اخر الاخبار

في إطار متابعة “طريق الشعب”، لقضايا الناس وهمومهم، أعدّ مراسلو “طريق الشعب” في بغداد والمحافظات، تقريرا موسعا عن الواقع الصحي، من خلال استطلاع آراء المواطنين الذين يراجعون المستشفيات الحكومية والأهلية.

مستشفى عام واحد 

ونقل المكتب الإعلامي لمحلية الديوانية للحزب الشيوعي العراقي ان “ محافظة الديوانية تعاني، من قلة الأبنية الصحية، حيث يوجد مستشفى حكومي عام واحد، وهو مستشفى الديوانية الذي تم بناؤه عام 1985 وهو بحسب مختصين في نقابة الأطباء “منتهي الصلاحية” وكذلك هو الحال مع المستشفيات الاختصاص مثل مستشفى النسائية التعليمي ومركز الطليعة.

أما القطاعات الصحية التي تختص بتقديم العلاج الأولي للموطن، فهي منتشرة في أحياء المحافظة، لكنها تعاني من نقص في الكادر الطبي والأدوية، وبرغم محاولتنا تقصي الأسباب من جهات حكومية مسؤولة إلا إنها في اغلب الأحيان ترفض التصريح، بحجة انهم غير مخولين بالتصريح إلا بموافقة الجهات العليا.

ويذكر المواطن محمد علي، احد المراجعين لمستوصف حي الصدر الرابع: انه راجع “المستوصف الصحي وانا اعلم بأني لن اجد المرجو منه، لكني اضطر إلى المجيء إلى هنا، لأخذ كتاب تحويل الى المستشفى العام”.

أما أم حسين، مواطنة تسكن حي النهضة، فتقول: انه “رغم وجود غرفة خاصة لمعالجة الأسنان في مستوصف حي النهضة، إلا أنها لا تقدم أية خدمات، فاضطر إلى اخذ تحويل إلى مركز الأسنان التخصصي”.

وتضيف أم حسين “برغم مناشدتنا للجهات المختصة حول تحسين الأوضاع والجواب دائماً يأتي نقص في الكادر الطبي”.

وتعاني العشوائيات السكنية في مراكز المدينة والأقضية التابعة للمحافظة والأراضي الزراعية التي تحولت الى أحياء سكنية شاسعة من انعدام الأبنية الصحية وتقتصر على الفرق الجوالة.

المستشفى الأسترالي

ويعد المستشفى الأسترالي من اهم المشاريع المتوفقة في الديوانية حيث بدأ العمل فيه عام 2010، وتلكأ المشروع بعد سنة واحدة، فيما تبلغ كلفته 145 مليون دولار حسب تصريح سابق لمدير قسم المشاريع والخدمات الهندسية في المديرية المهندس حليم عباس البركي، وبالرغم من تأكيد الحكومة المحلية باستئناف العمل فيه بداية عام 2022 الا ان الواقع يؤشر عكس ذلك.

أسعار الأدوية

أما عن أسعار الأدوية في الديوانية فهي متذبذبة، وهناك فوارق كبيرة بين صيدلية وأخرى. ولمعرفة سبب هذا الفارق يؤكد اطباء: ان “استيراد أي دواء يمر بسلسلة اجراءات منها السيطرة النوعية والفحوصات المختبرية العراقية والكمارك وتنتهي بإضافة هامش ربح قدره 30 في المائة، حسب تعليمات نقابة الصيادلة ووزارة الصحة”، مؤكدين أن تلك الاجراءات والعقيدات تجعل من بعض العلاجات غالية الثمن. 

وينبه بعض مراجعي العيادات الخاصة، الى وجود اطباء يتعاملون مع صيدليات معينة مقابل نسبة من الأرباح.

وبسبب فشل القطاع الحكومي، وجشع المستشفيات الأهلية وعدم ثقة الناس فيها، يضطر كثير من المواطنين للتوجه الى خارج العراق للعلاج، وبالعادة تكون ايران والهند وتركيا وعمان ولبنان هي خيارتهم المفضلة.

واقع سيئ

وفي محافظة بابل، يقول مراسل “طريق الشعب”، محمد علي محيي الدين، ان المحافظة تعاني حالها حال المحافظات الأخرى من واقع صحي سيئ، وتقصير كبير في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، بسبب سوء الادارة، ولاابالية الادارات المحلية في العراق، والمحسوبية والمحاصصة في اختيار تلك الادارات. ويضيف، ان المحافظة تحتوي على 13 مستشفى موزعة بين مركز المدينة والاقضية والنواحي. وتعاني غالبية هذه المستشفيات من نقص حاد في الأجهزة الطبية المتطورة والحديثة اضافة الى بناياتها القديمة جدا، بعضها يعود تاريخ إنشائها إلى الخمسينات من القرن الماضي، ما يجعلها متهالكة.

نقص الادوية والأجهزة الطبية

ويتابع محيي الدين، ان هناك نقصا عاما في الأدوية والأجهزة الطبية الحديثة والمتطورة، مثال على ذلك: يوجد جهاز رنين واحد في مستشفى مرجان، لذلك يتطلب من المريض الانتظار لمدة شهرين او اكثر حتى يحصل على الفحص. اما جهاز المفراس في المستشفى التركي فالحجز عليه يتجاوز مهلة الشهرين أيضا، علما أن هناك بابا اخر للفحص خلال يوم او اكثر بقليل، وهو أن يدفع المريض 50 الف دينار، وبالتالي فان جميع المراجعين يلجؤون للدفع، تجنبا للتأخير الذي ربما يؤثر على حياته.

وينقل مراسل “طريق الشعب”، عن مراجعين قولهم ان أغلب الأدوية التي يتلقونها من المستشفيات الحكومية، هي رديئة المنشأ. ومنها ما هو غير صالح للاستعمال الطبي مثل فلتر غسل الكلى وغيره، بحسب قولهم.

ووفقا للمراسل، فان حالات الاعتداء على الملاكات الطبية والصحية من قبل المواطنين لا تزال تتكرر، وعدم توفير الحماية للكادر الطبي والصحي من أي خطر ممكن أن يتعرض له أي موظف في المؤسسة الصحية.

تخادم واستغلال

وأكد أن بعض الأطباء ونسبتهم كبيرة جدا يستغلون الوضع المتردي في المستشفيات الحكومية لسلب المواطن مبالغ مالية كبيرة جدا في عياداتهم الخاصة، عبر إجراء اي عملية أو فحص او غيرها، وهذا ما يجعل المواطن ناقما على الأطباء والقطاع الصحي بشكل عام.

كما أن أسعار الأدوية في الصيدليات الخاصة تشهد تفاوتا بين مكان وآخر، فهامش الربح يحدده حجم الجشع الذي في نفوس الصيادلة وغيرهم من العاملين في تلك الصيدليات، وبرغم تهديد نقابة الصيادلة لأعضائها من ضعاف النفوس، فان الوضع لا يزال خاضع لأمزجتهم في بيع الأدوية، لا سيما المتعلقة بالأمراض المزمنة.

وتعاني المستشفيات في الاقضية والنواحي ـ ان وجدت ـ إهمالا كبيرا جدا يفوق الإهمال الذي تتعرض له المستشفيات في المركز، لبعدها عن الادارة العامة للصحة في المحافظة، وافتقارها للكادر الطبي المتمرس.

 مركز صحي وحيد

ويقول محيي الدين، ان منطقة حي نادر الثالثة تحتوي على مركز صحي واحد، يشمل مناطق أخرى أيضا تبعد عن المركز ما يقارب الـ15 الى 20 كيلومترا، وان هذه المناطق المتباعدة تشمل أطراف المدينة بالكامل، حيث لا يوجد مركز صحي اخر، وان هذه المناطق فيها زخم سكاني عالي جدا، وهي بحاجة إلى مراكز صحية ومستشفيات، علما أن هناك عشرات المناطق ما بين حي نادر وناحية الدبلة التي يوجد فيها مركز صحي واحد، هي الأخرى.

وتابع المراسل، ان هناك مراكز صحية في مناطق ريفية تعاني إهمالا كبيرا، فهي لا تقدم اية خدمات صحية للمواطنين في تلك المناطق عدا أشياء بسيطة جدا، الى جانب عدم الالتزام بالدوام من قبل الموظفين، وذلك بسبب أن أغلب العاملين في هذه المراكز هم من نفس المنطقة، واحيانا لا تجد موظفا واحدا فيها لابتعادها عن الرقابة المركزية للمحافظة.

سبع البور

وفي العاصمة بغداد، يقول مراسل “طريق الشعب”، عامر عبود الشيخ علي، ان منطقة سبع البور الواقعة شمال العاصمة، والتي يقطنها اكثر من 300 الف نسمة، معظمهم من الفقراء والكادحين، تعاني من نقص في الخدمات، فهي تفتقر الى ابسط مقومات العيش الكريم، منها معاناتهم من عدم الحصول على العناية الصحية، والتي تقدم لهم من خلال مركزين صحيين فقط، اذا لا يوجد فيها مستشفى. 

وعن هذه المعاناة بيّن سعد الساعدي، أحد الوجوه الاجتماعية بالمنطقة، بالقول: “استبشرنا خيرا عام 2014 بقرار وزارة الصحة بتنفيذ مشروع انشاء مستشفى حكومي في منطقة سبع البور، يلبي حاجة السكان، ويتكون من عدد من الطوابق المخصصة لاجراء العمليات ورقود المرضى وعلاجهم. وفي مطلع عام 2015 تمت المباشرة بالعمل والبدء في التنفيذ، الا ان المشروع توقف ولم يتم إكماله حتى الآن، وهو عبارة عن هيكل. وان نسب الانجاز تبلغ حوالي 57%”، مبينا ان السبب في التلكؤ غير معلوم ولكنه لا يخلو من الفساد وسرقة الاموال المخصصة للمشروع، نتيجة المحاصصة والفساد.

وبحسب الاحصائيات الصحية، فانه يجب ان يتوفر مستشفى لكل مئة الف نسمة، وهذا يعني أن سبع البور بحاجة الى ثلاثة مستشفيات على الاقل. 

وأشار المواطن أبو أنور الى ان “مركزين صحيين لا يكفيان لعلاج وتقديم الخدمات الصحية لاكثر من 300 الف نسمة، ويضاف لها سكان القرى المجاورة والمناطق القريبة منها”، مؤكدا ان المركزين يفتقران الى العدد الكافي من الاطباء والممرضين، والى العلاجات التي تكاد تكون معدومة.

 واضاف أنه لدى تعرضه الى وعكة صحية قام بزيارة المركز الصحي، فكتب له الطبيب علاجا، وكان عبارة عن شريط حبوب لالتهاب اللوزتين: “من المفترض ان احصل عليه من صيدلية المركز الطبي، الا ان الصيدلاني اخبرني بأن علي شراءه من الصيدليات الخارجية لعدم توفره”. 

30 كيلومترا للوصول الى المستشفى 

وبيّن مواطنون من سكنة سبع البور، ان اقرب مستشفى عام هو مستشفى الكاظمية التعليمي، الذي يبعد حوالي ثلاثين كيلومترا عن منطقتهم، فيما تسبب هذه المسافة الطويلة معاناة كبيرة لنقل الحالات الطارئة التي تحدث وخاصة في المساء، مؤكدين حدوث حالات وفاة لعدد من سكان المنطقة، عند نقلهم الى مستشفى الكاظمية، نتيجة لبعد المسافة. 

وعن أجور العيادات الخاصة وأسعار الأدوية، يؤكد المواطنون ان اغلب سكان المنطقة هم من الفقراء والمحتاجين، وانهم لا يستطيعون زيارة العيادات الخاصة التي تشهدا ارتفاعا فاحشا في كلفة الكشفيات، فهم ليس لديهم مقدرة على شراء الادوية من الصيدليات الخاصة لارتفاع اسعارها، ولذلك فإن الكثير من المواطنين يهملون مرضهم وانفسهم ولا يراجعون العيادات الخاصة، بسبب وضعهم الاقتصادي المرير.

مطالبات دون جدوى

واكد سكان المنطقة في أحاديث مختلفة لمراسل “طريق الشعب”، انهم قدموا عدة شكاوى الى المحافظة وأمانة بغداد، وقاموا بتنظيم تظاهرات واحتجاجات أمام تلك المؤسسات والدوائر الخدمية، للضغط على الحكومة من اجل الاستجابة لمطالبهم المشروعة، كذلك المطالبة بإكمال بناء المستشفى وتجهيزه بالأجهزة والكوادر الطبية لإنهاء معاناتهم، على اعتبار ان منطقتهم من المناطق المنكوبة ولكن لا استجابة لمطالبنا، ولا حلول من قبل المحافظة والامانة.

ويبدو ان الوضع في بقية المناطق الفقيرة في جانب الكرخ من بغداد، لا يفرق عن وضع سبع البور. وعلى سبيل المثال يوجد في منطقة الشعلة مستوصف واحد، وفي الحرية مستوصفان وفي الوشاش مستوصف واحد، فيما لا يزال التلكؤ في بناء وترميم مستشفيات الحرية والشعلة سيد الموقف.

وبالنسبة لأسعار الدواء فهي بتصاعد مستمر بسبب عدم وجود الرقابة على الأطباء، والصفقات المشبوهة بين الصيادلة والأطباء بان يقوم طبيب معين بوصف دواء محدد لا يوجد إلا في صيدلية معينة.

أجور باهظة

وأكد مراسل “طريق الشعب”، ان كشفيات الأطباء باهظة جداً ولا تتناسب مع الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يعاني منه معظم المواطنين، إذ أن أبسط استشارة طبية، تكلف 25 الف دينار، عدا كلفة الدواء، أما الجراج فالكشف الطبي له من (40,000 ـ 50,000) ألف دينار، ناهيك عن أطباء العيون في الحارثية، فكشفهم الطبي (50,000) الف دينار.