اخر الاخبار

ما ان تسير بالقرب من قرية المصلخة الواقعة على مسار نهر دجلة في جبال مكحول ضمن قضاء بيجي شمالي صلاح الدين، حتى تبدأ باستنشاق هواء خانق يحمل روائح كريهة لا تغادر المكان، وكأنها جزء من الطبيعة. وبعد أن تتحرى عن الأمر، ستكتشف أن الأرض مغطاة بسائل أسود ينبع من الجبال ويصب في النهر، فيخلف على سطحه بقعا زيتية.

وتنتشر على جبال مكحول في تلك المنطقة، عيون نفط خام وأخرى كبريتية، لم تتمكن شركة نفط الشمال ودوائر البيئة من السيطرة عليها حتى الآن، ما يجعل النفط يتدفق من تلك العيون بغزارة وبالتالي يأخذ طريقه إلى النهر، وهذا ما يفسر ظهور بقع زيتية بين فترة وأخرى في نهر دجلة – وفقا لما تنقله وكالات أنباء عن مراقبين.

عمرها أكثر من 50 عاما

محمود القيسي، وهو موظف متقاعد كان يعمل سابقا في مصفاة بيجي، يقول في حديث صحفي أن "هذه العيون النفطية موجودة في المنطقة منذ أكثر من 50 عاماً، ولم تتخذ الحكومات المتعاقبة أي إجراء لاستغلالها، أو حتى متابعتها ودراستها"، مبينا أن "قسما من تلك العيون كبريتي".

ويلفت إلى أن "قرية المصلخة تشهد بين فترة وأخرى تدفق النفط الخام من الأرض، حاملا روائح كبريتية. ولعل ذلك يفسر سبب ظهور بقع زيتية، بين فترة وأخرى، في نهر دجلة، ما يتطلب من الجهات المعنية متابعة الأمر، والعمل على استغلال النفط بصورة صحيحة".

ويشير القيسي إلى ان "منطقتي مكحول والجزيرة في بيجي تضمان آبارا نفطية كبيرة لم تستغل بصورة صحيحة، ويمكن للحكومتين المركزية والمحلية الكشف عن هذه المواقع واستغلالها إن كان عن طريق شركات محلية أو أجنبية. كما يمكن جعل المنطقة وجهة سياحية فيما لو وضعت خطط لاستثمارها بصورة صحيحة".

نفوق الأغنام والطيور

من جانبه، يقول علي العبيدي، أحد أبناء قرية المصلخة، أن "عيون النفط ورائحة الكبريت موجودة في منطقتنا منذ سنوات طويلة، ولم تتم معالجتها من قبل الحكومة"، مؤكدا في حديث صحفي أنه "بين فترة وأخرى نشاهد نفوق اغنام او طيور برية بسبب الروائح الكبريتية المنتشرة في المنطقة".

ويوضح أن "كميات من النفط تتسرب الى نهر دجلة. وهذا الأمر خطير جدا ويخلف أضرارا صحية وبيئية. فالناس يعتمدون على مياه النهر في الشرب والاستخدامات المنزلية، فضلا عن سقي الأراضي الزراعية".

ويلفت العبيدي إلى ان "العيون النفطية يخرج منها نفط اسود وكبريت. وكان الأولى بمصفاة بيجي والشركات النفطية العاملة في المنطقة، ايجاد حلول لهذه المشكلة، على اقل تقدير عمل سواتر لمنع تدفق النفط الى دجلة. فبين فترة واخرى تظهر بقع زيتية في النهر".

ثقوب مفتعلة في الأنابيب

في المقابل، يفيد مدير بيئة كركوك السابق، علي عز الدين خورشيد، بأن السبب الرئيس لظهور بقع زيتية في نهر دجلة ضمن حدود صلاح الدين المجاورة لكركوك، يعود إلى وجود تسرب في أنابيب النفط المحاذية للنهر، والمتجهة نحو حقلي عجيل وعلاس النفطيين، مشيراً في حديث صحفي إلى أن سبب التسرب هو تخريب يعود إلى فترة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على المنطقة، وإلى ثقوب مفتعلة في الأنابيب لغرض تهريب النفط الخام.

ويبيّن خورشيد أن "بيئة كركوك شكلت فريقاً مشتركاً مع شركة نفط الشمال لمتابعة البقع النفطية التي تظهر في دجلة، وذلك بهدف الوقوف على أسبابها"، لافتا إلى ان "شركة نفط الشمال حاولت إقامة ساتر ترابي حول موقع التسرب النفطي ضمن شبكتها المتاخمة لحقلي عجيل وعلاس قرب قضاء العلم. حيث تسربت المخلفات النفطية إلى النهر مكونة بقعاً زيتية في المجرى الرئيس".

ويشير إلى أن "مديرية البيئة رفضت الإجراءات الترابية المؤقتة التي اتخذتها شركة النفط للحد من التسرب، معتبرة إياها غير كافية"، مشدداً على ضرورة أن تعمل الشركة على معالجة التسرب من المصدر لضمان عدم تكراره، إلى جانب تعزيز الإجراءات الأمنية لمنع محاولات الاعتداء على الأنابيب أو سرقتها.

خسائر زراعية

إلى ذلك، يقول الفلاح سعدون عبد الله، ان "النفط يتسرب إلى النهر من حقلي عجيل وعلاس على الطريق الرابط بين تكريت وكركوك، وان هذا الجزء من النهر يمر بآلاف الدوانم الزراعية ويغذيها بالمياه، ما تسبب في تلف المزروعات".

ويضيف في حديث صحفي قوله أن "المنطقة تضم مجموعة آبار نفطية يتسرب منها النفط بشكل غزير ويتسبب في تلف المحاصيل، وبالتالي يضر بصحة الإنسان".