اخر الاخبار

ينتقد مختصون ومراقبون للوضع الاقتصادي ما يصدر حاليا من تصريحات نيابية بشأن إعادة العمل بالمشاريع المتلكئة دون التركيز على كشف أسباب التلكؤ وقيمة الهدر المالي الناتجة عن ذلك.

وعلى أثر تصريح لنائب رئيس اللجنة المالية البرلمانية بان استئناف العمل في هذه المشاريع سيبدأ عبر الشركات المنفذة ذاتها، تمت الدعوة إلى فتح هذا الملف ومحاسبة المقصرين وحماية المال العام والمشاريع التي تتطلب جهدا وطنيا ونزاهة لإنجازها. 

هل توجد فائدة؟

وأعلنت لجنة الخدمات والإعمار في مجلس النواب، استئناف العمل بالمشاريع المتلكئة في عموم البلاد، بعد أن تم توفير تريليون و570 مليار دينار.

ووفقا لقول النائب الأول لرئيس اللجنة باقر الساعدي، فإن “اللجنة قررت استئناف العمل بالمشاريع المتلكئة في مختلف مناطق البلاد بعد أن توقف العمل بها في وقت سابق إثر إرسال كتب لجميع المحافظات بذلك”.

الساعدي قال أن هذه الخطوة “جاءت بعد أن تم توفير التخصيصات المالية اللازمة من الميزانية الاستثمارية. وأن نسبة إنجاز المشاريع المشار إليها كانت قد وصلت قبل التوقف إلى 65 في المائة وسوف تعيد اللجنة تكليف نفس الشركات التي بدأت تنفيذها، ولكن بعد أن يتم صرف السلف والمستحقات المالية لها”.

وفي وقت سابق، كشفت وزارة التخطيط عن عدد المشاريع قيد التنفيذ، فيما بينت ان المشاريع المتلكئة يبلغ عددها بحوالي 1452 مشروعاً، بكلفة تصل إلى 24 تريليون دينار.

وفي حينها، أوضح المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، إن “المشاريع تقسم بحسب القطاعات حيث لدى الحكومة مشاريع زراعية، صناعية، النقل والاتصالات، الخدمات، وتنمية الأقاليم التي تنفذ من قبل المحافظات”، مبيناً أن “هناك أكثر من 7050 مشروعاً قيد التنفيذ مجموع كلفها المالية بحاجة إلى 276 تريليون دينار لإنجازها وتم اتخاذ بعض المعالجات لهذه المشاريع وتقليص كلفها المالية. بالإضافة إلى ذلك فأن المشاريع المتلكئة تبلغ حوالي 1452 مشروعاً بكلفة تصل إلى 24 تريليون دينار حيث تم صرف 10 تريليونات كمصروف تراكمي وما تبقى يحتاج الى إجراءات والمشاريع هذه في قطاعات النقل والاتصالات، تنمية الأقاليم، الصناعة، الزراعة، والمباني والخدمات”.

استنزاف مالي

وفي هذا الصدد، انتقد خبراء ومختصون قرار العودة لاستئناف العمل بالمشاريع المتلكئة دون الكشف عن الاسباب الحقيقية والكلف المالية المترتبة على ذلك، ومن الذي يتحمل التقصير.

وقال الباحث في الشأن الاقتصادي، علي تويج، أنه بعد مرور أكثر من عام على حزمة الاصلاحات التي اطلقها الكاظمي، بخصوص ملاحقة ملفات الفساد والمشاريع المتلكئة، “ما زالت الأمور على حالها وهناك تحرك لاستئناف العمل بالمشاريع هذه دون محاسبة المقصرين”.

وأوضح تويج خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن الكثير من النواب والمختصين “يجمعون على أن أسباب تلكؤ المشاريع تعود بشكل مباشر إلى الفساد، كما أن الجهات الرقابية لم تحاسب الشركات المنفذة وما يثير الاستياء أن لجنة الخدمات النيابية تريد أن تحيل المشاريع المتلكئة مجددا إلى نفس الشركات وفق ما أعلنته مؤخرا ودون حتى أن تلمح إلى وجود اشتراطات أو ضمانات بعدم تكرار ما حصل”.

ويُذكر تويج بما قاله رئيس اللجنة السابق، وليد السهلاني، أن “استمرار مشكلة المشاريع المتلكئة التي لم تُنجَز في قطاعات عديدة، منها الصحة والمياه والكهرباء، ومشاريع في البنى التحتية في المدن الرئيسة، يعود إلى الفساد وإحالة تلك المشاريع على شركات ضعيفة”، منتقدا هذه التناقضات في التصريحات في داخل اللجنة ذاتها.

ويستنتج بأن ذلك “يدلل على أن الحراك بهذا الشأن منطلق من دوافع تثير الشبهات لا الحرص على اكمال المشاريع، خصوصا وأن الأحاديث النيابية لا تركز على محاسبة المقصرين أو الكشف عن أسباب التلكؤ”. 

أين دور الرقابة؟

من جانبه، يقول الأكاديمي صفاء الخزعلي، أن نسبة الهدر المالي داخل هذه المشاريع بلغت أرقاما طائلة.

ويشير الخزعلي خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى أن “الجميع يتحدث عن ضرورة فتح ملف المشاريع المتلكئة لكن الأمر لا يعدو أكثر من مجرد تصريحات، منها ما يدعى بـ(المجلس الأعلى لمكافحة الفساد) الذي شكله رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي قبل أن يستقيل إثر انتفاضة عارمة نددت بحكومته والفساد المشتري”، لافتا إلى أن “هذا المجلس وضع في أولوياته ايضا قضايا الهدر المالي والمشاريع المتلكئة إلا أنه لم ينجز شيئاً في هذا الملف”.

وأوضح أن أرقاما عديدة تصدر عن مراقبين تشير إلى أن “بغداد والبصرة وبابل وذي قار وديالى احتلت في السنوات العشر الأخيرة الصدارة في عدد المشاريع المتعثرة أو غير المكتملة التي أحيلت على الشركات العراقية أو شركات إيرانية. بينما هناك ملف يجب أن يفتح وفيه الكثير من الفساد أيضا، وهو يتعلق بالمناطق المحررة ومشاريع اعادة الاعمار، والاحتيال الذي يجري بواسطة متنفذين يعرقلون الاعمار”.

وشدد على أن “البلاد تزدحم بالمشاريع المتلكئة منذ سنوات لأسباب مختلفة أبرزها عقود الفساد التي يرتبها المتنفذون، أو أن الكثير من الشركات المنفذة تابعة لهم، فالحقيقة أن غالبية الشركات التي أحيلت عليها المشاريع، كانت تابعة لأحزاب متنفذة، أو مدعومة من سياسيين نافذين، أو مرتبطة بمسؤولين في الحكومة، لذا لم تخضع للتقييم الفني، ولا حتى القانوني”.

وفي تصريح سابق للنائب جاسم البخاتي، فإن “تعثر آلاف المشاريع ترتب عنه هدر مالي بعشرات المليارات من الدولارات في مشاريع تتعلق بالبنى التحتية والإسكان والطرق والمشاريع المتعلقة بتوفير المياه”.

وبيّن أن “وزارة الإعمار والإسكان تتحمل المسؤولية الأكبر في ذلك، لأن أغلب المشاريع أعطيت من قبلها بناءً على العلاقات الشخصية”، مؤكداً وجود “مشكلة تتعلق بآليات التعاقد التي تضمنت فترات توقف من قبل الشركات دون أن تكون هناك محاسبة”، داعياً إلى “اتخاذ إجراءات ضد الشركات المتلكئة، وتحميلها كلفة التأخير”.