تواجه محافظة الأنبار بشكل عام، وقضاء الحبانية بشكل خاص، أزمة كبيرة في الخدمات الصحية، نتيجة الدمار الذي طال العديد من المستشفيات منذ عام 2014. ومع غياب البدائل الحكومية، أصبحت المستشفيات الأهلية الخيار الوحيد أمام السكان، لكنها تفرض تكاليف باهظة تفوق قدرة كثيرين.
ويبرز هذا الواقع الحاجة الماسة إلى إصلاح شامل للمنظومة الصحية في المحافظة، يشمل تحسين البنية التحتية، وتأمين خدمات طوارئ فعالة، وضمان توفر الرعاية الطبية بأسعار مناسبة لجميع فئات السكان.
يقول الناشط محمد الهيتي، إنّ "القضاء يفتقر حتى الآن إلى مستشفى متكامل يوفر الرعاية الصحية المطلوبة، ما يضطر السكان إلى السفر لمسافات طويلة نحو أقضية ومدن أخرى لتلقي العلاج".
ويضيف الهيتي، أن "غياب مستشفى متخصص زاد من معاناة الأهالي، حيث يترتب على ذلك أعباء مالية ومعنوية، خاصة في حالات الطوارئ التي تستدعي التدخل السريع".
وأكد الهيتي لمراسل "طريق الشعب"، أن "قضاء الحبانية ظلّ مستبعداً من خطط التنمية، على الرغم من الجهود المبذولة في مركز محافظة الأنبار لتحسين الطرق وبعض البنى التحتية"، موضحا أنه "رغم التقدم الذي شهدته بعض المناطق، إلا أن الحبانية بقيت خارج دائرة الاهتمام، ما جعل غياب مستشفى متخصص عاملاً يفاقم المشكلات الصحية اليومية للسكان".
ودعا الهيتي الجهات المعنية إلى اتخاذ خطوات عاجلة للإسراع في إنجاز مشروع مستشفى الخالدية، مؤكداً أن "هذا المشروع يُعد ضرورة حتمية لتحسين الواقع الصحي والنهوض بالخدمات الطبية التي تُعتبر حاجة أساسية في أي مجتمع".
وفي هذا السياق، أبدت إدارة القضاء تفاؤلاً حذراً بالإعلان السبت الماضي عن انطلاق العمل في بناء مستشفى جديد، مع توقعات بإنجازه خلال ثلاث سنوات. وبرغم أهمية هذا المشروع، يرى الهيتي ضرورة تسريع التنفيذ لمواكبة الاحتياجات المتزايدة للسكان.
قرض صيني
من جانبه، أعلن قائمقام قضاء الحبانية علي داوود، عن انطلاق مشروع إنشاء مستشفى عام بسعة 100 سرير في القضاء، والذي يُعد خطوة كبيرة نحو تحسين الخدمات الصحية في المنطقة.
وفي حديث لـ "طريق الشعب"، أوضح داوود أن "المستشفى الجديد جاء استجابةً لحاجة ملحّة، حيث كان أهالي الحبانية يضطرون للسفر إلى مستشفيات في الفلوجة والرمادي للحصول على الخدمات الطبية".
وأشار داوود، إلى أن "المشروع يُنفذ ضمن إطار القرض الصيني، وأن الشركة المنفذة تسلمت الموقع، وبدأت العمل بالفعل"، مشيرا إلى أن مدة التنفيذ الرسمية ثلاث سنوات، لكنه يعتقد أن الشركة ستتمكن من إنجازه في نصف هذه المدة بفضل كفاءتها، وسرعة إنجازها.
وأضاف داوود، أنّ "المستشفى سيُجهز بأحدث المواصفات والأجهزة الفنية المتطورة، ما يعزز جودة الخدمات الطبية المقدمة لأهالي قضاء الحبانية".
وأكد، أن المشروع يمثل خطوة مهمة للتخفيف من معاناة المرضى وتحسين الواقع الصحي في المنطقة.
وختم داوود بتوجيه الشكر للإعلام على متابعته واهتمامه بالمشروع، مشيرا إلى أهمية التوعية بأهمية هذه المبادرات التي تخدم المواطنين.
يُذكر أن هذا المشروع يُعد أحد أبرز المشاريع التنموية في القضاء خلال السنوات الأخيرة.
ويضم قضاء الحبانية نحو 150 ألف نسمة.
وقال المهندس المشرف هاني شاكر عفش مسؤول مشروع بناء المستشفى: إن "القضاء يفتقر إلى وجود مستشفى عام مقارنة بالأقضية الأخرى، إذ يقتصر على مراكز صحية رئيسية وفرعية لا تلبي الاحتياجات الطبية الكاملة للمواطنين".
وأضاف عفش في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "المشروع يأتي ضمن الاتفاقية الإطارية بين الحكومتين العراقية والصينية، التي تشمل تنفيذ مشروعات مماثلة في مختلف محافظات العراق".
بالحديث عن تفاصيل المشروع، بيّن أن "المشروع يقع في مدينة الخالدية، مركز قضاء الحبانية، ويشمل مستشفى بسعة 100 سرير. وقد انطلق العمل رسميًا في 29 كانون الأول 2024، بحضور مدير عام دائرة صحة الأنبار، وقائمقام قضاء الحبانية".
وأكد هاني، أن الشركة المنفذة باشرت العمل في الموقع، وسط تعاون كبير من الدوائر الخدمية والأهالي، الذين أبدوا ارتياحهم وتفاؤلهم بالمشروع. وأشار إلى أن مدة التنفيذ المحددة هي ثلاث سنوات، لكن الجهود مستمرة لتسريع العمل وإنجازه قبل الموعد المتفق عليه مع وزارة الصحة.
وأوضح هاني، أن إنشاء هذا المستشفى سيخفف معاناة أهالي القضاء الذين يضطرون حاليا للسفر إلى مستشفى الرمادي التعليمي أو مستشفى الفلوجة التعليمي لتلقي الخدمات الطبية.
ويأمل سكان القضاء أن يُحدث المشروع نقلة نوعية في القطاع الصحي بالمنطقة، وأن يكون بادرة خير ليس فقط لأهالي الحبانية، بل لمحافظة الأنبار بأكملها.