العربي الجديد
أكد ثلاثة مسؤولين عراقيين في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن الإدارة الأميركية تواصل منذ أسابيع، حزمة من وسائل الضغط، وبشكل غير معلن على العراق، ضمن إجراءات ما بات يُعرف بـ"فك الارتباط بإيران"، تتعدى مسألة الفصائل المسلحة وسلاحها النوعي، إلى إجراءات تتعلق بإصلاحات في الجهاز القضائي، والقطاع المالي، بما يضمن لهما مزيداً من الاستقلالية عن هيمنة الجماعات الحليفة لإيران. ويأتي ذلك بعد أسبوع من إعلان وزارة الخارجية الأميركية، إدراج أربعة فصائل عراقية مسلّحة حليفة لإيران، على لائحة المنظمات الإرهابية، وهي حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي.
وبحسب بيان للوزارة، فإن "القرار جاء استناداً لمذكرة الأمن القومي الرئاسية المقدمة للرئيس دونالد ترامب، والتي تُلزم بممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران لقطع التمويل عن النظام ووكلائه وشركائه الإرهابيين". ويرتفع بذلك عدد الفصائل المُدرجة على لائحة الإرهاب إلى 8، أبرزها كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، والنجباء، والإمام علي، وسيد الشهداء، وأنصار الله الأوفياء، بينما تبقى فصائل وشخصيات فصائلية أخرى مثل بابليون، وحشد الشبك، وفالح الفياض زعيم الحشد الشعبي، ضمن عقوبات لوزارة الخزانة الأميركية أصدرتها على نحو زمني متفاوت بالسنوات الأخيرة.
ويتفق ثلاثة مسؤولين عراقيين، أحدهم نائب في البرلمان العراقي، عن الائتلاف الحاكم (الإطار التنسيقي)، على مسألة تصاعد الضغوط الأميركية تجاه العراق ضمن ما بات يُطلق عليه بـ"فك الارتباط بإيران"، والتي شملت عدداً من القطاعات والمؤسسات العراقية المهمة، كان أبرزها قطاع البنوك، حيث تم إخضاع البنوك الحكومية والخاصة لآلية مراقبة أميركية تهدف لضمان منع استفادة إيران من النظام المالي العراقي. وأبلغ مسؤول عراقي في وزارة الخارجية في بغداد، "العربي الجديد"، أن الضغوط الأميركية، لا تقتصر على ملف "الحشد الشعبي"، أو حصر سلاح الفصائل المرتبطة بإيران بيد الدولة، بل تعدى إلى قطعات ومؤسسات أخرى كثيرة.
الدبلوماسي العراقي الذي عاد إلى بغداد أخيراً بعد انتهاء فترة ولايته بإحدى البعثات الدبلوماسية العراقية في أوروبا أكد، لـ"العربي الجديد"، أن "واشنطن تريد محاكمات قضائية داخل العراق، لزعماء فصائل وشخصيات متهمة بجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات حقوقية". ولم يذكر المسؤول العراقي أياً من تلك الأسماء التي تطالب واشنطن بمحاكمات "شفافة" لهم داخل العراق، لكن بالعودة إلى قائمة الأسماء المدرجة على لائحة العقوبات الأميركية، يُمكن ملاحظة أن أبرزهم، قيس الخزعلي، وأبو فدك، وشبل الزيدي، وريان الكلداني، وأبو آلاء الولائي، وحسين مؤنس.
وزاد المصدر ذاته، أن "القطاع المالي العراقي بشقيه الحكومي والخاص، بات تحت رقابة شبه تامة من الخزانة الأميركية، لضمان منع استفادة إيران أو أطراف تابعة لها، من النظام المالي العراقي"، مشيراً إلى أن "التحويلات المالية التي تتم من العراق للخارج تمر جميعها عبر بنوك وسيطة في الأردن والإمارات، ضمن إجراءات الرقابة الأميركية الحالية".
هذه المعلومات أكدها عضو في البرلمان العراقي، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن ملف حل الفصائل المسلحة في العراق، أو دمجها مع القوات الأمنية النظامية، واحد من بين ثلاثة ملفات تضغط واشنطن تجاهها، مؤكداً أن القطاع المالي، وإنهاء تدخل الفصائل المسلحة بعمل القضاء وضغوطها عليه، مطروحة ضمن ما يعرف بفك الارتباط عن إيران، مشيراً إلى أن بعض الإجراءات بدأت بالفعل، وقادة الإطار التنسيقي مدركون أهمية عدم التماهي مع الرسائل الأميركية، في تحقيق إصلاحات بقطاعات ومفاصل مهمة بالدولة، بما يضمن إبعادها عن التأثير الإيراني.
لكن سلسلة إشارات وتسريبات ظهرت أخيراً، تفيد بأن تحالف "الإطار التنسيقي" الممثل السياسي للقوى السياسية الشيعية والفصائل المسلحة الموالية لإيران، مرتاب فعلاً من الإجراءات والقرارات الأميركية المستقبلية، والتي تمثل إعلان ضوء أخضر للكيان الإسرائيلي، لضرب أهدافه داخل العراق سواء من الجماعات، أو الأفراد، أو المؤسسات.