اخر الاخبار

يهدد الفقر في العراق ملايين المواطنين الذين يعيشون تحت خطه، وفقا تصريحات حكومية، ومع سعي وزارة التخطيط الى إعداد استراتيجية لتحسين دخل ومعيشة العوائل الفقيرة وخفض نسبه، وتحسين مستوى دخل الفرد، يجد مهتمون بالشأن الاقتصادي أن الإجراءات الحكومية في هذا الصدد لا يمكن لها ان تسهم في معالجة أوضاع العراقيين المتضررين اصلا من “الاصلاحات الاقتصادية” التي كانت سببا في زيادة معدلات الفقر. 

في المرتبة 79

أعلنت مجلة “global Finance” الأمريكية، أن العراق جاء بالمرتبة 79 عالميا والثامن عربيًا، ضمن قائمة أفقر شعوب العالم من أصل 192 دولة مدرجة في الجدول. وقالت المجلة في تقرير لها، طالعته “طريق الشعب”، الاثنين الماضي، إن “دول العالم التي شهدت حروبًا أهلية وصراعات عرقية وطائفية، أو تأثرت بفيروس كورونا، تعتبر الأفقر”. وتابعت أن “العالم يمتلك ما يكفي من الثروة والموارد لضمان تمتع الإنسان بمستوى معيشي أساسي”، مضيفة أن “نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي سنويا 12 ألفا و141 دولارا”. 

11 مليون فقير

وفي نهاية أيار الماضي، أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق، وجود 11 مليون عراقي يعيشون تحت خط الفقر، فيما حذرت من تزايد ظاهرة العنف الأسري بين الشرائح الفقيرة نتيجة تردي وضعها المعيشي وغياب الدعم الحكومي.

وتضاعف معدل الفقر في العراق عام 2020؛ إذ بات 40 في المائة من السكان البالغ عددهم 40 مليونا، يعتبرون فقراء وفق البنك الدولي.

ويتفاوت معدل البطالة في العراق مقابل النمو السكاني؛ إذ سجل العراق العام المنصرم أعلى معدل بطالة بلغت 13.74 في المائة، ما سبب ارتفاع بمعدلات الفقر في العراق. 

دخل الفرد

وتعليقا على التقرير، أشار الخبير الاقتصادي احمد خضير الى ان المجلة لم تستند الى ارقام واقعية في تحديد معدل دخل الفرد العراقي، مبينا ان معدل دخل الفرد في احسن الأحوال يقترب من 4 الاف دولار، وعليه فإن العراق يقترب من مستوى الدخل في السودان.

وأضاف ان العالم ينظر الى العراق كدولة غنية وهذا امر صائب، لكن ما تغفله التقارير الدولية ان عائدات الريع النفطي تذهب الى جيوب فئة صغيرة من الشعب نتيجة للفساد المستشري في البلاد، منوها الى ان نصيب الفرد العراقي من الثروات هو الامراض والفقر والحرمان.

من جانبه، قــال المتحدث الرسمي لــوزارة الـتـخـطـيـط عـبـد الــزهــرة الــهــنــداوي، إن “الـوزارة اتخذت إجراءات للحد من تداعيات الفقر منها إعداد خطة للإصلاح والدعم على مدى العامين 2021 ـ 2023”.

وأشــار إلـى أن “الخطة ركـزت على ثلاثة مسارات أساسية أولها المحور الاقتصادي المتضمن سياسات ترتبط بالقطاع الخاص والاقتصاد الكلي والاستثمار، والثاني يتعلق بالمحور الاجتماعي ومــا يرتبط بالبطاقة التموينية، فيما شمل الأخير إجـــراءات لمواجهة تحديات الفقر من خلال تخصيص موارد مالية لدعم شبكة الحماية الاجتماعية، والبطاقة التموينية، والجانب الصحي”.

ولفت إلى أن “الجائحة كان لها أثر واضح على المشهد الغذائي، إذ كان العراق من ضمن البلدان التي تأثرت نتيجة توقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط آنذاك، الأمر الذي انعكس على ارتفاع مستويات الفقر”. 

وسائل غير فعالة

ومن المعلوم ان زيـادة الرواتب أو تحسين البطاقة التموينية، ليست وسيلة فاعلة لمواجهة الفقر، حيث يجب التركيز على الاستثمار في التنمية الاقتصادية لتوفير فرص العمل للمواطنين، فمن غير المعقول أن يكون العراق خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، ومـع ذلـك يـرزح ثلث مواطنيه تحت خط الفقر، الناجم عن سوء السياسة الاقتصادية في توظيف عائدات النفط، وفقا للخبير الاقتصادي نبيل المرسومي.

واكد المرسومي ان “الإستراتيجية التي تضعها وزارة التخطيط تـقـوم على مـحـاور أساسية أهمها توسيع شبكة الحماية الاجتماعية وزيادة رواتبهم وتحسين مفردات البطاقة التموينية، الأمر الذي يصطدم بتمويل هذه المحاور الذي يأتي من العائدات النفطية، المتقلبة نتيجة ارتباطها بسعر الخام، وهو متغير خارجي ومتذبذب يؤدي إلى عدم إمكانية تحقيق تلك الإستراتيجية”.

خطط غير واقعية

 ويبدو ان العراقيين ينتابهم اليأس من محاولات الحكومة ايقاف اتساع رقعة الفقر، التي يصفها المهتم في الشأن الاقتصادي عماد حسين بـ”غير الواقعية”.

وأشار حسين الى ان الحكومة العراقية تعترف بوصول معدلات الفقر في بعض مدن الوسط والجنوب الى حوالي 50 في المائة بفعل غياب العدالة الاجتماعية والفساد واستئثار القلة القليلة بموارد البلاد، متسائلا كيف باستطاعة الحكومة معالجة أوضاع الناس من خلال مؤسسات الدولة عاجزة عن اكمال الاستحقاقات الدستورية.

وبيّن ان الحديث عن اصلاح اقتصادي في الوقت الحالي هو حديث للاستهلاك الإعلامي فمن غير المعقول ان تحدث نهضة اقتصادية في بلد تفشل فيه السلطة التشريعية في إقرار الموازنة مرتين خلال سنوات ثلاث.