اخر الاخبار

يواصل العديد من العمال الحمالين، بمختلف الأعمار، عملهم الشاق في جر العربات بسوق الشورجة وسط بغداد، وفيهم من يعتمد على ظهره كوسيلة لنقل البضائع. هؤلاء العمال يؤكدون أن قضاياهم "وما يواجهونه من تحديات تثار فقط خلال فترة الانتخابات لجذب الأصوات، دون أي تحرك جاد لمعالجة أوضاعهم". وقد دفع نقص فرص العمل وظروف المعيشة الصعبة الكثيرين، خاصة من فئة الخريجين، إلى الاستمرار في هذه المهنة الشاقة رغم الأجور الزهيدة.

حرم من إكمال دراسته

قاسم حمادي (57 عامًا)، يعمل حمالًا في سوق الشورجة منذ 7 سنوات، يقول "أقضي الساعات الأولى من الصباح جالسا على حافة عربتي مع مجموعة من الحمالين، منتظرين طلبات الزبائن أو أصحاب المحال التجارية لنقل بضائعهم". ويوضح لـ "طريق الشعب بأنه لم يتمكن من إكمال الدراسة بسبب حاجته للعمل لإعالة عائلته، وهو أب الآن لأربع بنات وشابين، جميعهم ما زالوا في المدرسة، باستثناء بنتين أكملتا دراستهما الجامعية.  ويضيف قاسم "أعتمد على أبنائي لتحمل المسؤولية عندما أعجز عن العمل"، مستدركاً بأن ندرة فرص العمل، دفعت بالكثير من الشباب الخريجين للعمل كحمالين في سوق الشورجة منذ عقود. وبخصوص دخله، يقول "لا يتجاوز دخلي في أفضل الأحوال 25 ألف دينار يوميا، وفي أيام كثيرة لا أحصل سوى على 5 آلاف دينار". وعن الضمان الاجتماعي، يعترف حمادي بأنه لا يعلم شيئًا عنه، مشيرًا إلى أن "الكثير من الشخصيات تزور السوق خلال الحملات الانتخابية وتعد العمال بتحسين أوضاعهم، لكن تلك الوعود تختفي بعد الانتخابات".

خريجون بلا فرص عمل حقيقية

وسام علي (30 عامًا)، خريج معهد الفنون الجميلة قسم السيراميك، يخبر الجريدة بأنه لم يتمكن من العثور على فرصة عمل منذ تخرجه قبل 10 سنوات، فيقول "حاولت مرارًا، لكن جميع المحاولات انتهت بوعود كاذبة. حتى حين دفعت مبالغ مالية للحصول على وظيفة لم أحقق أي فرصة عمل مضمونة".

ويتحدث وسام عن طبيعة عمله في السوق قائلاً لـ"طريق الشعب: "أعتمد على ظهري في نقل بضائع الزبائن وأصحاب المحال التجارية، إذ تُمنع العربات أحيانا من دخول السوق". ويضيف "بحثت عن عمل يوفر لي راتبا ثابتا دون جدوى، فعُدت للعمل كحمال. تزوجت ورُزقت بطفلين، وأنتظر مولودي الثالث، لكن عملي الحالي بالكاد يكفي لتلبية احتياجات عائلتي اليومية، دون تحقيق طموحاتي في تأمين حياة كريمة".

أطفال حمالون

أما الأطفال الحمالون، فلا يختلف حالهم عن الكبار. فهم يتنافسون بشدة للحصول على الزبائن، محاولين إقناع المارة بحمل بضائعهم، فيما تعكس وجوههم التعب والإعياء الشديدين. مرتضى فاضل(12 عامًا)، أحد هؤلاء الأطفال، يجر عربته الصغيرة في السوق ويتوسل المارة للسماح له بحمل بضائعهم. يقول بلهجته البسيطة "الناس في السوق عبالهم أني صغير وما أكدر أشيل البضاعة".

يشير مرتضى إلى أنه لم يلتحق بالمدرسة، ويعمل مع شقيقه الأكبر في السوق بالتناوب بين الصباح والمساء. يوضح أن العربة التي يجرها تعود لشقيقه، الذي يعمل في خدمة التوصيل بأحد المطاعم صباحًا، ثم يعود لاستلام العربة والعمل في السوق مساءً.

ويضيف مرتضى "أحصل على مبلغ لا يتجاوز 20 ألف دينار يوميًا، وأسلمه لوالدتي المريضة بالسكري بعد وفاة شقيقي الأكبر بسبب جائحة كورونا".

هذه المشاهد اليومية في سوق الشورجة تكشف واقعا مؤلماً لفئة كبيرة من العمال، الذين اضطروا للكدح تحت ظروف قاسية، بينما تُترك مشاكلهم بلا حلول جذرية أو دعم حقيقي من الجهات المسؤولة.