اخر الاخبار

بدعوة من هيئة تحرير “طريق الشعب” عقدت الفعالية الأولى للملتقى الحواري الشهري يوم ١٢-٤-٢٠٢٢، ساهم فيها السادة: سالم روضان، الدكتور احمد عبد الجبار، الدكتور اياد العنبر، مصطفى حمزة ونجم القصاب. وحضرها من هيئة التحرير الرفاق: مفيد الجزائري والدكتور صبحي الجميلي وحسين النجار وعلي شغاتي. فيما قام فريق من المركز الإعلامي للحزب بتوثيق الجلسة وتفاصيلها.

في بداية الفعالية تحدث الرفيق مفيد الجزائري، رئيس التحرير، مرحبا بالحضور وشاكرا تلبيتهم الدعوة، منوها بان طريق الشعب تقيم بهده الفعالية باكورة حواراتها الشهرية.

واكد على أهمية الحوار وتبادل الراي ووجهات النظر بهدف تقديم ما هو أفضل من سبل وآليات وحلول لخلاص بلدنا مما هو فيه، والخروج من حالة الاستعصاء الراهنة. 

وبعده تحدث الدكتور صبحي الجميلي الذي ادار جلسة الحوار وقال:

 في هذا الملتقى سنسلط الأضواء على الراهن من الاحداث والتطورات، سنخوض في قضايا محددة ونتحاور بشأنها وسنتناقش في محاور عدة. بشأن الواقع الحالي، كما تعرفون انقضى ما يزيد على خمسة أشهر منذ الانتخابات الاخيرة، خرقت خلالها مدد دستورية وتعطل انتخاب رئيس الجمهورية وتأخر تشكيل الحكومة الجديدة التي تنتظرها الناس.  لم يحدث تطور خلال هذه الفترة يوحي ان هناك حلولا في الطريق يمكن ان تشكل حلحلة لحالة الاستعصاء. ان استمرار هذه الحالة ستكون له سلبيات، ايضا هناك فجوة من عدم الثقة بين المنظومة الحاكمة وبين الغالبية من الناس التي تعاني ومعاناتها في ازدياد، حيث ارتفاع اسعار المواد الغذائية والدوائية وصعوبات المعيشة كذلك تدهور الخدمات. والناس تتطلع بالتأكيد الى ان ترى ضوء في نهاية النفق.

والسؤال الذي يبرز الان، الى اين تسير اوضاع البلد؟ هل نشهد انفراجاً قريباً يؤدي الى حلحلة الاوضاع وتحقيق الاستحقاقات الدستورية؟ أم ان الامور تتجه الى مزيد من الاحتقان وهذا الاحتقان ربما ليس سياسياً فقط، ويمكن ان تتعدد جوانبه، الاقتصادية والاجتماعية والامنية ايضا.

لم تحترم المدد الدستورية

د. عبد الجبار أحمد:

بادرة جيدة ان تكون هناك حوارات ربما ليست شهرية وانما اقل من شهرية لمواكبة ما يمكن ان يحدث في العراق، أنا في رأيي ان النخب السياسية لغاية يوم 6 نيسان ٢٠٢٢ كانت تنتهك احكام الدستور فيما يتعلق باللامركزية الادارية واللامركزية السياسية لكن بعد هذا التاريخ تم اغتيال الدستور رسميا وهذا الاغتيال تتحمله كل النخب السياسية الحاكمة ولكن بنسب متفاوتة. اغتيال الدستور هذا سيترك ثلمة في الحياة السياسية العراقية، ومع ذلك الاغتيال لا نجد ردود افعال قوية وحقيقية وواقعية من اصحاب الشأن. ومر يوم ٦ نيسان مرور الكرام ولم يعترض الادعاء العام ولا المحكمة الاتحادية. وأرى أن دور المحكمة الاتحادية هو ان تتصدى بشكل جدي، على اقل تقدير تذكر النخب السياسية بان ما حصل عيب دستوري كبير.

ثانيا عندما اجتزنا يوم ٦-٤ سمعنا ان الحكومة تريد ان تدفع ديونا، الزيادة التي حصلت في اسعار النفط، وانا اتحدث عن الابعاد السياسية الاجتماعية، هي لا تعتبر فائضا لأنه توجد مطاليب مؤجلة للعراقيين تتعلق بالمضمون الاجتماعي لكن الحكومة خدعت المواطن بمنحة الـ 100 ألف، والمبلغ الضخم (20 مليار) سيذهب للدين الخارجي، وانا كمواطن اريد ان اعرف هذا الدين الخارجي يتعلق بمن؟ هل بشركات جولات التراخيص النفطية؟ وعلى اقل تقدير يتوجب تعرية الحكومة، والنخب السياسية التي اغتالت الدستور، وربما هذا يأخذنا في المستقبل الى نتائج سياسية خطيرة.

 وثالثا مع كل هذا الشارع غائب وأنا اتذكر عندما عقدت الجلسة المفتوحة فأن منظمات المجتمع المدني هي من اجبر البرلمان على الغاء الجلسة المفتوحة، لكن الان الامر اصبح اصعب من تلك الجلسة، الى جانب ذلك ذكر المستشار المالي لرئيس الوزراء في لقاء قبل يومين بأنه لا توجد حسابات ختامية لسنة 2021، اذن هناك خلل دستوري كبير وهناك خلل في المدد الزمنية للحكومة، اذا عدنا الى قانون ادارة الدولة العراقية لسنة 2004، توجد فقرة في هذا القانون تقول انه اذا حصلت انتخابات او استقالت الحكومة تبقى حكومة تصريف اعمال لمدة شهر واحد فقط، اذن هذا النص اكثر دقة دستوريا من المطبق حاليا وانا ارى لربما حتى حكومة تصريف الاعمال ما عاد مصطلحاً دستورياً مقبولاً لأنه اصبح يتعدى على ما نسميه نظرية الفصل بين السلطات.

اما موضوع التوافقية وموضوع الاغلبية، فان “النخب السياسية”، العراقية اعتادت على المحاصصة والتوافقية لكن مخرجات التوافقية، ان كانت محاصصة طائفية ام بعد تلطيفها قليلا فأسموها وطنية، ستكون نتاجاتها سلبية واوضح نتائج هذه السلبية هي ان الفساد اصبح ذو حظوة واكثر قوة من الذي يحارب الفساد، وبشان المدرسة الجديدة التي تتحدث بالاغلبية، اولا مصطلح الاغلبية هو ليس جديدا في الذاكرة العراقية، فعلى مستوى النخب طرحت من قبل دولة القانون في 2009، وهناك من طرحها بصيغة اغلبية وطنية وبعضهم قال باغلبية سياسية وانا ما يهمني الان، هل يتحمل العقل العراقي السياسي الجديد ان نذهب الى حكم اغلبية ؟ وهل القبول او عدم القبول بهذا المنهج سيولد ردود أفعال؟ انا اعتقد ان الدائرة الكهربائية للتوافقية هي دائرة سلبية لكن من يسيطر على هذه الدائرة شخصيات اصبح لهم سلطة مالية اقتصادية، وسلطة امنية وعسكرية، حكومية وغير حكومية، فأصبح المدافع عن التوافقية ليس هم اصحاب العقليات الاكاديمية الذين يريدون ان يعطوا درسا بأن التوافقية في بلد يحظى بالتنوع والتعدد العرقي والمذهبي والطائفي من الممكن ان يحقق لنا التعايش على سبيل المثال. الان كل الحوارات التي تحدث هي بين النخب المسيطرة وليس بين النخب الاكاديمية لذلك علينا هنا ان نقدم ملاحظة بأنه لابد ان تكون هناك مبادرات ضاغطة كحال كالتي حصلت مع الجلسة المفتوحة.

انا برأيي اقول ان النخب التي قتلت الدستور في ٦-٤ ولم تحترم المدد الدستورية واستبدلوها بتسمية مدد تنظيمية، وهي ليست كذلك، هذه النخب ان اتفقت، فانا لم يعد يهمني كمختص لأنها ستستطيع ان تمارس تجاوزات اخرى سياسية واجتماعية واقتصادية بعيدا عن المواطن.

لا أحد يسمع

د. اياد العنبر:

أصبح هناك التباس ان الاغلبية هي معيار عددي، أرى الان ان الاغلبية أصبح لها أكثر من مفهوم يوم اغلبية وطنية، ويوم اغلبية متوازنة ويوم اغلبية مكوناتية، هذه المفاهيم التي تشوه الرأي العام، انا اعتقد ان هذا التشويه للمفاهيم أكثر خطورة حتى من التعدي على الدستور. الخطورة الاكبر التي من المفترض ان نستشعرها ان وصف الانسداد السياسي هو توصيف مجازي لمفهوم أكاديمي حور عن معناه، بالمفاهيم الصحفية نسميها انسدادا سياسيا، فكرة الانسداد السياسي ان هناك مرحلة معينة. قضية الاضمحلال السياسي او التفسخ السياسي، واصدق وصف ينطبق على ما نحن عليه حاليا هو التفسخ السياسي، هذا النظام يتفسخ او يتعفن إذا صح هذا الوصف لأنه أصبح غير قادر على الاستجابة لمتطلبات الجمهور ولا يوثق علاقته بالجمهور ولا قادر على احتواء التناقضات في العملية السياسية بين الفرقاء السياسيين وفكرة النظام ان تكون قادرة على احتواء التناقضات حتى بين الفرقاء السياسيين بطريقة التعبير السلمي. الان بعض السياسيين يلوح ويهدد انه من الممكن ان نذهب الى إراقة دماء، ونقول لهم هذا دليل انكم فشلتم بنظام أنتم صنعتموه. انا اعتقد أن الخطورة الاساسية لدينا هي افراغ المفاهيم السياسية التي تبني الدولة والمؤسسات من محتواها. تحدث الدكتور عبد الجبار عن الدستور، الذي أصبح ورقة بالية بعد ٦-٤ ولغاية هذه اللحظة وحتى قرارات المحكمة الاتحادية تميزت بتجاوزين خطيرين في سنة واحدة وهو ما حدث بتصريحات من قبل اقليم كردستان بشأن رفض قانون النفط والغاز، وقضية فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية. المسألتان معناهما قتل الدستور وقتل روح الدولة والاهم ان الانتخابات افرغت من معناها الحقيقي، لا توجد زعامة الان تجلس وتتفاوض وتتحاور وهي جزء من عدم الاتفاق او الاختلاف ولديها تعبير على انها ممثلة للشارع بغض النظر عن احزابها، لان هذا النظام الانتخابي يفترض انه لا يلغي فكرة التجمع الحزبي، ويفترض ان تكون هناك حرية لارادة الناخب، هناك تشويه حتى لمعنى المستقلين الذين كنا نعتقد انهم من الممكن ان يكونوا بوابة لكسر احتكار التوافقات السياسية وغيرها لكن الخيبة اكبر، كما كانت الخيبة قبلها بحكومة التكنوقراط، اعتقد هذه اكثر خطورة من الذي نعيشه، نحن لا نأتي بشيء جديد حيث هناك طبقة سياسية لا تؤمن بالدولة، تؤمن بالزعامات السياسية وتؤمن بكسر الارادات وليس لديها مشكلة باعادة سيناريو الفشل مرة اخرى لذلك نحن نوصف هذه الاشياء بطريقة كانما اصبحت في الحقيقة مملة، لا احد يريد ان يسمع الصوت الذي ينصحهم كما كنا نتحدث قبل احتجاجات تشرين الان يعاد نفس الشيء، فلا احد يسمع الصوت الذي يقول انكم تقتلون مشروعا او نظاما انتم شركاء فيه، وانتم المستفيدون منه وليس المواطن، بالنتيجة نصل يوما بعد اخر الى نقطة اساسية ان الاعراف التي تتأسس والفوضى التي تتأسس أصبحت هي النمط الحاكم والبنية الحاكمة لهذا النظام المتهالك.

أحد الاحتمالات ان يقول الشارع كلمته

 مصطفى حمزة:

في الحقيقة ما نعانيه الان هو نتاج تراكم منذ 2003 لغاية اليوم، انتهى الدكتور اياد العنبر عند مسألة اساسية تتعلق بالدولة او اللادولة، في 2003 عندما تم احتلال العراق كان يفترض اسقاط النظام السابق واقامة نظام جديد لكن ما حصل هو تهديم الدولة بإرادة من المحتل وقسم كبير من الاباء المؤسسين للنظام الحالي على أمل بناء الدولة التي يريدونها بصرف النظر عن الدولة السابقة التي جزء منها كان دكتاتوريا، لكن الدولة تعود الى عام 1921، ملكية ثم جمهورية وانظمة مختلفة لكن فيها سياقات دولة. كل هذه لم تحترم، ما حصل بدءا من الدستور الذي تحدثنا عن كيفية سرقته، تراكم الفشل لانه لم يفكر احد من الاباء المؤسسين ومن تلاهم ببناء دولة بقدر ما هو تكريس سلطة وهذه السلطة شاهدناها عبر المستويات المختلفة، برزت احزاب وقوى سياسية وزعامات وكل هذه تحولت الى امبراطوريات سياسية ومالية وكل ذلك على حساب الدولة ولحساب السلطة التي بدأت تكبر وتتغول في مختلف جوانب المجتمع والشيء الذي حاولوا تجميله هو الانتخابات والديمقراطية التي جاءوا بها من الخارج، ليست ديمقراطية ناشئة عن بناء مجتمعي وانما جاءت جاهزة ونحن كل اربع سنوات نتداول السلطة سلميا الى حد كبير ولدينا انتخابات ظاهراً، نعم نحن لدينا ديمقراطية افضل من الدول المجاورة، لكن تراكم الفشل هذا لا يمكن ان يستمر اذ لابد ان يصطدم بنفسه وبما جنت يداه. منذ 2018 يحالون ايجاد تخريجات للخروج مما كانوا يسمونه عنق الزجاجة، قبلاً كان المصطلح السائد هو عنق الزجاجة والان وصلنا الى مصطلح جديد الانسداد او الاستعصاء السياسي. في 2018 جرت محاولة جميعنا فرحنا بها نسبيا وهي بناء تحالفين طوليين عابرين للمكوناتية، كل تحالف فيه من المكونات المعروفة ولكن هذا اجهض بعد ان أرادوا تشكيل الحكومة وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير هي الكتلة الاكبر، فالكتلة الاكبر في 2018 تم تجاوزها واصبحت ارادة بين كتلتين لتشكيل الحكومة، حكومة السيد عادل عبد المهدي التي سقطت بعد سنة ونصف بتظاهرات جماهيرية حاولت ان تغير الواقع السياسي ولكن اصطدمت بارادة قمع غير مسبوق الى حد كبير، 600 شهيد واكثر من 24 الف جريح، كانت حرب وليست محاولة اجهاض انتفاضة جماهيرية كانت شعاراتها كلها تتلخص بشعار واحد هو “نريد وطن”، على أثر هذا الموضوع تم الاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة في الشهر العاشر 2021. نحن الان في الشهر الرابع من عام 2022 بمعنى اننا تجاوزنا مدة 6 أشهر وتجاوزنا حتى الانتخابات الدورية ولم نتمكن من تشكيل الحكومة وليس هذا فقط انما لا يوجد افق لتشكيل الحكومة، الجميع الان لا يملكون حلا، والسيد مقتدى الصدر اعطى مهلة 40 يوما لجماعة الثلث المعطل او الثلث الضامن، والثلث الضامن يعتقد انه صحيح وهو لا يملك الاغلبية ولكن يستطيع التعطيل وكل قصة التعطيل هي الكتلة الاكبر وكيف يجب ان تكون هل هي تحالف عابر؟ وكل هذه الامور والتنظيرات التي نتحدث بها منذ اشهر، حتى الان لا يوجد افق لتجاوزها واليوم الاطار التنسيقي اصدر بياناً أوضح فيه انه لم يعد يلتزم بالمهل الزمنية او غير معني فيها التي تم تحديدها وهذا بحد ذاته يشير الى ان هذه الطبقة السياسية التي تملك المال والسلطة فقط لا تملك الارادة ولا الرؤية التي ممكن ان تسعفها بايجاد حل للمشاكل التي صنعتها بنفسها، كل هذا الفشل المتراكم سببه بداية التأسيس الخاطئ الذي بدأت به العملية السياسية وكل 4 سنوات تنتهي الى فشل جديد وهذه هي الدورة البرلمانية الخامسة. الان ما هو المتصور بعد الـ 40 يوما هناك اكثر من سيناريو لهذا الموضوع، سيناريو ربما الشارع يقول كلمته، السيناريو الاخر هو ان من الممكن ان تستمر الحكومة بدليل ان اليوم صدر تصريح ان البرلمان سيصوت على منح حكومة تصريف الاعمال إمكانية وضع الموازنة، بمعنى شرعنة الحكومة كواقع حال، والسيناريو الاخر والذي يبدو لي اقرب الى الواقع هو العودة الى التوافق. بما ان الجميع يشعر انه خاسر فليس اماهم سوى ان يتجاوزوا كل هذه الامور، توافقية اقلية او اغلبية واسعة او نصف واسعة بالنتيجة يحدث التوافق كما في السابق وتشكل الحكومة بالترقيع.

الضغط الجماهيري مطلوب

القاضي سالم روضان:

اعتقد ان الصراع بين الاحزاب وبين الكتل وبين الفاعلين السياسيين هو موضوع طبيعي، الجميع يسعى بأن يكسب، ونراه في كل الديمقراطيات الموجودة، لذلك الدستور او كاتب الدستور في كل الدول يعتقد او يرى انه ستحصل خروق للدستور فلجأوا الى وضع رقابة وهي الرقابة الدستورية بمعنى ان هناك جهة هي التي تضبط الايقاع من خلال مطابقة الافعال مع النصوص سواء كانت مخرجات هذه الافعال تشريعات، لان احيانا هذه الاغلبية او التوافقية تشرعن، وتتذكرون القرار رقم 44 لسنة 2010 الذي أشار بصريح العبارة، يجب ان تكون هناك محاصصة وعندما طعن به امام المحكمة الاتحادية العليا قضت المحكمة بعدم دستوريته، اذن هناك ضابط معين وهو الرقابة القضائية او السياسية وهي المجالس الدستورية، دستورنا في العراق بعد 2005 اتجه نحو هذا الاتجاه ووضع جهة معنية تتولى ادارة صراعات المصالح فيما يتعلق بنظام الدولة خصوصا ما يتعلق بتشكيل الدولة من خلال الفصل بين السلطات وعدم تجاوز سلطة على حساب سلطة اخرى، لكن ما جرى هو خلل التطبيق لان المنظومة القضائية هي جزء من هذا المجتمع ولا يمكن ان تكون طبقة منعزلة اطلاقا ويجب ان تنسجم مع هذا الكيان السياسي او المجتمع السياسي حتى تتمكن من الاستمرار بمسيرتها لذلك نلاحظ بعض الاحكام التي صدرت في الاغلب يعتقد انها احكام سياسية مسيسة وفي الحقيقة لا العمل الدستوري او القانون الدستوري هو وثيقة سياسية لذلك القرار والحكم الذي يتسم بطبيعة سياسية ليس بعيدا عن هذه التأثيرات، فالمشكلة الراهنة التي حصلت والبعض يعتقد ان القضاء كان هو الفاعل الاول في خلقها عندما تدخل في تمديد مدة الترشيح فالمشكلة بدأت عندما اقيمت دعوى الطعن بالانتخابات. المحكمة الاتحادية اعطت أمل للمعترض انها سوف تحكم بعدم شرعية الانتخابات وبقيت ثلاث جلسات ولمدد معينة ثم في النهاية تقول انها غير مختصة. عندما كنت في المعهد القضائي ندرس القضاة نقول له انك اول شيء تنظر فيه هو انك تنظر في اختصاصك، هل انت مختص ثم بعد ذلك تبحث في الموضوع فكيف محكمة اتحادية وهي تمثل النخبة، ثلاث جلسات تدخل في صلب الموضوع وتحيله الى خبراء ثم في الجلسة الاخيرة تقضي بعدم اختصاصها، هذا ناجم من فعل سياسي ولا استبعد مسألة الطائرة المسيرة التي ضربت منزل رئيس الوزراء والاحتجاجات التي كانت على ابواب المحكمة والرأي العام الضاغط، لذلك المشكلة تبقى تتفاقم طالما تنعدم الرقابة واقصد ليست الرقابة بمسماها وانما الرقابة بفاعليتها.

ثانيا اعتقد ان الإشكالية تنتهي عندما تتعرض المصالح الحقيقية للفاعل السياسي، الان هم لم يخسروا الكل منتفع لكن الصراع على ما سيزيد الغلة او خوفا من ان تقل الغلة، لذلك نرى انهم مددوا واعطوا وقتا لانفسهم. الوضع مستمر والكل مهمين على وزاراته والاستثمارات المالية والاقتصادية مستمرة. صاحب كتاب “لعبة الامم”، يقول القانون هو وسيلة دكتاتورية احيانا، الكل يتمسك ظاهراً بأهداف الديمقراطية والكل يتمسك بحقوق الانسان، كان النظام الليبي من الموقعين على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، لكن عندما تأتي لواقع الحال فهو بعيد عن ذلك، في بعض الامور يجملون واقعهم او يؤسسون لاستثمار اخر، حاليا طالما الشعب صامت ولا يخرج ولا يضغط عليهم ورأيتم ان قانون الانتخابات الذي عُدل تحت الضغط الجماهيري، حتى البعض الذي خرج هو الان جزء من الاشكالية السياسية. فاذا ما توفقنا في ايجاد مخرج لهذه المشكلة فأعتقد ان الحل يكمن في تعديل الدستور وتعديل الدستور يعتمد على الاستفادة من هذه المشكلة، اننا جعلنا الحكومة هي طفل قاصر بيد الوصي وهو مجلس النواب، علينا ان نكبره ونجعله يبلغ سن الرشد وهذه الحكومة تكون مستقلة أما بآلية انتخاب رئيس الجمهورية وتكون له السلطة التنفيذية من خلال جمهور الشعب عامةً وبنفس الوقت نعيد النظر بالاجهزة الضامنة لعدم الخرق الدستوري والتي هي تشكيلات المحكمة الاتحادية بقانون جديد وان تكون شخصية تشغل المنصب باستقلال تام وثانيا يوفر لها الضمانة ان تعمل بأمانة أعتقد هذه صورة قريبة للمعالجة.

د. صبحي الجميلي:

في الحديث الذي تم تناوله من قبل الدكتور عبد الجبار والدكتور اياد، بالفعل المواطن اليوم يسمع بقضايا جديدة عليه ما عدا موضوعة الكتلة الاكبر والجدل الذي حصل بشأنها، هناك موضوع الأغلبية الوطنية، وكذلك الأغلبية السياسية، وهناك كل يوم تضاف تحويرات وأسماء جديدة، السؤال هو ما مدى ان تكون اغلبية سياسية حاكمة فعلاً واقلية معارضة؟ وهذا ما تريد ان تراه الناس في ان تكون هذه الأغلبية السياسة الحاكمة مسؤولة، ويكون لها برنامج ومساءلة من قبل مجلس النواب؟ ما رأيكم وتعليقكم على ذلك؟

الكتلة الأكبر يتوجب ان تكون سياسية وليس اجتماعية

د. عبد الجبار:

المادة 76 من الدستور والتي تعبر عن خلل جوهري في منهج ونهج الحكم في العراق، صياغاتها لا اقول خاطئة ولكن كتبت باطار فكرة الكتلة وليست فكرة المواطن الفرد، فكرة ان الكتل تخشى ان تبرز اصوات ليبرالية مدنية في المستقبل وثم تحكم، اعتقد تم تدوين هذا النص عن دراية وعناية وليس اعتباطياً ولكن اصبحت هذه الكتلة قيد على من يحكم في العراق، لكن من يسترشد ومن يزعم ومن يطرح حجة ويتحدث في العراق عن كتل اجتماعية مكوناتية وليس برامج او مواقف سياسية فحتى المادة 76 لا تسعفهم لانها لم تتحدث عن كتلة اجتماعية بل تتحدث عن الكتلة الاكبر نيابيا. الان بالمقارنة والمقاربة مع الانتخابات الفرنسية، هل نحن قادرون على قول ان ماكرون يمثل “كتلة مسيحية” وماري لوبن تمثل “كتلة إخرى “ ام كلاهما يمثلان الشخصية الفرنسية ؟ ما اريد قوله ان الاختلاف في الانتخابات هو عبارة عن برامج، هذا اتجاهه يساري وهذا اتجاهه يميني، اما في العراق أقول هل ان الانتخابات عبارة عن برامج سياسية ام كتلية جمعية؟ العقل الجمعي ام الفردي؟ هم يتحدثون عن كتلة اجتماعية اذن من الذي يعطي الحجة الشرعية او المشروعية في زعامة الكتلة الاجتماعية هذا الامر من الصعب ان يتحقق، لذلك اقول إن الانتخابات عبارة عن استحقاقات لبرامج سياسية عددية وليس كتلوية يعبر عنها في مقاعد. قد تكون دولة متنوعة وفيها مكونات كثيرة وهذه مكونات اجتماعية طبيعية لكن الذي يعبر عن هذا المكون يعبر عن برامج ولا يعبر عن انتماءات اجتماعية: سنية شيعية كتلوية الخ..

عندما ندرس الطلاب في المرحلة الاولى في العلوم السياسية نقول لهم ان الانتخابات هي كتل اجتماعية موجودة، وفي الكتلة الاجتماعية الصغيرة الواحدة هناك يساري وهناك يميني وهناك متشدد، لذلك انا انوه وأنبه ان ما يطرح في موضوع الكتلة الاكبر عددا هي كتلة سياسية وليست كتلة اجتماعية.

اما بخصوص التوافقية والاغلبية، وتأييدا لما تحدث به الدكتور اياد العنبر، ان أحد الصقور يتحدث ويقول ان في النظم الرئاسية الرئيس يفوز والبقية يذهبون الى المعارضة، واقصد ان الحديث عن كتل اجتماعية تتحرك سينهي شيء اسمه التحول الديمقراطي في العراق.

خطر السلاح خارج الضوابط

القاضي سالم روضان:

المواطن اذا لم يأخذ زمام المبادرة فان الامور ستبقى على ما هي عليه، ولاحظنا في انتفاضة تشرين التي حدثت كيف اثرت، صحيح لم تكن التغييرات بمستوى الطموح لكنها حركت بعض الشيء، لكن ما اريد قوله اننا لغاية 2004 كان تعدادنا 23 مليون، الان عندما برزت قضية المساءلة والعدالة فهم ليسوا اكثر من 15 الف منتسب بالامن ومثلهم جهاز الامن الخاص وجهاز المخابرات ومجموعهم لا يتعدى 100 الف، السؤال هل تتخيل ان هؤلاء الـ100 هم من تمكنوا من اسكات صوت الشعب خلال فترة وجود صدام؟ كان الشعب ساكت ليس بيد الاجهزة الامنية بل كانت هناك جهة تملك سلاحا خارج ضوابط الجيش تأتمر بأمرة الحزب آنذاك، هذه منتشرة في بيتي وبيتك وبيوت الجميع، الظرف الحالي نفس الشيء، اذا اراد ان يخرج المواطن الان سيخرج ضد سين من الناس وهذا لديه سلاح والذين استشهدوا وجرحوا في الاحداث الاخيرة، لا اعتقد ان الجيش والقوات الامنية هي فقط صاحبة الفعل، هناك جهات رسمية وغير ورسمية والجهات التي دخلت بشكل رسمي هي ايضا تخضع لاوامر غير رسمية من خارج الجهات الرسمية، اذن من اجل ان لا نضع كل اللوم على المواطن نحتاج ان نثقفه ونعزز الصوت الذي ظهر وضرب، وها هو حال الدكتور ضرغام، ولاحظوا انه ضرب ولم يحاسب من ضربه، اذن نحتاج ان نثقف المواطن والمواطن يتثقف تلقائيا من خلال معاناته ويدرك كل شيء.

اذن نحتاج الى تثقيف واخذ المبادرة بالطعن امام المحكمة الاتحادية، كذلك نأخذ مبادرة اخرى نحرج بها الادعاء العام، أما مجرد المناشدة فلن يستجيب أحد لها، هناك إمكانية طلب تحريك شكوى قد يكون باسم حزب، وقد يكون باسم منظمة او باسم افراد، لان من مهام الادعاء العام هي مراقبة المشروعية، ونحن إذا حققنا مجموعة احكام قضائية لصالح الشعب من الممكن ان نتمكن من احراج الفاعل السياسي بنسبة معينة ومن الممكن ان نوفر على الاقل فسحة لمن هم موجودين وبعضهم مستقل لكنه لا حول ولا قوة له في مجلس النواب.

الخلاف الشخصي ودوره المعرقل

الاستاذ حمزة:

في الحقيقة هناك مسألة لم نتطرق اليها وهي جانب الشخصنة في العمل السياسي في العراق، ونحن اتفقنا بان لا وجود للمؤسساتية في العمل السياسي، هناك احزاب وهيكلية وديمقراطية وانتخابات لكن كل هذه الامور عندما نريد تجربتها على ارض الواقع نكتشف بان البعد الشخصي هو المسيطر. اذا لاحظنا ان جزءا من الازمة التي نعيشها هذه الفترة على صعيد انتخاب رئيس الجمهورية على سبيل المثال بالاليات التي حددتها المحكمة الاتحادية بثلثي اعضاء البرلمان وهذا صعب تحقيقه جدا ويكاد يكون مستحيلا في ظل هذه الازمة الموجودة بين الكتل والتحالفات، نجد ان الجانب الشخصي هو المسيطر على هذا الموضوع بينما يفترض ان يكون ببعد ديمقراطي مؤسساتي تراكمي، الخلاف بين الحزبين الكرديين مبني على اساس ظاهرا اي حزب له احقيته بالمنصب، الاتحاد الوطني الكردستاني يقول نحن لنا الحق في هذا المنصب باعتبار هناك اتفاق بين الحزبين بتقاسم السلطة في الاقليم وفي بغداد، الديمقراطي الكردستاني يأخذ مناصب الاقليم والاتحاد الوطني له منصب رئيس الجمهورية في بغداد، الان الديمقراطي الكردستاني يقول علينا ان نتجاوز هذا العرف، والخلاف ايضا بين السيد مسعود البرزاني وبين الدكتور برهم صالح وهذا يعرقل المسار، من المحق في الموضوع؟، وفي موضوع التحالف الثلاثي والاطار التنسيقي جميعنا يعرف أنه قبل الاتصال الذي اجراه السيد مقتدى الصدر مع الاستاذ نوري المالكي كان الفيتو على المالكي وجرت نقاشات والسيد الصدر جاء الى بغداد والتقى بالاطار التنسيقي في منزل السيد العامري لكن بقي الفيتو بأن يأتي الاطار معي ( أي مع السيد مقتدى ) ما عدا المالكي لكن بعد الاتصال بالمالكي اخذت القضية سياقا اخر وتعقدت اكثر، كنا نتوقع أنه بمجرد حصول الاتصال ستنفرج الازمة واذا بالازمة تتعقد اكثر، بالنتيجة هاتان القضيتان، قضية رئاسة الجمهورية وهي الان معرقلة بسبب خلاف شخصي وقضية تشكيل الحكومة هي ايضا معرقلة بسبب الكتلة الاكبر التي تنتمي لتحالف اغلبية يكون الشيعة فيه اقلية،كما يقولون، او تحالف شيعي شيعي ويكونوا في المحصلة الغالبية السكانية والغالبية البرلمانية، (أيضا كما يقولون) لا توجد سابقة في الديمقراطيات ان الخلاف الشخصي يكون هو المعرقل لمسار البلد.

الجهات الحاكمة لا تشعر بوجود مشكلة حقيقية

د. اياد العنبر:

في واقعنا، كل الطبقة السياسية والزعامات والحكومة حاليا لا تشعر ان هناك مشكلة حقيقية بقضية البلد، الرواتب موجودة والوضع على ما هو عليه، صفقاتها وامتيازاتها واستثماراتها، واذا كنتم تتذكرون في ازمة التظاهرات القوى السياسية كانت راغبة بابقاء عادل عبد المهدي وبقاء الوضع على ما هو عليه على امل وجود ترتيب معين للانتخابات، كانت هذه رغبة موجودة لدى القوى السياسية من اجل ان لا تعطي انطباعا انها تنازلت للشارع، الان يحدث نفس الشيء هم وجدوا بتغيير الحكومة فرصة ومتنفس لمعالجة الازمة الاقتصادية، أزمة الرواتب وأزمة كورونا لذلك تنازلوا بشأن تشكيل الحكومة. الان لا توجد أزمة ضاغطة خارجية ولا ازمة داخلية يمكن ان تجعلهم يفكرون بتغيير النظام الموجود، نظام الصفقات والاستثمارات. في الحقيقة شعار اغلبية القوى السياسية يقول “لنترك اخطاء الماضي ونرتكب اخطاء جديدة”، نحن لا نغادر الاخطاء ولا نريد تصحيحها لكن نبدأ بأخطاء جديدة، التوافقية خطأ وكل نتاجاتها خطأ، ضياع المحاسبة وضياع المراقبة وتقاسم المؤسسات وتوزيع دوائر الزبائن السياسيين، ضاع حتى مفهوم المواطن الذي تحدث عنه الدكتور عبد الجبار، الذين خرجوا للانتخابات على قلة عددهم اذا اردنا ان نعمل على احصائية دقيقة ليسوا من دائرة الزبائنية الخاصة بهم، هناك فرق بين زبون منظم وفرق بين من تشتت بادارة الامر وقد يكون الغرور وقد تكون الحماقة وكل هذه موجودة لدى الأحزاب المتنافسة، لذلك عندما نقول مشروع الاغلبية بداية حقيقية لكسر منظومة احتكرت العمل السياسي 20 سنة لم تنتج الا هذا الخراب والفوضى، من هذه النقطة لا نتوقع ان حكومة الاغلبية هي حكومة العصا السحرية نعول عليها بشيء واحد وهو كسر منظومة التوافقات وتؤسس الى عرف جديد وهذا ما نريده في الفترة القادمة، لان مشروع الاغلبية لغاية الان غير واضح.

موت هذا النظام المحاصصاتي يكون بتعديل الدستور الذي تحدث عنه الاستاذ سالم، ويحدث ذلك إذا كان الخطاب الى القوى السياسية والى الشارع توافقتم ام لم تتوافقوا، اغلبية ام توافق، يجب ان تكون الخطوة القادمة هي تعديل هذا الدستور بتوقيتات واضحة وصريحة دون مراوغة عدا ذلك سنبقى خلال الاربع سنوات القادمة كما قلت قبل قليل الانتخابات افرغت تماما من محتواها والمكسب الوحيد الذي حققناه منذ عشرين سنة هو ان لدينا أمل بتداول سلمي للسلطة بغض النظر عن مخرجاتها.

لم يحاسب القتلة

نجم القصاب:

بالتأكيد الاساتذة غطوا المواضيع لكن انا لدي ملاحظة بسيطة، انا اقول هي فرصة اخيرة للنظام السياسي وللدولة العراقية جميعنا عانينا من نظام صدام حسين والحكم القمعي والفردي الذي ابتلع الدولة، بالتالي لم يتوقع احد منا ان يأتي نظام او تغيير حكومة وتكون اسوأ من نظام صدام. الان في كربلاء هناك عوائل اعدم صدام حسين افرادها وتترحم عليه، لان الطبقة التي جاءت بعد سقوط صدام حسين اساءت في الحقيقة للمذهب وللدين وللعراق. في الانتخابات الاخيرة كنا نعول على الكثير من الطبقة السياسية خصوصا الطبقة المستقلة بعد ان تغير قانون الانتخابات من سانت ليغو المعدل الى الدوائر المتعددة لكن ما جرى في اختيار منصب رئيس الجمهورية وابتعاد المستقلين والبعض منهم تم شراؤه بأموال والبعض الاخر بتخويفه في الحقيقة اعطى يأسا للشعب العراقي بأن لا يوجد تغيير، وعدم وجود تغيير حقيقي لسبب واحد وهو كثرة القيادات والزعامات، الدينية وغير الدينية، وانا مع السيد مقتدى الصدر بعدم التحالف مع الاطار لان في الاطار هناك 9 قيادات وكل قائد وكل زعيم يريد وزارتين. انا اعتقد ان من الصعب على العراق الخروج من هذا المأزق ما لم تكن ثورة شعبية والثورة الشعبية لم تعد كما حصل في 2019، لاننا نعلم القمع والقتل والبطش والخطف من قبل المليشيات او جماعات موالية لجهات خارجية التي قتلتهم لكن لم يحاسب أحد، انا شخصيا مقتنع بشخص الكاظمي لكن لا اقتنع به لولاية ثانية لأننا نحتاج الى جرأة في اتخاذ القرار، الان نحتاج الى شخص من اهم صفاته هي الجرأة.

د. صبحي الجميلي:

لنبحث الان بعض القضايا والمخارج والحلول الممكنة في الوقت الحاضر، تم الحديث عن المحكمة الاتحادية قد تكون عقدت الامور بقرارها الاخير، هل هناك امكانية ان نرى موقفا جديدا من المحكمة الاتحادية وهي ترى وتسمع وتشاهد حالة الانسداد والاستعصاء والصعوبة وسموها ما شئتم، أن تقدم على شيء لمراجعة موقفا وتدقيقا، وهل تبرز امكانية فعلية للتفكير بصوت عال بموقف جديد للمحكمة الاتحادية بحل مجلس النواب ايضا وهذا قد يكون مطروح على جدول العمل عندما تصل الامور الى حالة عدم وجود حل جديد واوضاع البلد لا يمكن ان تستمر بهذا الشكل وايضا تطرح موضوعة الانتخابات المبكرة ؟

المصالح من يتحكم

القاضي سالم روضان:

المحكمة الاتحادية بامكانها الرجوع عن موقفها بدليل انها اصلا في القرار الاخير رجعت عن قرار سابق بخصوص تشكيل الكتلة النيابية الاكبر عددا في الجلسة الأولى. حسب رأيي النص لم يأت باغلبية الحضور وجاء باغلبية التصويت، المحكمة افترضت افتراضا انه طالما هو يحتاج الى ثلثين فيجب ان يكون هؤلاء موجودين، وهذا عطل عمل البرلمان، بخصوص حكومة تصريف الاعمال النص يقول تصريف الامور اليومية، الموازنة على سبيل المثال تتعلق بهم المواطن، راتب المواطن والاستثمارات واتاحة فرص العمل، وخصوصا الامور اليومية هذا جانب لغاية الان لا يوجد له تعريف قانوني او بنص دستوري بل يخضع لاجتهاد الفقه، على سبيل المثال الفقه المصري في مجلس الدولة المختص بالجانب الاداري اعطى توصيفا للحالات التي تكون فيها مسألة التصريف اليومية والتي اطلقوا عليها اسم تصريف الاعمال المؤقتة، ليس لدينا ضابط معين لمعرفة مدى حدود هذه الامور اليومية فقط في النظام الداخلي لمجلس الوزراء وهذا ممكن ان يتغير في اي لحظة لان من يصدره هو رئيس الوزراء شخصيا ويخضع هذا للاجتهاد، عندما تذهب الى المحكمة الاتحادية ستجدها تجتهد وثقافتها تنعكس في قراءة القاضي وقدرة القاضي على الاستنباط فهذه قدرة الرجل واستيعابه بهذا الشكل يرى الموضوع بهذا النص ويصيغه بشكل قرار.

لدي ثلاث ملاحظات ذكرها الاساتذة، فيما يتعلق بالخلاف بين الاحزاب الكردية او الانشقاق الكردي الذي اشار له الاستاذ حمزة، تفكير كردستان بالدستور وبالرئاسات هو امر ثانوي لان كيف ما يكون رئيس مجلس النواب او رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء هم غير معنيين به، لأنه لا القانون الذي يصدره مجلس النواب يطبق في كردستان ولا القرار الذي يصدر من مجلس الوزراء يطبق في كردستان الا بقناعتهم هم، ولا القضاء العراقي لديه ولاية على اقليم كردستان كان لدينا فقط المحكمة الاتحادية تشمل ولايتها من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب واخر تعطيل لها هو القرار الاخير بخصوص النفط، وهذا موضوع جدل وخلاف.

النقطة الثانية ذكر ان الامر خلاف شخصي بين السياسيين انا لا اعتقد ذلك بل الامر يتعلق بالمصالح، إذا كانت المصلحة تقتضي اللقاء فسيلتقون، اما إذا كانت المصلحة تقتضي الابتعاد فسيختلفون.

النقطة الاخيرة، تم القول باننا لا نقدر أن نتكلم لان السلطة تقضم الحريات، في الحقيقة يتوجب ان نؤشر دور القضاء، بالامس عندما فرح الناس بأمر اخلاء سبيل احمد ملا طلال في حين ان القاضي نفسه هو من اصدر قرار القاء القبض لم يكن قادرا ان يقول ابتداء بأن لا وجود لجريمة، اذن الضامن للحريات هو القضاء، اذا كان القاضي غير مقتنع بوجود الحرية ويعتبر أن كل كلام عليه هو اعتداء على المؤسسة. هناك فرق بين ان تعتدي على سين من الناس ويعد اعتداء على المؤسسة بينما الاعتداء على المؤسسة غير الاعتداء على شخص معين وكانما هذا الشخص اصبح محصناً.

قدرات كبيرة على حرف الرأي العام

د. اياد العنبر:

سأعود الى أصل الموضوع، القوى السياسية لا تعتقد ان هناك اشكالية ببقاء الوضع على ما هو عليه لذلك هم لا يفكرون بالحل، كل الحلول التي تطرح هي من دائرة منظومة السلطة للضغط السياسي وليس لحل المأزق السياسي، على سبيل المثال عندما نقول انتخابات مبكرة او حل مجلس النواب، كيف يحل مجلس النواب؟ وهل يبقى قانون الانتخابات نفسه؟ وهل تبقى هذه الحكومة نفسها والقوى السياسية معترضة عليها؟ هل مفوضية الانتخابات تبقى ذاتها التي اتهموها بالتزوير وغيره؟ بمعنى ان هذا الحل اطلاقا غير منطقي على ارض الواقع لكن ما هو غير منطقي ايضاً اننا نريد ان نحاسب هذه القوى السياسية المتنفذة بحلول منطقية، هم إذا ارادوا شيئا من الممكن ان يجدوا مئة تبرير كما قال الدكتور عبد الجبار انهم يتجاوزن التوقيتات الدستورية ويحددون توقيتات بأنفسهم، والبعض يقول ان التوقيتات مفتوحة وهذه توقيتات تنظيمية وليست حاكمة لضبط العملية السياسية. القضية الثانية المطروحة وقد تكون محاولة للدفع بأتجاه حكومة طوارئ، هذا انقلاب على بنية النظام من دون تبرير ولا اعتقد عليه اجماع، يقولون ان رئيس مجلس القضاء الاعلى يتولى الرئاسة، والسؤال من الذي يمنحه هذه الصلاحية؟ مجلس النواب بيد الزعامات وبكل صراحة اقولها هل يقبل السيد مقتدى الصدر والسيد مسعود البرزاني ان يعاد تسليم الموضوع الى رئيس مجلس القضاء الاعلى، لذلك من يطرح هذا الموضوع هم قوى الإطار، بالنتيجة ماذا سيحصل وما هي الخطوة التالية؟ كم هي المدة لهذه الحكومة وما هي مهامها؟

هناك مشكلة اساسية، من يحرك الشارع في هذه اللحظة، شارع مرهق ومتعب من قضية غلاء الاسعار، الان قوى السلطة تملك ماكنة حزبية وجيوش الكترونية قادرة على تحريف الرأي العام، هل المأزق الان يكون من خلال ان هذه الجولة لا أحد يفكر ان يكسبها. وفي هذه الجولة دعونا نتفق على مشروع لترتيبات الوضع القادم هذه بحد ذاتها قد تكون بوابة ومساهمة، كيف تقنع الناس فهذا الامر يحتاج تسويق وهذه مشكلة ثانية، تسويق النخبة ليس كتسويق احزاب السلطة اعتقد افضل حل هو ان نكون عنصر التقاء او احراج للقوى السياسية، يجب ان نفكر باعادة النظر بشكل النظام السياسي، هل يبقى نظاما برلمانيا  وتعدل بعض الفقرات داخل الدستور وهذا اسهل، او ان يكون رئيس الجمهورية منتخب مباشرة من قبل الشعب، اذا كسبنا هذين الطلبين بهذه الدورة الانتخابية اعتقد ان ذلك سيكون منجزاً كبيراً جدا يضاف الى تغيير قانون الانتخابات الى منجزات تشرين، كيف يكون الضغط الذي يجب ان نفكر به؟

نسير في طريق خطر جدا

د. عبد الجبار:

نحن ليس لدينا حكومة معروفة توصيفاتها كما نعرف التوصيفات في النظام السياسي بامريكا، إنهارت لدينا السلطة التنفيذية بوجود حكومة الطوارئ نحن الان أتعس من حكومة الطوارئ من حيث التوصيف العملي، حسابات ختامية غير موجودة والحكومة تقول نبعث الموازنة لكم إذا تريدون، برأيي ما أفتت به المحكمة كأنما شرعت قضية الكتلة الاكبر وموضوع الثلثين، مع العلم التعديل الاول للمحكمة الاتحادية كان بالاغلبية وقرار اخراج الامريكان ايضا بالأغلبية.

في الحقيقة نحن نسير في طريق خطير جدا، على اقل تقدير كمواطنين يجب ان نترك بصمة ونكون عنصراً ضاغطاً اما التعديلات التي تحدث عنها الدكتور اياد، هي صحيحة لكن هم الان ضربوا الدستور، فأقول ما يلي: ان النخب في ظل وجود قرارات محكمة وفتاوى ونصوص دستورية لم تلتزم بذلك فما بالك بموت الدستور؟