اخر الاخبار

يواجه نحو عشرة آلاف يتيم واقعاً مؤلماً، رسمت تفاصيله ويلات الحروب والصراعات التي عصفت بالعراق، منذ العام 2003، ما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل العصابات والمجرمين، في عالم يتجاهل مأساتهم، ويتركهم لمصير مجهول.

10 آلاف يتيم

وفي حديث مفعم بالقلق الإنساني، تكشف إلهام قدوري، رئيسة جمعية الإلهام لرعاية الأيتام، عن مأساة صامتة يعيشها نحو 10 الاف يتيم في المحافظة. هؤلاء الأطفال، الذين انكسرت ملامح براءتهم بين دوامات الاضطرابات الأمنية التي عصفت بالمنطقة منذ عام 2003، وجدوا أنفسهم بلا أب ولا أم، في عالم لا يرحم ضعفهم.

قدوري، التي قضت سنوات من عمرها في متابعة هذا الملف الشائك، تصف المشهد بعبارات مؤثرة: "هؤلاء الأطفال هم إرث مأساوي خلفته الانفجارات والاشتباكات. إنهم جيش صامت من الأيتام، يكبرون في ظلال الخوف والإهمال".

وتقول بقلق واضح: "النسبة الأكبر منهم تركوا المدارس، مما يعني أننا قد نكون أمام جيل أمي، سهل الانقياد إلى براثن العصابات أو مستنقعات الجريمة".

ديالى، التي تتصدر محافظات العراق من حيث أعداد الأيتام، تحولت إلى بؤرة إنسانية تستغيث دون صدى يُذكر. الجمعيات الخيرية، رغم جهودها، تكافح بصمت وسط تحديات تفوق إمكانياتها بكثير.

وتضيف قدوري، أن "ما نفعله ليس كافياً. نحن بحاجة إلى صندوق خاص لرعاية الأيتام، وبرامج شاملة تمنحهم حياة كريمة، وتبعدهم عن السقوط في الهاوية".

دعم نفسي واجتماعي للأيتام

في حديثه عن واقع الأيتام في محافظة ديالى، يشير الناشط سيف علي إلى أن معاناة هذه الفئة من المجتمع تتفاقم بشكل كبير، نتيجة للظروف الصعبة التي مر بها العراق بعد عام 2003، مشيراً إلى أن "تزايد الحروب والأعمال الإرهابية، والطائفية التي عصفت بالبلاد، أدت إلى ارتفاع أعداد الأيتام بشكل غير مسبوق، خاصة في ديالى".

ويستعرض علي التحديات العديدة التي يواجهها هؤلاء الأطفال، لافتاً إلى وجود مشاكل خطيرة حتى في دوائر الدولة، مثل الابتزاز والاعتداءات الجنسية.

ويثمّن علي دور الشرطة المجتمعية التي تعمل على الحد من هذه الجرائم وحماية الأيتام، مشيرا إلى أنها تقوم بجهود كبيرة لمحاربة هذه الظواهر، وتحاول احتواء الحالات التي قد تضر بفئة الأيتام.

ويعترف سيف علي بالعوائق الكبيرة، مؤكداً أن الأمل لا يزال موجوداً بفضل جهود منظمات المجتمع المدني.

ومن خلال ورش عمل وبرامج توعية، تسعى هذه المنظمات إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي لهذه الفئة، وتطوير مهاراتهم وتعليمهم مواضيع مختلفة تسهم في بناء شخصياتهم وتطوير حياتهم بشكل أفضل.

ويفتقر العراق إلى أعداد رسمية مبنية على دراسة حقيقية وتفاصيل من قبل المؤسسات المعنية، ولكن وفقا لأرقام نشرتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على موقعها الرسمي في 19 كانون الأول 2024، وأطلعت عليها "طريق الشعب"، فأن نسبة الفقر في محافظة ديالى وفق مخرجات الإحصاء الاجتماعي الاقتصادي المعلن من قبل وزارة التخطيط بلغت 18,8 في المائة، والذي نستفيد من خلاله في توزيع خارطة الشمول بإعانة الحماية الاجتماعية في المحافظة، وبلغ عدد المشمولين بإعانة الحماية في المحافظة 123,657 أسرة يقابلها 468,957 فردا.

فقر وتشرد نتيجة الحروب

تحدثت قبس البدري، رئيسة مؤسسة نور المجتبى للإغاثة والتنمية، عن المعاناة المستمرة التي تواجهها العوائل المتضررة من الحروب والظروف الاقتصادية الصعبة في العراق.

وأوضحت البدري لـ"طريق الشعب"، أن "العديد من الأيتام والعوائل في العراق يعانون من الفقر والتشرد نتيجة الحروب، وخاصة تلك التي نشأت بسبب هجمات داعش".

وقالت: "لدينا عدد كبير من الأيتام بسبب ظروف الحروب والمشاكل التي يعاني منها الناس، خاصة في المناطق المتضررة من الإرهاب. الكثير من الناس فقدوا آباءهم، ما زاد من معاناتهم في ظل غياب فرص العمل والبطالة المنتشرة في المجتمع".

وتطرقت البدري إلى حملة قامت بها مؤسستها في عام 2017 أو 2018 بالتعاون مع مؤسسات أخرى للتصدي لظاهرة التسول بين الأطفال في الشوارع، مؤكدة انهم عملوا على مكافحة ظاهرة التسول في الشوارع، خاصة الأطفال الذين تركوا دراستهم، وبالتعاون مع مسؤولي مجلس المحافظة وقيادة الشرطة ورؤساء المنظمات.

وأردفت، "للأسف، أن هذه الظاهرة عادت الى الشارع بعد عشرة أيام من منعها. الأطفال ما زالوا يتسولون في التقاطعات. وهذا مشهد غير لائق ويعكس صورة سيّئة عن العراق في الإعلام".

وأشارت إلى أن هناك نقصا كبيرا في دور الإيواء في المحافظة، مشددة على "ضرورة أن يكون هناك تعاون أكبر بين الحكومة والمجتمع المدني لحل هذه الأزمات. لدينا عدد كبير من الأيتام الذين لا مأوى لهم، وبعض النساء المعنفات، وكبار السن الذين بحاجة إلى دور رعاية".

البدري ختمت حديثها بنداء للحكومة والجهات المعنية، داعية إلى تعاون أكبر بين مختلف الأطراف لتوفير الحلول المستدامة للأيتام والفئات الضعيفة في المجتمع.