اخر الاخبار

لم تتمكن المواطنة جوليانا عزت من العودة الى منزلها في مدينة الموصل، على الرغم من تحرير مدينتها من داعش الارهابي، وذلك بسبب الدمار الذي لحق بدارها وقتل زوجها وولدها على ايدي عناصر الارهاب، بينما تمكنت هي من الهرب مع بنتيها الى العاصمة بغداد، ومنها الى خارج العراق.

عودة مشروطة

وبحسب جهات معنية، فان عودة المسيحيين الى البلاد ترتبط بجملة من التحديات تشكل العيش الكريم والامن والخدمات وغيرها، مردفة كلامها بأن دوافع الهجرة تراجعت كثيرا في ظل الاستقرار النسبي الذي تعيشه الناس، وكذلك القيود التي وضعتها الدولة المضيفة لهم.

وتقول جوليانا عن واقع حالها لـ”طريق الشعب”: ان “داعش الإرهابي تسبب بتدمير جميع منازلنا ودور عبادتنا في مدينة الموصل، فضلا عن الانتهاكات غير القليلة التي تعرض لها ابناؤنا”.

وتضيف ان “الكثير من أصدقائنا وأحبابنا هاجروا العراق بسبب صعوبة الوضع الأمني، وما نتج عنه من دمار لمعظم العقارات الخاصة بالمسيحيين”.

أسباب كثيرة

وتشير عزت الى انه “على الرغم من عدم رغبة الكثير من العوائل المسيحية في الخروج من ارض الوطن، الا ان ضعف الرادع القانوني وعدم توفير الحماية الكافية لابناء الأقليات، فضلا عن عدم الاحترام للعادات والتقاليد الدينية، اجبر الكثير على ذلك”.

وحول امكانية عودتها الى العراق، تقول جوليانا أنها تأمل تحقيق ذلك في حال توفر حياة كريمة للجميع، عبر تأسيس دولة مواطنة حقيقية يعيش العراقيون في ظلها بسلام.

أرقام

ووفق تقرير لمفوضية حقوق الإنسان، في آذار 2021، فإن 250 ألف مسيحي فحسب لا يزالوا يقطنون العراق من أصل 1.5 مليون كانوا متواجدين قبل 2003.

وأشار التقرير آنذاك إلى أن “1315 مسيحيا قتلوا في العراق بين عامي 2003 - 2014، إضافة إلى نزوح 130 ألفا واختطاف 161 آخرين خلال فترة سيطرة داعش الارهابي على مدينة الموصل بين عامي 2014 - 2017”.

متى يعودون؟

من جهته، يقول مدير دائرة الاعلام والعلاقات في ديوان اوقاف الديانات المسيحية الخور اسقف مارتين هرمز داود لـ”طريق الشعب”، ان “عودة المسيحيين المهاجرين الى البلاد مرهونة بتوفر جميع متطلبات الحياة الكريمة من امن وصحة وتعليم، فضلا عن الاحترام العادات والتقاليد الدينية، في دولة مدنية يحكمها القانون”.

ويردف داود كلامه بان “هجرة العوائل المسيحية الى خارج العراق تناقصت كثيرا عما كانت عليه في السابق، خاصة بعد تحرير الاراضي من داعش الإرهابي، فضلا عن اسباب أخرى تتعلق بالقيود التي وضعت اثر جائحة كورونا، اضافة الى الحرب الروسية - الاوكرانية”.

ويلفت الى انه لا توجد إحصائيات دقيقة عن اعداد العوائل المسيحية التي هاجرت البلاد “لكن الشيء المؤكد ان اغلب العوائل فضلت الهجرة على البقاء داخل العراق، وهم يتجاوزون نسبة 70 بالمائة”، معتبرا ان “هجرت العوائل المسيحية الى خارج البلاد، هي خسارة ليس عددية، انما نوعية لمكونات لها عمقها التاريخي والحضاري في بلاد ما بين النهرين”.

تحديات عديدة

ويشير الى ان هناك تحديات اقتصادية غير قليلة تعيشها العوائل المسيحية، والتي أبرزها شح فرص العمل، مما يجبرهم عن البحث عن دول اخرى توفر لهم عيشا بمستوى اقتصادي افضل عما هم عليه في داخل البلاد”.

ويستدرك بقوله: ان “جميع المواطنين في هذه البلاد متضررون نتيجة لسياسات المحاصصة الطائفية، التي لم تترك مجالا لأي موطن لأجل العيش بسلام في هذه البلاد”.

ويخلص الخور أسقف الى التنويه بان هناك جهودا حكومية “من اجل تمكين العوائل المسيحية من البقاء في ارض الوطن، الا ان التحديات السياسية غير القليلة، تحول دائما نحو تحقيق ما تسعى اليه السلطات”.