اخر الاخبار

أصبح التلوث الإشعاعي والكيميائي في محافظة الأنبار، من القضايا الخطيرة الملحّة التي تهدد حياة الإنسان وسلامة البيئة – حسب ما يرى خبراء ومتابعون. ومع تزايد التقارير التي تفيد بوجود مناطق ملوثة نتيجة مخلفات الحروب والأنشطة العسكرية السابقة، تعالت مطالبات الأهالي والخبراء باتخاذ إجراءات عاجلة لتحديد مواقع التلوث ومعالجتها.

وتشير دراسات إلى أن بعض المناطق الأنبارية قد تحتوي على مستويات مرتفعة من الإشعاع تفوق الحدود المسموح بها دولياً، ما يزيد من المخاوف بشأن تأثيرها على السكان والزراعة والحياة البرية.

مخاطر لا يصحّ تجاهلها

يؤكد الخبير البيئي سعد كامل، أن "الأنبار ليست خالية من التلوث الإشعاعي كما يدّعي بعض المصادر"، محذرا في حديث صحفي من ان "هذه المشكلة البيئية تشكل تهديداً خطيراً لصحة السكان والبيئة المحيطة، ويجب عدم تجاهلها أو الاستهانة بمستوى خطورتها".

ويشير إلى أن "الأنبار عانت خلال العقود الماضية ظروفا استثنائية، من بينها الحروب واستخدام بعض المواقع لأغراض عسكرية أو لتخزين مواد خطرة، ما أدى إلى حصول تلوث إشعاعي في بعض المناطق".

ويلفت كامل إلى أن "هذا التلوث ليس دائماً مرئياً بالعين المجرّدة، لكنه يظهر من خلال قياسات علمية دقيقة، لذلك لا بد من إجراء مسح شامل للأراضي باستخدام تقنيات حديثة لتحديد المناطق المتضررة بدقة".

وينبه إلى أن "التلوث الإشعاعي له تأثيرات طويلة المدى على الصحة العامة، أبرزها زيادة معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية وأمراض الجهاز التنفسي"، منوّها أيضا إلى "تأثيرات الإشعاع على البيئة، من خلال تلوث التربة والمياه الجوفية، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي ويعرّض التنوع البيولوجي للخطر".

ما الحل؟

في ما يتعلق بالحلول، يلفت كامل إلى أن "معالجة التلوث الإشعاعي ليست مهمة سهلة. فهي تتطلب تعاوناً مشتركاً بين الحكومة والمنظمات الدولية المتخصصة".

ويخلص إلى ان "التقارير التي تنفي وجود التلوث الإشعاعي في الأنبار قد تكون غير دقيقة أو قائمة على معطيات قديمة. فالمطلوب اليوم هو مواجهة الحقيقة والعمل على الحلول بدلاً من تجاهلها، لأن صحة الإنسان وسلامة البيئة هما أولويتان لا يمكن التهاون فيهما". ويعد ملف التلوث الإشعاعي في الأنبار من الملفات الحساسة التي تتطلب اهتماماً كبيراً من الجهات المعنية. إذ إن معالجته لا تتعلق فقط بالمحافظة، بل بسلامة العراق ككل – حسب الخبير البيئي.

بيئة الأنبار: الأمر ليس ضمن مسؤولياتنا

من جهته، يقول مدير بيئة الأنبار قيس ناجح، أن "مسألة وجود أو عدم وجود تلوث إشعاعي في المحافظة، تقع ضمن اختصاص الهيئة العراقية لرصد المناطق الملوثة إشعاعياً، وليس ضمن مسؤوليات مديرية بيئة الأنبار".

أما في شأن التلوث الكيميائي، فيؤكد في حديث صحفي أنه "لا توجد أي مؤشرات على وجود تلوث كيميائي في المحافظة، وفقاً للتقارير الصادرة عن مديرية بيئة الأنبار"، مشيراً إلى أن "المحافظة خالية من أي تلوث كيميائي في جميع مناطقها".

المسح الشامل

إلى ذلك، يلفت الناشط البيئي علاء الدليمي إلى أن "الخطوة الأولى تبدأ بإجراء مسح شامل باستخدام أجهزة الكشف الإشعاعي، لتحديد المواقع الملوثة ومستويات التلوث بدقة، ما يتيح وضع خطط علمية فعّالة لمعالجة هذه المناطق".

ويضيف قائلا في حديث صحفي أنه "من الأهمية إزالة التلوث باستخدام تقنيات حديثة تشمل تطهير التربة والتعامل مع المواد المشعة بطرق آمنة تقلل من تأثيرها على البيئة المحيطة"، مبينا أن "من الضروري أيضا توعية السكان المحليين بمخاطر التلوث وطرق الوقاية منه، إضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة فضلا عن حماية الأجيال القادمة".

ويشدد الدليمي على "أهمية إصدار تشريعات رقابية صارمة لضمان عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلاً، خاصة في المناطق التي تُستخدم للأغراض العسكرية أو الصناعية"، لافتا إلى أن "معالجة هذه الأزمة تتطلب تنسيقاً بين الجهات الحكومية والمنظمات الدولية لتوفير الموارد اللازمة من أجل ضمان بيئة صحية وآمنة لسكان الأنبار". وتسجل مدن الانبار ارتفاعا واضحا في معدل الإصابات بأمراض السرطان، خاصة في الفلوجة والرمادي والرطبة. ويعزو أطباء واختصاصيون تلك الإصابات إلى عوامل عدة، أبرزها آثار الأسلحة الأمريكية المحرمة التي استخدمت في المحافظة بعد 2003، لا سيما في مدينة الفلوجة.