اخر الاخبار

يدفع ضعف القطاع المصرفي وغياب الثقة والإجراءات المعقدة بالمواطنين لاكتناز أموالهم في المنازل، او تشغيلها مقابل عمولات مالية معينة لدى أصحاب صيرفات أو مستثمرين.

ورغم امتلاك العراق قرابة 92 مصرفا بين حكومي وأهلي، لكنها ما تزال تفشل في استقطاب هذه الأموال.

الكتلة النقدية

مؤسسة “عراق المستقبل” المعنية بالشؤون الإقتصادية، كشفت عن إرتفاع مقدار الودائع في البنوك العراقية إلى 99 ترليون دينار وذلك لغاية شهر تموز 2022 بينما كان مقدارها 83 ترليونا في شهر كانون الثاني من العام 2021.

وأضافت المؤسسة أن الودائع لدى البنوك الخاصة تصل إلى حدود 20 في المائة، مشيرا إلى أن خمسة مصارف خاصة تستحوذ على 51 في المائة من مجمل ودائع القطاع الخاص.

وخمن تقرير المؤسسة الإقتصادية، العملة النقدية خارج النظام المصرفي بحدود 70 ترليون دينار.

عقبة سعر الصرف

من جانبه، اكد الباحث الاقتصادي احمد الهذال، ان “الجهاز المصرفي العراقي يعاني من التخلف، وادوات السياسة النقدية في البلاد لا تعمل بصورة صحيحة”، مشيراً الى ان “الاداة  الوحيدة للسياسة النقدية والتي تستطيع التاثير على السوق العراقي والجهاز المصرفي هي سعر الصرف”.

وعزا الهذال في حديث لـ”طريق الشعب”، أسباب عدم استقطاب المصارف للكتلة النقدية الى “ازمة الثقة بين الجهاز المصرفي والمواطنين”، مشيرا الى ان صاحب رأس المال يبحث عن الربح من إيداع أمواله في المصارف وحفظها عند جهة الإيداع.

ويعتقد الهذال ان 70 في المائة من الكتلة النقدية في العراق مكتنزة وعاطلة، وتعتبر اموالا سالبة بسبب عدم استثمارها.

وحول الإجراءات اللازم اتخاذها، يُشير الهذال الى ان الاقتصاد مرتبط بالسياسة فالمناخ الاقتصادي الملائم هو من يحدد ويطور ادوات السياسة النقدية، مؤكداً انه “مع استمرار الاختلال في التوازن السياسي والاقتصادي، لن تكون هناك ادوات حقيقية تعالج الخلل في الجوانب المالية العامة والسياسة النقدية”.

أموال مكتنزة

ووفقا لتقديرات المؤسسة فإن 41 في المائة من الكتلة النقدية مكتنزة في المنازل، ما يؤشر الى عدم قدرة المصارف او عدم رغبتها في استقطاب الأموال، وهذا يعني وجود كتلة هائلة من الأموال تخضع لسلوك الجمهور في الطلب على السيولة النقدية. وتعد هذه الأموال فوائض مالية مهمة وثروة نقدية كبيرة، لكنها لا تساعد الوضع الاقتصادي ولو جزئيا.

ووفق احصائيات، فإن النقد المحلي الموجود خارج النظام المصرفي ارتفع بمقدار 50 في المائة منذ بداية 2020 ليصل الى اكثر من 70 ترليون دينار في نهاية 2021 بعد ان كان 47 ترليون دينار في بداية عام 2020، بفعل ضعف الثقافة المصرفية وضعف الثقة بالنظام المصرفي الذي ابعد الكثير من التعامل مع البنوك المحلية.

البحث عن الفائدة

ولكون الحائزين على رؤوس الأموال يبحثون عن الفائدة من أموالهم، اكد علاء سعد (صاحب مكتب صيرفة) ان هناك تداولا محليا للاموال يجني من خلاله مالكوها أرباحا جيدة.

وأشار الى ان أصحاب رؤوس الأموال يقومون باعطاء قروض للمواطنين مقابل مبلغ ربح يقدر بحوالي 25 في المائة، ويتضاعف في حال عدم السداد، مبينا ان سعر بيع فئة 100 دولار يبلغ 200 الف دينار على ان يجري التسديد وفق مدة معينة تتراوح بين (8 - 12) شهرا.

وأضاف سعد، ان هذه التعاملات سببت مشاكل اجتماعية كبيرة وصلت الى حد النزاعات المسلحة بين العشائر، مشيرا الى ان المواطنين يتعاملون مع المصارف في حال السعي للحصول على قرض منها، لكنهم لا يودعون أموالهم فيها لعدم جدوى ذلك، بحسب اعتقادهم.

كندا والعراق

وعند المقارنة بين العراق وكندا التي تمتلك 29 مصرفا تتعامل مع اقتصاد حجمه التقريبي 1990 مليار دولار، وتدير أصولا مالية تتجاوز 4 ترليون دولار، فيما يمتلك العراق من المصارف الخاصة فقط 75 مصرفا تتعامل مع اقتصاد بلغ حجمه في عام 2021 حوالي 208 مليارات دولار، فإذا كانت هذه المصارف تفشل في استقطاب الأموال المكتنزة وهي عاجزة عن تقديم خدمات مصرفية للمواطنين، فما هو الحاجة لها، أم ان وجودها ضروري لاستمرار تهريب وغسيل الأموال عبر مزاد بيع العملة الصعبة؟

بناء الثقة

وقال الخبير المالي محمد فرحان، ان عملية بناء الثقة بين القطاع المصرفي والمواطنين بحاجة الى الى سنوات طويلة، فالدولة وعبر مر السنين تعاملت مع الأرصدة الموجودة في البنوك كاموال خاصة، وتم إيقاف صرف ارصدة المواطنين في أوقات الازمات المالية.

وأوضح، ان زيادة الفوائد على ايداعات المواطنين في حساباتهم المصرفية هي جزء من الحل في استقطاب الكتلة النقدية، لكن الاهم هو معالجة السلبيات الاخرى ومنها تسهيل فتح الحسابات وعمليات الايداع والسحب واجراء الصكوك واعتماد التقنيات الحديثة التي تشعر المواطن بالاطمئنان في التعامل مع امواله كيف ما يشاء من خلال السحب والايداع.