تشهد مستشفيات محافظة الأنبار، وفي مقدمتها مستشفى الرمادي التعليمي للنسائية والأطفال، نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية. وفيما يُرجع المسؤولون ذلك إلى ضعف التخصيصات المالية، يضطر المرضى إلى شراء الأدوية من الصيدليات الأهلية بأسعار باهظة تُثقل كواهلهم، وسط مطالبات بزيادة الدعم الحكومي للقطاع الصحي.
وأصبحت مشكلة نقص الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، فضلا عن الكوادر، في المؤسسات الصحية الحكومية، أزمة عامة تعانيها جميع محافظات البلاد، تضاف إليها أزمة تردي البنى التحتية والخدمات في تلك المؤسسات.
يأتي ذلك تحت طائلة سوء الإدارة والإهمال والفساد وضعف التخصيصات المالية للقطاع الصحي مقارنة بدول المنطقة.
وعلى عكس المؤسسات الصحية الخاصة التي انتشرت بشكل كبير في جميع محافظات البلاد، تعاني المستشفيات الحكومية نقصا في الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والأدوية البيولوجية الخاصة بالأمراض السرطانية، عدا بعض الأدوية المنقذة للحياة المتوفرة نوعا ما في أقسام الطوارئ.
ضعف التخصيصات المالية
تنقل وكالة أنباء "شفق نيوز" عن إعلام دائرة صحة الأنبار، القول ان هناك نقصا واضحا في الأدوية والمستلزمات الطبية في مستشفى الرمادي للنسائية والتوليد، موضحا أن "السبب الرئيس وراء هذا النقص يعود إلى قلة التخصيصات المالية المخصصة للمستشفى من قبل الجهات المعنية".
ويشير إعلام الدائرة إلى ان "المرضى يواجهون صعوبات كبيرة نتيجة لهذا النقص. حيث يضطر العديد منهم إلى شراء الأدوية من خارج المستشفى، ما يشكل عبئا إضافيا على كاهل الأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية".
ويلفت إلى ان "وزارة الصحة تسعى لتوفير الأدوية الأساسية التي تساهم في إنقاذ الحالات الحرجة فقط، نظرًا لتكلفتها البسيطة مقارنة بالأدوية الأخرى، ما يجعلها ضمن إمكانيات الوزارة، ومع ذلك، فإن هذا الحل لا يلبي جميع احتياجات المستشفى أو المرضى".
ويدعو إعلام الدائرة "الجهات المسؤولة إلى زيادة التخصيصات المالية للمستشفيات في الأنبار، خاصة في ظل التحديات التي تواجه القطاع الصحي في المحافظة، لضمان تقديم خدمات طبية متكاملة للمواطنين".
إهمال متعمد
بعد تحريرها من إرهاب داعش عام 2017، شهدت محافظة الأنبار حملات إعمار وتطوير شملت البنى التحتية في العديد من مراكز المدن، لكن بالرغم من ذلك، بقي القطاع الصحي متخلفا. إذا لا تزال المستشفيات تعاني الإهمال والنقص في الكوادر والأجهزة الطبية – حسب ما يذكره مواطنون أنباريون عبر وسائل إعلام، معتقدين أن "هذا الإهمال متعمد، غرضه الاتجاه للمشافي الأهلية التي يملكها متنفذون"!
وتنقل وكالات أنباء عن الناشط أحمد العاني، قوله أن "الأنبار تعاني إهمالا كبيرا في الواقع الصحي، ومن يتحدث عن الإعمار وتوفير الخدمات، يجب أن يضع القطاع الصحي في أولوية الاهتمامات".
ويضيف قوله أن "الاهتمام والتوجه بعد تحرير الأنبار من تنظيم داعش الإرهابي، بات نحو المستشفيات الأهلية، وأغلب هذه المستشفيات عائد لشخصيات سياسية متنفذة، وبالتالي فإننا نعتقد أن هناك جهات ما تعرقل تطوير المستشفيات الحكومية وتوفير احتياجاتها".
ويشير العاني إلى أن "ذوي الدخل المحدود والفقراء لا يستطيعون مراجعة المستشفيات الأهلية وإجراء العمليات فيها، بسبب أجورها المرتفعة"، لافتا إلى ان "أغلب المستشفيات الحكومية في الرمادي وبقية الأقضية تحتوي جهازاً واحداً للمفراس والرنين، وهذا الجهاز لا يكفي، بسبب زخم المراجعين. فالمرضى يضطرون إلى الانتظار مدة شهرين أو أكثر، كي تأتي أدوارهم".
ماذا عن أولوية القطاع الصحي؟!
وكان المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، قد أفاد في حديث صحفي عام 2023، بأن "القطاع الصحي من أهم أولويات الحكومة، كما أكد رئيس مجلس الوزراء منذ توليه المسؤولية"، لافتاً إلى أن "موازنة العام الحالي (2023) ستتضمن تخصيصات قياسية للقطاع الصحي، ما سينعكس إيجاباً على مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطن".
لكن المواطن مروان المحلاوي، من أهالي قضاء القائم، يؤكد أن "الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية غائبة تماماً، وان غالبية المستشفيات التي تعرضت للدمار، لم تعد للخدمة كما كانت. لذا يضطر أغلب المواطنين إلى مراجعة المستشفيات الأهلية أو العيادات الخاصة، بسبب غياب الأجهزة الطبية الحديثة وعدم توفر الأدوية في المستشفيات الحكومية".
ويطالب المواطن الجهات المعنية، بـ"التدخل السريع لإنقاذ الواقع الصحي في الأنبار، والذي أصبح عبئا كبيراً على المواطنين".
وكانت دائرة صحة الأنبار قد كشفت في شباط العام الماضي، عن تفاصيل خطة مشاريعها في المحافظة لذلك العام، مبينة في حديث لوكالة الأنبار الرسمية، أن هذه المشاريع تهدف إلى تطوير الواقع الصحي في المؤسسات الحكومية، وتتضمن إكمال وتجهيز مراكز خاصة بجراحة الأطفال والقسطرة وأمراض القلب، فضلا عن مركز لزرع الكلى.
وتابعت أن هناك مشروعا لإنشاء مركز الكلى والأمراض البولية في الفلوجة، وآخر لإنشاء مركز للأورام، إضافة إلى مركز تأهيل بدني ومركز لأمراض الجهاز الهضمي، مضيفة أن الخطة تضمنت أيضا تأهيل مستشفى الرطبة العام، وتجهيز عدد من المراكز والمستشفيات بالأجهزة الطبية. كما ان هناك مشاريع مقترحة، منها برامج لاستقدام أطباء اختصاص للمناطق الغربية، وبرامج تدريب مختلفة.