اخر الاخبار

نشر موقع منظمة اليونيسيف الرسمي، أخيرا، جداول صادمة لارتفاع نسب البطالة بين شباب العراق من مختلف الفئات العمرية، خلال السنوات الأخيرة.

واعتمدت المنظمة في جداولها على أرقام كان قد نشرها الجهاز المركزي للإحصاء في العراق. 

فوفقا للجهاز بلغت نسبة البطالة 13.74 في المائة عام 2020، قياساً بـ 12.76 في المائة عام 2019. فيما ربطت مواقع متخصصة بين الزيادة المطردة لعدد السكان وتناقص فرص العمل. حيث تدخل سنوياً أعداد جديدة إلى سوق العمل، التي لا تستطيع استيعابها في ظل عدم وجود خطط آنية للتشغيل. 

وبحسب تقرير نشره موقع “أراب نيوز” الاخباري، فإن هناك 7 ملايين شاب عراقي عاطل عن العمل، تتراوح أعمارهم بين 14 و 29 سنة.

وجاء في التقرير أن “البلد يشهد تضخماً كبيراً بعدد الشباب، مع فشل الحكومات المتعاقبة في تسخير إمكانياتها لدعم اقتصادها الضعيف”. 

وكانت “منظمة إنقاذ الطفل” العالمية قد عبرت عن مخاوفها من تفاقم هذه المشكلة، عندما يرتفع عدد الشباب من 7 إلى 10 ملايين بحلول عام 2030. 

وبحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، فإن نسبة الشباب في سن العمل بين15 و 35 سنة، تتجاوز نصف مجموع السكان، في الوقت الذي تتزايد فيه نفوس العراق حوالي مليون نسمة سنوياً، ما يعني أن هناك حاجة لتوفير 450 ألف فرصة عمل إضافية كل عام.

أسباب الأزمة

لا تتفق المبررات التي تسوقها الجهات الحكومية مع التقارير الدولية حول أسباب هذه الأزمة وطرق علاجها. ففي حين ألقى المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح صحفي، باللائمة على الظروف الأمنية الصعبة التي مر بها العراق منذ عام 2014، وعلى جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط في الفترة الماضية، حدد تقرير اليونيسيف أسباباً أخرى لهذه الأزمة، من بينها “عدم وجود برامج فاعلة للتعامل مع البطالة والتحكم الإيجابي في أعداد الوافدين الجدد إلى سوق العمل، والانهيار في تعيين الخريجين، وتدهور التخطيط التربوي، وتدني الارتباط التعليمي”، بالإضافة إلى زيادة عدد السكان.

قنبلة موقوتة

الخبير في الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، يصف من جانبه مشكلة البطالة بـ”القنبلة الموقوتة”، مؤكدا في حديث صحفي، ان “البطالة تعني جوع أسر بأكملها، وأن لا يذهب الأبناء إلى المدارس”.

ويضيف قائلا، أن “ما يثير القلق والغضب أيضاً، إغفال الحكومة لمعدلات البطالة المتصاعدة. إذ إن معدل نمو السكان والأعداد الهائلة من الخريجين سنوياً تضيف باستمرار آلافاً لجيش البطالة” معربا عن اعتقاده بـ “استحالة توفير درجات وظيفية لكل العاطلين، لأن ما طرحته الحكومة من درجات وظيفية في السنوات الأخيرة، لم يتجاوز الـ 5 آلاف”.

وعن معالجة الأزمة، يرى السعدي “انها ليست بالأمر المستحيل في بلد نفطي غني بالموارد والإمكانات الاقتصادية، لكن بشرط توفر الإرادة الوطنية والتخطيط الصحيح. وهذان العاملان، للأسف مفقودان لدى الحكومات المتعاقبة”، لافتا إلى أنه من بين الحلول التي قد تساهم في معالجة أزمة البطالة “فتح مكاتب العمل في كل المحافظات بهدف توفير إحصائيات تقدم للحكومة تصورا دقيقا عن هؤلاء العاطلين”.

ويتابع قوله، أنه “من الضروري أيضا الحد من تدفق المنتجات المستوردة التي تسببت في إقفال كثير من المصانع الوطنية”، مشددا على “أهمية تركيز الحكومات على مشاريع البنى التحتية، لدورها في تعجيل البناء والإعمار، مع ضبط التدفق الكبير للعمالة الأجنبية من خلال التشريعات والضوابط الإدارية، فضلا عن تفعيل برامج التدريب والتأهيل للعاطلين عن العمل، وتوفير قروض لتأسيس المشاريع المتوسطة والصغيرة”.

تعطيل قدرات الشباب 

إلى ذلك، يرى المحلل الاقتصادي حسين ثاقب، أن “افتقار البلاد لمراكز التدريب التي تتيح تعلم التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، ساهم في تعطيل قدرات الشباب. فالكثير من الوظائف تتطلب مثل هذه الخبرات”. 

ويتفق الباحث مصعب الآلوسي مع هذا الطرح، معتبراً في حديث صحفي، أن “شريحة الشباب غير مؤهلة للتنافس من أجل الحصول على وظائف، لعدم امتلاكها المهارات اللازمة للعمل في الشركات والمؤسسات الأهلية. وأن هذه الوضعية تكاد تكون مزمنة، خاصة في المحافظات التي عانت تبعات الحرب في السنوات الماضية، مثل صلاح الدين وديالى. فما نسبته 90 في المائة من أطفال هذه المحافظات حرموا من ارتياد المدارس، وقد وصل الآن الكثير منهم إلى سن الشباب”.