

ويضيف أنه “بعد عام ظهرت لدي أعراض، منها تقيؤ مصحوب بدم، وبعد مراجعة الأطباء تبين ان هناك ورما في منطقة الرئة، والذي كان سببه الرئيسي هو عدم استمراري بالعلاج الوقائي بعد الورم الأول”.

عجز عن توفير الأدوية

يذكر طبيب أورام، رفض كشف اسمه لأنه غير مخول بالتصريح: ان “بعض العلاجات مصنفة بشكل يلزم وزارة الصحة بتوفيرها، لكن توجد أدوية هرمونية جديدة لا تستطيع توفيرها، كون الأبحاث السريعة والمتطورة لمرض السرطان تولد سرعة بتصنيع الأدوية بشكل دائم ومتجدد. وهذا ما يجعل هناك صعوبة من قبل الوزارة بتوفيرها، إضافة الى غلاء أسعارها بشكل كبير، حيث تصل بعض أسعار الأدوية إلى ستة عشر ألف دولار، للعلبة الواحدة “.

ويوضح في حديثه لـ “طريق الشعب”، ان “90 بالمئة من الادوية الحديثة، التي تعتبر علاجا حصريا ومضمونا لمرضى السرطان، تعجز الوزارة عن توفيرها”.

ويبين انه “بسبب كثرة الأدوية المصنعة يصعب على الطبيب البحث عنها او اكتشافها، الا في حالة واحدة عن طريق قدوم شركات الادوية والترويج لأدويتها عند الأطباء، وفي هذه الحالة يستطيع الطبيب بعدها تقديم طلب الى اللجان الاستشارية في وزارة الصحة لتوفير هذا الدواء لكثرة الطلب عليه”.

تطور سريع

ويوضح ان “العلاجات الهرمونية اصبحت قديمة، حيث اليوم هناك تطور في مستوى العلاجات الاستهدافية والمناعية كونها اضمن في العلاج، و90 بالمئة هي غير متوفرة في البلد، فقط في محافظة أربيل، وفي مركز طبي واحد”.

وتفيد أرقام وزارة الصحة بأن أكثر من 25 ألف إصابة بالسرطان مُسجلة في العراق حتى الآن، أغلبها بسبب مخلفات الحرب وبعض أنواع الذخائر والأسلحة التي استُخدمت خلال غزو العراق عام 2003.

النسب طبيعية!

ويذكر المتحدث باسم وزارة الصحة، سيف البدر ان “نسبة تسجيل إصابات مرض السرطان في العراق، تتوافق مع المعدل العالمي للمرض، وتتناسق مع معدل زيادة السكان، وهذ مثبت من خلال البيانات الرسمية المسجلة”.ويؤكد في حديثه، لـ”طريق الشعب”، ان “دعم مراكز العلاج السرطانية، من أولويات البرنامج الحكومي الذي اعلنه رئيس مجلس الوزراء”، مشيرا الى ان “هناك حاجة الى مزيد من مراكز العلاج السرطانية، وتدريب مكثف للكوادر الطبية”.

 ويشير الى أن الوزارة تخطط لافتتاح مراكز جديدة مهمة في الفترة المقبلة.

أجود المعايير الطبية

وينبه الى ان “وزارة الصحة تتبع أفضل المعايير العالمية من ناحية جودة الخدمات المقدمة، ابتداء من التشخيص الطبي، وجودة الأطباء المختصين في جانب الأورام والعلاج الاشعاعي، وجودة الادوية والمواد الطبية المستوردة”.

الفحص المبكر

ودعا المتحدث باسم الوزارة الى “ضرورة إجراء فحوصات الكشف المبكر عن الأمراض غير الانتقالية، بالأخص سرطان الثدي، من خلال الفحص الذاتي أو الفحص في مراكز الكشف المبكر”. “قلة وعي المواطن، والتأخر في التشخيص”، من أبرز العوامل التي تسبب تفشيا لهذا المرض، طبقا لطبيب الأورام.

ويلفت الى أن “من الصعب علاج مريض في المرحلة الرابعة لكن في المرحلة الاولى تكون نسبة شفاء سرطان الثدي من 95 - 100%”، موضحا أن “مرضى المرحلة الرابعة لا يتشافون من المرض. وان المرحلة الثالثة يكون الشفاء فيها بنسبة 45 بالمئة”.

ويردف أن “اغلب مرضانا في مراحل متقدمة، لكن 85 بالمئة من مرضى العالم يفحصون في مراحل مبكرة كالأولى او الصفر”، مؤكدا أنه “يموت شهريا بسبب السرطان من 50 – 60 شخصا بالعراق، وتحديدا في المحافظات التي يتواجد فيها تلوث هوائي، كالبصرة”.