اخر الاخبار

قرر مجلس الوزراء مؤخراً، فتح إستيراد جميع المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والأدوية ومواد البناء، وإلغاء كافة القرارات الصادرة بشأن حماية المنتج. وبرر المجلس قراره بالحاجة للحد من الارتفاع الجنوني في الأسعار، وتأثيراتها المعقدة على المواطنين. وقد وصف خبراء ومسؤولون هذه الإجراءات، بالتراجع المريع عن مساعي تقليص سياسة الباب المفتوح أمام الإستيراد، والتي أضرت كثيراً بالإنتاجين الزراعي والصناعي، وزادت من معدلات البطالة والفقر، وقلصت مساحات الأراضي الزراعية وقضت على مشاريع صناعية منتجة، فيما يرى أخرون بأن الحكومة كانت مجبرة على إجراءاتها بسبب قلة الإنتاج المحلي.

غياب الرؤية

وبهذا الصدد، يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح لـ”طريق الشعب” ان “غياب الرؤية الحقيقية لحاجة العراق من كميات المواد الغذائية المستوردة ينعكس سلبا على القرارات الحكومية”، ويضيف “ان البلاد تعاني اليوم من رؤية اقتصادية غير واضحة، فإذا ماتم حجب الاستيراد الخارجي، أرتفعت الاسعار وسبب ذلك أضرارا كبيرة بالفئات الفقيرة، وإذا ما فُتحت الأبواب أمام الإستيراد، تعالت الأصوات المطالبة بدعم المنتج المحلي”.

ونبه المستشار صالح إلى ان “ما ينتج محليا من مواد غذائية لا يسد سوى 10 بالمائة من حاجة السوق المحلية، وهذا ما يجبر الحكومة على فتح الاستيراد الخارجي”، وأشار إلى أن “ميزان الروزنامة الزراعية، يعاني من الاضطراب في جوانب كثيرة، منها غياب الاحصاءات وضعف السيطرة على منافذ دخول البضائع إلى البلاد، إضافة للخلافات السيادية الجمركية”.

للفلاحين رأي آخر

إلى ذلك، يفيد رئيس الجمعيات الفلاحية حسن التميمي لـ”طريق الشعب” أن “فتح الاستيراد خطوة غير موفقة وتؤثر سلبا على المنتج المحلي”، ويشير إلى أن “ارتفاع الاسعار جاء نتيجة التلاعب فيها من قبل بعض المنتفعين، فضلا عن غياب الرقابة الحكومية على منافذ البيع”. ويطالب التميمي الحكومة بالسيطرة “على الاسعار في الاسواق المحلية وتقديم الدعم للفلاح وتحديد نسب محددة من العمولة الخاصة بالتجار الصغار”. وحول عدم كفاية المنتوج الوطني، أشار التميمي إلى أن فتح الاستيراد ليس حلاً، بل “إن من الأجدر على السلطات تفضيل تقديم الدعم للفلاح على اجراءات فتح الحدود، التي تعود بالفائدة على دول الجوار، تلك التي دأبت على إغراق السوق بمختلف انواع المنتجات”.

وبخصوص موقف الجمعيات من هذه الاجراءات الحكومية يقول التميمي” هناك مساع للخروج بتظاهرات حال الاستمرار بتطبيق هذه الاجراءات التي تعود سلبا على مصلحة البلاد الاقتصادية”، مؤكداً على ان “البلاد تفتقر إلى سياسة زراعية واضحة لأن المؤسسات الحكومية المعنية، تتخبط في إجراءاتها”.

رؤى مختلفة

من جهته، يقول الخبير الزراعي د. خطاب عمران الضامن لـ”طريق الشعب” ان “السلطات التنفيذية لديها كافة الصلاحيات القانونية لفتح الاستيراد متى ما كانت هناك حاجة لذلك”، ويضيف أن “اسعار المواد الغذائية شهدت ارتفاعاً كبيراً، خاصة خلال شهر رمضان، وهو ما أضر كثيراً بالقوة الشرائية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود”، معتقداً بان “الاختلاف بين العرض والطلب، سبب إختلالاً كبيراً، أجبر الحكومة على فتح الاستيراد”. وبخصوص تأثير ذلك على المنتج المحلي يقول الضامن “ان اجراءات فتح الاستيراد لا تخلو من آثار سلبية على المنتج المحلي، وإن هناك ضرورة إلى زيادة الاستثمارات الزراعية عبر منح القروض ودعم الفلاح في سبيل زيادة مساحات الاراضي المزروعة خاصة للمحاصيل الزراعية الرئيسية”.

بدوره، يرى الخبير الاقتصادي دريد العنزي أن “القرارات الحكومية تفتقر إلى الدراسة وان الانتاج الزراعي السنوي متعثر وغير مستقر بسبب غياب الخطط الزراعية المطلوبة”. ويقول لـ”طريق الشعب” إن “الاستيراد الخارجي، إجراء تتخذه الحكومات في وقت قبل الأزمة وليس عند حدوث الأزمة مثلما عملت الحكومة العراقية”. وأوضح العنزي “كان الأجدر على الوزارات المعنية تنبيه السلطات بقرب حدوث أزمة حال استمرار الانتاج على ماهو عليه، من أجل اتخاذ ما يلزم قبل الدخول في أزمة الاسعار الملتهبة”، منوها “ ان غياب الرؤيا المستقبلية عرقل من عمليات وضع الخطط اللازمة لتدارك الازمات”. ويضيف “كما ان غياب التخطيط الاداري في عملية الاستيرادات، يعود سلبا على الاقتصاد العراقي بصورة عامة، وان المتضرر الاكبر من ذلك هو المواطن”، مشيرا إلى أن “جميع ما يتخذ من خطوات لدعم الفئات الفقيرة وقتية، وسيتم دفع ثمنها في وقت لاحق إذا ما إستمرت هذه الحلول الترقيعية”.