اخر الاخبار

“حلالي راح، ودوابي ماتت! والهور يابس”، كلمات نطق بها حسين بايع، وهو احد مربي الجواميس في هور ام النعاج في
محافظة ميسان الذي لم يبقَ منه سوى برك مياه موحلة هنا وهناك، وخطوط جافة لجداول مياه كانت تنحدر عبر مستنقعات
الأهوار التي كانت خصبة ذات يوم.
لا اعلم أين اذهب؟
ويقول بايع: “الجفاف قتل حلالي، ولم يبق لدي من الدواب سوى 3 من اصل 24 جاموسة، نفق اغلبها بسبب الجفاف”.
ويُشير “قضيت حياتي هنا، لكن الجفاف سوف يجبرني على الهجرة، ولا اعلم اين اذهب وماذا اعمل، سوى اللجوء الى
اشقائي الذين سبقوني في هجرة الاهوار”.
ويضيف ان “معيشتنا مستحيلة في ظل الجفاف، وعلى المسؤولين فعل شيء لإنقاذنا من الكارثة”.
احتجاج مرتقب
وليس بعيدا عن ميسان، وفي نطاق جنة عدن، يعتزم المئات من المواطنين في محافظة ذي قار، التحشيد لوقفة احتجاجية في
منطقة هور “ام الودع” للمطالبة بتدخل اممي عاجل وإنقاذ ما تبقى منها، بعد تعرضها هي الأخرى لازمة جفاف هي الأسوأ
منذ سنوات.
وقال الناشط البيئي احمد شاكر: ان هناك وقفة احتجاجية ستنظم قريبا في منطقة “هور ام الودع”، التابعة لقضاء سوق
الشيوخ، جنوبي محافظة ذي قار، للضغط على الجهات المسؤولة وايصال صوتهم الى منظمة الامم المتحدة بشأن ما تتعرض
له مناطقهم من ازمة جفاف.
وأضاف شاكر، ان الوقفة ستتركز على مطالبة الجهات الحكومية المسؤولة عن الملف المائي ومنظمة الامم المتحدة، بإيجاد
حل مع تركيا والوصول الى اتفاق نهائي يضمن حصة العراق المائية.
واشار الى ان ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم ازمة الجفاف التي ضربت مناطق شاسعة من مناطق الاهوار في محافظة ذي
قار، دفع اهلها الى الهجرة نحو المدن.
وفي أهوار الجبايش يبيّن حمزة خشن الأوضاع بالقول: “لم يبق من شيء من الهور، وتحول الى صحراء جرداء، تستطيع
بسهولة العثور على بقايا الأسماك النافقة”.
ويقول عشرات العائلات هجرت المكان كما يقول “بحثاً عن أماكن فيها ماء”.
الجفاف يشتد
من جانب اخر، اكد تقرير لصحيفة المونيتور الأمريكية ان مساحات شاسعة من الأهوار التي تعتبر موطنا لجنة عدن والتي
تمتد بين العراق وايران قد جففتها اشعة الشمس الحارقة، نتيجة لثلاث سنوات من الجفاف ونقص الأمطار.
وذكر التقرير، ان الجفاف وتغير المناخ حولت هور أم النعاج إلى برك من المياه الموحلة بين الأراضي الجافة إلى حد كبير.
وأضاف، ان الأهوار التي تقع بين نهري دجلة والفرات قد عانت في ظل حكم الديكتاتور السابق صدام حسين، الذي أمر
بتجفيفها في عام 1991 كعقاب للمجتمعات التي كانت تعيش هناك نتيجة ايوائهم للمعارضة العراقية، وقد مرت الأراضي
الرطبة بشكل متقطع بسنوات من الجفاف القاسي في الماضي، قبل أن يتم إحياؤها بفعل مواسم الأمطار الجيدة.
وتابع، أن ما بين آب من عام 2020 وحتى الوقت الحالي عانت 46 في المائة من مستنقعات جنوب العراق، بما في ذلك
الحويزة والجبايش، من خسارة المياه السطحية بالكامل، وفقًا لمنظمة بناء السلام الهولندية، كما عانت 41 في المائة أخرى
من مناطق الأهوار المشتركة بين العراق وايران من انخفاض منسوب المياه والرطوبة، وفقًا للمنظمة التي استخدمت بيانات
الأقمار الصناعية لإجراء التقييم.
الأكثر فقرا وتضررا
وأشار التقرير الى أنه “وبحسب منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة فان الأهوار واحدة من أفقر المناطق في
العراق وواحدة من أكثر المناطق تضررا من تغير المناخ”، محذرة من “انخفاض منسوب المياه بشكل غير مسبوق”.
وقال الناشط البيئي أحمد صالح نعمة: “لم يعد هناك المزيد من الأسماك أو الخنازير البرية أو حتى سلالات من ثعالب الماء
الملساء في الأهوار، مضيفا ان مستنقعات الحويزة كانت تروى برافدين من روافد نهر دجلة الذي ينبع من تركيا، لكن تدفقها
انخفض، مشيرا الى أن السلطات العراقية تقنن الإمدادات لتغطية الاحتياجات المختلفة.
اما رئيس مركز إدارة المياه التابع للحكومة العراقية حاتم حامد، فأكد ان الاحتياجات المائية للمزارع والأهوار العراقية تتم
تلبية نصفها فقط، حيث تراقب السلطات الاحتياطيات عن كثب وتحاول تغطية مجموعة من الاستخدامات، مع اعتبار مياه
الشرب أحد الأولويات، مشيرا الى انه من المستحيل تعويض التبخر المرتفع للغاية في الأهوار في درجات حرارة تتجاوز
50 درجة مئوية.
من جهته، يقول مدير عام مركز إنعاش الأهوار حسين الكيلاني: إن هناك برنامجا هذا العام لتوسيع وتعميق وإعادة تأهيل
المجاري المائية والأنهار التي تروي الأهوار، موضحا أن ذلك ساعد في الحد من هجرة مربي الجاموس وتمركزهم على
ضفاف الأنهار المغذية للأهوار.