اخر الاخبار

استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اخيراً،  مجموعة من عمال النظافة على مائدة إفطار خلال شهر رمضان، في خطوة اعتبرها البعض لفتة إيجابية. وخلال اللقاء، أشاد السوداني بالدور المهم الذي يؤديه عمال النظافة، خصوصا خلال الظروف القاسية، كموجة الأمطار التي هطلت مطلع هذا الأسبوع والتي تجاوزت شدتها 72 ملم.

ورغم ما يعانوه هؤلاء العمال من ظروف عمل شاقة، تفتقر إلى متطلبات السلامة، والعمل مقابل أجور ضئيلة لا تتناسب مع الجهد المبذول، لم يجرِ في اللقاء التطرق إلى هذه المشاكل والتحديات، التي دفعت الكثير منهم إلى الدعوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتنظيم إضرابات للضغط من أجل تحسين أوضاعهم، والمطالبة بمنحهم أراضي سكنية على غرار منتسبي وزارات أخرى.

معاناة يومية بلا نهاية

العامل أبو ضرغام يشير في حديث مع "طريق الشعب" إلى هذه الظروف القاسية للغاية والرواتب الزهيدة التي يتقاضونها فيقول "نخرج يوميا بعد السحور خلال شهر رمضان لنقضي ساعات طويلة وسط أكوام القمامة. رواتبنا بالكاد تكفي لتلبية احتياجاتنا الأساسية، ولا نحصل على أي حوافز أو مكافآت، ناهيك عن افتقارنا إلى أدوات السلامة أثناء العمل".

ويشير أبو ضرغام إلى تحميل المواطنين عمال النظافة مسؤولية انسداد مجاري الصرف الصحي خلال الأمطار الغزيرة، رغم أن البنى التحتية المتهالكة في بغداد هي السبب الرئيسي وراء ذلك، مضيفاً بأن العمال يعانون من أجور متدنية حتى بعد تثبيتهم على الملاك الدائم.

وفي البصرة، لا تختلف الأوضاع كثيراً، حيث يقول عامل النظافة "أبو علي"، بأنهم يواجهون مخاطر صحية يومية نتيجة التعامل مع أدوات حادة ومواد كيميائية دون أي مستلزمات للحماية. ويوضح قائلا "لا أحد يهتم بنا، إذا ما تعرضنا لإصابات أو أمراض أثناء العمل، فنضطر لتحمل تكاليف العلاج بأنفسنا. ورغم المخاطر، لا خيار لنا سوى الاستمرار".

أجور زهيدة وحقوق مهدورة

تعد مسألة الأجور من أبرز القضايا التي تواجه عمال النظافة. فراتب العامل غالباً ما لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور، مما يضعهم في موقف صعب لتلبية احتياجات أسرهم. يقول "أبو محمد"، عامل نظافة في أمانة بغداد: "أعيل أسرة من ستة أفراد وراتبي لا يتجاوز 300 ألف دينار شهريا. هذا المبلغ لا يكفي لتغطية احتياجاتنا الأساسية".

كما يفتقر العمال إلى التأمين الصحي والاجتماعي، مما يزيد من معاناتهم. يقول أبو محمد: "نفتقد الضمان الصحي. إذا أصبنا أثناء العمل، فإننا نتحمل تكاليف العلاج الباهظة وهذا ليس عدلاً، فنحن نعمل في بيئات خطرة دون أن نحصل على مخصصات الخطورة التي ترصد إلى أغلب موظفي الوزارات الاخرى".

ظروف عمل قاسية

إلى جانب الأجور المتدنية، يشتغل عمال النظافة في ظروف مناخية صعبة دون توفير أي دعم. يقول عامل النظافة أحمد أزهر، "في الصيف نعمل تحت درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، وفي الشتاء نعاني من البرد القارس. لا يتم توفير مياه باردة في الصيف أو ملابس خاصة مناسبة لعامل النظافة في الشتاء".

ولا تتوقف معاناتهم عند الظروف المناخية، بل تمتد إلى الاعتداءات التي يتعرضون لها أثناء أداء عملهم. ففي حادثة مؤسفة، تعرض عمال بلدية التون كوبري في كركوك لاعتداء من قبل مجموعة من الرعاة أثناء تفريغ النفايات، ما أسفر عن إصابتهم بجروح استدعت نقلهم إلى المستشفى.

دور حيوي ومظلومية مستمرة

ورغم أن عمال النظافة هم العمود الفقري لنظافة المدن وصحة المجتمعات، فإنهم يواجهون تهميشاً وظروفاً صعبة دون حلول ملموسة، في وقت يستحق فيه دورهم الحيوي مزيدا من الاهتمام من قبل رئيس الوزراء والجهات المسؤولة، وذلك لتوفير حياة أكثر إنصافا لهم وعدم اقتصار الحلول على مائدة إفطار تجمع المسؤول بعدد قليل من شريحة واسعة تعاني الآمرّين. ويبقى السؤال الذي يتكرر: متى ستتحمل الحكومة والمجتمع مسؤولية إنصاف هذه الفئة التي تعطي الكثير دون مقابل؟