اخر الاخبار

تتعرض مجتمعات السكان الأصليين وتراثها الفريد للخطر الشديد المتمثل في اندثار لغات الشعوب الأصلية، كذلك يتعرض له تنوعنا العام وقدرتنا على الإبداع والابتكار بحد ذاتها، وفق ما تقوله أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 كانون الأول 1994 اليوم الدولي للشعوب الأصلية في 9 آب من كل عام.

أكثرية تعرضت للإبادة!

وقال الباحث في مجال حقوق الإنسان د. علي البياتي، إن “الهدف من هذا اليوم هو حثّ الدول على حماية تنوع الأقليات وسكان البلدان الاصليين وحمايتهم وتراثهم وثقافتهم باعتبار التنوع هو اساس الابداع والابتكار”، مضيفاً انه “بدون احترام التنوع لا يمكن ان يكون هناك استقرار ولا ابتكار”.

وأضاف البياتي في حديثه لـ “طريق الشعب”، ان “من اهم مشاكل العراق هو عدم احترام هذا التنوع، ووجود صراع بين من يدعي تمثيل المكونات، وهذا اساسه سياسي”.

وأكد الباحث ان “الاقليات كانوا اكثرية في وقت ماضي، وهم سكان اصليون لكنهم اصبحوا اقلية، بسبب الجرائم وما تعرضوا له من ابادة جماعية، وهذا يدل على عدم احترام التنوع في العراق، وعدم وجود سياسة واضحة لحمايتهم وحقوقهم بما يتناسب مع الديمقراطية والاهتمام بحقوق الانسان”.

وتابع البياتي ان “العراق وقع على اغلب الاتفاقيات المعينة بحماية حقوق الانسان وهو ملزم أمام المجتمع الدولي بتنفيذها، لكن مع عدم توفر رؤية واضحة والأولوية لصناع القرار جعلنا نتأخر في تنفيذ هذه الاتفاقيات، وبما ان المجتمع الدولي لا يستطيع ان يعاقب العراق على مفردات عدم تنفيذ الاتفاقيات يجب ان يكون هناك التزام اخلاقي بتنفيذها، على اعتبار ان الشعب هو مصدر السلطات، وهي موجودة لحماية حقوقهم”.

جزء من رصيد العراق

من جانبه، بين الباحث د. سعد سلوم لـ”طريق الشعب” ان “الدستور العراقي لم يستخدم مصطلح الاقليات وكذلك مصطلح الشعوب الاصلية انما استخدم مصطلح (المكونات) وهذا يشير الى جميع المجموعات السكانية العراقية من الاغلبيات والاقليات المختلفة”.

وتابع سلوم ـ وهو استاذ جامعي مهتم بحقوق الاقليات في العراق ـ انه “وفق الفقرة 2 في المادة الثانية من الدستور العراقي فهو يعترف بأربعة مكونات دينية اساسية فقط! وهي (الاسلام، المسيحية، الايزيدية، والمندائية) وأقر مجموعة حقوق لهذه المكونات، منها ما يتعلق بالمشاركة السياسية واستخدام اللغات المحلية وحق التمثيل النيابي (الكوتا)”.

وبين سلوم، ان “التحديات الاساسية التي تواجه الشعوب الاصلية والمتنوعة في العراق تتعلق بالحفاظ على ثقافة ولغات هذه الشعوب لأن بعضها معرض للانقراض مثل اللغة “الآرامية” بحسب اليونسكو، وبالتالي الحفاظ عليها يعد امراً مهماً ويجب ان تولي الوزارات المعنية لا سيما وزارة التربية والتعليم والثقافة اهتماماً افضلاً بهذه اللغات”.

وزاد ان “الإرث الحضاري الذي تمثله هذه الشعوب والعادات والتقاليد تعد جزءا من رصيد العراق ورأس مال حضاري لذا من الاهمية الحفاظ عليها ومعالجة التحديات التي تتعلق بهجرة هذه الشعوب من العراق لانها سوف تؤدي لاستنزاف الرصيد الحضاري للعراق، وتعرض هويته للتلاشي”.

وأصدر الباحث سعد سلوم، في الايام القليلة الماضية كتاباً بعنوان (الإبادة الجماعية مســـتمرة - ديناميات وإبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الإيزيدي) كرّسه لإحياء الذكرى الثامنة للإبادة الجماعية للأيزيديين.

وركزت الدراسة التي صدرت عن مؤسسة مسارات التي يرأسها الباحث، على الإبادة الجماعية التي ارتكبها داعش، واستعرضت مآسي الضحايا التي باتت معروفة على نطاق واسع.

الاهتمام بهم ضعيف!

وعن أهمية هذه الشعوب وحماية وجودها الثقافي والتراثي والحضاري، يقول رئيس منظمة أفق للتنمية علي بخت، ان “الكثير من الدول تختلف في تعريفها للشعوب الاصيلة على مستوى التاريخ؛ البعض يتكلم عن مجتمعات متنقلة وبالتالي تختلف الدول في تعريفها وتصنيفها لكن هناك معايير عديدة لتحديد الشعوب الاصيلة، وهي موغلة بالتاريخ لكنها لا تمتلك الهيمنة على القرار السياسي والاجتماعي برغم أنها تشكل ثقافة الأم في بلدانها، وبالتالي تحافظ بعض الدول على هذه الخصوصية التي تمثل جزءا من الغنى والثراء الوطني بعدة آليات وإجراءات منها القوانين”.

وتابع، أنه في بلدنا هناك اهتمام ضعيف بالسكان الأصليين، معللا ذلك بسبب الوضع السياسي والاجتماعي.

وبيّن بخت أنّ “المشكلة تكمن في الدستور العراقي والقوانين المحلية؛ فهناك ضمانات كثيرة في مواد الدستور، لكن المشكلة تتعلق بتسمية الشعوب الاصيلة، وعندما تجسد ذلك في القوانين، فإن عدد منها اضحى طارداً لهذه الشعوب الاصيلة”.

وتحدث بخت عن اهم القوانين الطاردة للاقليات وبالخصوص المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية، التي تفضل دينا على آخر، بالاضافة الى اجراءات وزارتي الثقافة والتربية، فعلى سبيل المثال فإن المواد الدراسية تتعرف فيها مكونات الى حساب اخر وتعريف وتثقيف لمكون على اساس اخر، بسبب عدم وجود غطاء قانوني لها، وهناك اهتمام بجوانب معنية لبعض الشعوب على حساب شعوب اصيلة خاصة في مواد الاجتماعيات واللغة العربية، وهذا ينطبق على الاعلام والثقافة ومجالات اخرى كثيرة.

ولفت علي بخت الى ان عددا من منظمات المجتمع المدني المعنية، تعمل على استراتيجية خاصة للحفاظ على هذا التنوع، وتشريع قانون خاص بالتنوع والاقليات والضغط على تشكيل هيئات وهياكل في السلطة التنفيذية، مهمتها الحفاظ على الشعوب الاصيلة.

عرض مقالات: