اخر الاخبار

 نشرت “طريق الشعب” في وقت سابق، تقريراً تحدثت فيه عن سوء الوضع التعليمي في العراق، وجاء في التقرير حينها أن طالباً في المرحلة الثالثة من الدراسة الجامعية لم يتمكن من كتابة جملة على لوحة القاعة الدراسية، ما أثار غضب أحد التدريسيين في كليته.

ويعزو الكثير من المختصين سبب هذا التراجع، إلى قلة عدد المدارس وكثرة الدارسين، مع النقص الحاد في الكوادر التربوية وعدم كفاءة الكثير منهم، ناهيك على الأسباب الأخرى المتعلقة بالفساد والمحاصصة في تبني المناصب الحكومية التي تدير العملية التربوية.

البنك الدولي يثير الجدل

أثار البنك الدولي جدلا واسعا في بيان أعلن فيه موافقته على مشروع جديد بقيمة 10 ملايين دولار لدعم الابتكارات من أجل التعلم في ثلاثٍ من المحافظات العراقية المتأخرة.

وقال البيان الذي تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه أن “المشروع الجديد يهدف إلى تعزيز ممارسات التدريس لمعلمي اللغة العربية والرياضيات، وتحسين مهارات القراءة والكتابة والحساب لدى طلاب المرحلة الابتدائية من الفئات الأكثر احتياجاً في المحافظات العراقية التي تتأخر التنمية فيها عن المحافظات الأخرى”.

ويُظهر أحدث تقييم لمهارات القراءة والرياضيات للصفوف الأولى أنه بحلول الصف الثالث لم تكن الغالبية العظمى من الطلاب العراقيين الذين تم تقييمهم قد اكتسبوا بعد المهارات الأساسية الكافية، مع أن أكثر من 90 في المائة من الطلاب يعجزون عن فهم ما يقومون بقراءته، و لم يتمكن ما يقرب من ثلث طلاب الصف الثالث من الإجابة بشكل صحيح على سؤال واحد حول أحد النصوص المناسبة لأعمارهم قرأوه لتوهم، ولم يتمكن 41 في المائة من طلاب الصف الثالث من حل مسألة طرح حسابية واحدة بشكل صحيح. بحسب البيان.

التغيير الجذري

من جهته علق المشرف الاختصاص المتقاعد فرحان قاسم قائلا إن “التقرير أشار إلى طلبة الصفوف الأولى، بينما لدينا نسبة عالية من الطلبة خريجي الصف الثالث المتوسط، يقرأون بدون ان يفهموا”.

وتساءل قاسم في حديثه لـ “طريق الشعب”، “ما معنى ان يدرس الطالب مادة التاريخ المكتوبة باللغة العربية، وموادها معروفة، عند المدرس الخصوصي؟، او يحتاج إلى معلم يجزئ المادة له، كذلك الحال بالنسبة للجغرافية والدين أيضا”.

وأوعز سبب ذلك إلى “الازمة البنيوية الشاملة في النظام التربوي، ففي امتحانات البكلوريا تحدث اتفاقات بين إدارات المدارس، ويتم تغشيش الطلبة لتحقيق نسبة نجاح عالية للحصول على كتب شكر وترفيع، او بعض أولياء أمور الطلبة يدفعون أموالا لتسهيل أمور أبنائهم، فينجح الطالب من الصف السادس الاعدادي بدرجات عالية وهو لا يفقه شيئا”.

واستدرك بالقول “إذا كان الامتحان الوزاري في النظام التربوي بهذه الدرجة، فهل يمكن ان نتصور وضع المدرسة في أيام التدريس، وكيف تجرى الامتحانات، وهذا في بغداد فما بالك في محافظات لا تمتلك حتى أبنية او وسائل بسيطة للتعليم” مؤكدا أن” ما دمر النظام التعليمي في البلاد هو ثالوث الفساد الإداري والمالي وعدم الكفاءة”

وعن الحلول لإصلاح الوضع قال” لا يوجد حل إلا بتغيير النظام التربوي والذي يرتبط بالمنظومة السياسية، فبدون إزاحتها عن صدر العراق، لن يتصلح أي شيء، وهذا الحال ينطبق على كل مؤسسات الدولة التي تعاني من ذات الأزمات البنيوية”.

النسبة غير صحيحة

إلى ذلك علق الناطق باسم وزارة التربية حيدر فاروق على البيان في حديث صحفي تابعته “طريق الشعب”، أن “الجهة الوحيدة المعنية بعملية التقييم في العراق هي وزارة التربية وليس مؤسسات اخرى، وتجري وفق اختبارات ونتائج موجودة فعليا على الأرض، وخير دليل على تقدم التعليم في العراق هو درجات القبول والتخصصات الفعلية في قطاعات عديدة تنافس نظيراتها في باقي دول العالم”.

ولفت إلى أن “الحديث عن نسبة 90 في المائة لا يجيدون القراءة هو كلام غير منطقي، فهذا معناه وجود تسعة اشخاص من كل عشرة لا يجيدون القراءة، وهو أمر لم يلمسه فعليا أو يره أي شخص مطلع ولو بنسبة بسيطة”.

المنظومة التعليمية منهارة

وتعليقا على البيان قال سكرتير اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق أيوب عبد الحسين ان “ ما أورده البنك الدولي في تقريره هو مقارب للواقع التعليمي في العراق، فالنظام التعليمي بات عاجزا عن إيصال المادة العلمية للطلبة”، مؤكدا ان “البنى التحتية لوزارة التربية تفتقر للأدوات والوسائل المساعدة لإيصال المعلومة إلى الطالب لاستيعابها بشكل كامل”.

وأضاف في حديث خص به “طريق الشعب”، ان “البنية التحتية بحد ذاتها هي متهالكة تماما، يرافقها فشل كبير في تطبيق تجربة التعليم الالكتروني، على مستوى طلبة المدارس بمختلف المستويات من الابتدائي إلى الثانوي”.

وأشار إلى انه وفق مؤشرات اتحاد الطلبة فان “هنالك انهياراً تاماً في النظام التعليمي في العراق، وهذا ما يؤكده الواقع ويتحمل هذا الفشل النظام السياسي المشوه الذي كان سببا في دمار التعليم بالعراق، والقائمون على وزارتي التربية والتعليم لان المنظومة الحاكمة دمرت التعليم بالكامل”.

وأضاف عبد الحسين أن “التقرير يقول ان 3 محافظات تأخرت بالتعليم بسبب الحروب والصراعات، بينما الواقع يفيد بان جميع محافظات العراق تعاني من ذات المشاكل، لأنها مشكلة بنيوية ليست مناطقية، فالخلل بالمناهج التعليمية التي لا تولد مهارات وتحتاج إلى وسائل وأدوات لإيضاح المواد العلمية”.