يأمل العراقيون أن يكون العام الجديد بدايةًَ تحولات إيجابية في حياتهم، سواء على المستوى الشخصي أم العام. وتعكس أمنياتهم تطلعات نحو السلام والاستقرار، ليس في بلادهم فقط، بل في عموم المنطقة العربية، حيث تعاني شعوب عديدة من مشكلات كبيرة جراء عدم الاستقرار الأمني.
وفي ليلة رأس السنة الثلاثاء الماضي، خرج العراقيون في مختلف مدن البلاد بكثافة إلى الشوارع، مبتهجين بقدوم العام الجديد ومعبرين عن تلك البهجة باحتفالات وفعاليات منوعة، ما عكس تمسكهم بالحياة وتطلعهم إلى غد أفضل، بالرغم من الأوضاع المعيشية الصعبة والمآسي التي تمر بها شرائح واسعة منهم. وفي ظل التحديات الاقتصادية والمشكلات الاجتماعية والأمنية المختلفة، يتمنى الكثيرون منهم أن تتغير أوضاع البلاد وظروفهم الشخصية إلى الأحسن، ويأملون أيضا أن تنجلي الأزمات المخيمة اليوم على العديد من بلدان المنطقة، التي تعيش منذ أكثر من عام ظروفا عصيبة، خصوصاً بسبب العدوان الصهيوني على غزة ولبنان، والتحول الكبير الذي شهدته سورية، والأوضاع التي تزداد توتراً في اليمن، وغير ذلك.
نهاية الحروب والصراعات
محمد علي (32 سنة)، وهو موظف حكومي، يتمنى ان يشكل العام الجديد "نهاية للحروب والصراعات التي عانيناها ونعانيها نحن وشعوب المنطقة منذ سنوات طويلة".
ويضيف في حديث صحفي قائلا: "نحن في حاجة ماسة إلى السلام، سواء في العراق أم في المنطقة بعامة. أود أن أرى المهجرين، العراقيين والعرب، وهم يعودون إلى مدنهم وبيوتهم. فهذا حق أساسي لكل إنسان". أما شيماء حسن (47 سنة)، وتعمل في المجال الإنساني، فتصف أوضاع العائلات المهجرة في مخيمات النزوح بـ"المأساة".
وتتمنى في حديث صحفي أن "تنتهي مأساة التهجير التي فرقت بين العائلات.. قلبي يتمزق على أولئك الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات. كثيراً ما زرتهم برفقة منظمات مدنية لتقديم مساعدات لهم".
وتتابع قولها: "أحلم أن يعود الجميع إلى بيوتهم، وأن يعود العراق بلداً يحتضن كل أبنائه".
وبحسب وزارة الهجرة والمهجرين، يبلغ عدد المهجرين في مخيمات النزوح في البلاد 32 ألف عائلة، قوام أفرادها يقارب 154 ألفاً، وهم موجودون في 24 مخيماً.
مستقبل مشرق
كعادتهم، يحلم الشباب العراقيون، لا سيما خريجو الجامعات، بمستقبل مشرق، آملين أن تنتهي أزمة البطالة التي تعصف بالبلاد.
تقول الطالبة الجامعية سارة كريم: "نطمح إلى مستقبل أفضل. أتمنى أن يكون العام الجديد مليئاً بالفرص، سواء في التعليم أم في العمل".
وتضيف في حديث صحفي قولها: "أريد أن أرى بلدنا يتقدم، وأن نتمكن من تحقيق أحلامنا من دون الحاجة إلى الهجرة.
أحلم بأن أرى بلدي آمناً ومستقراً. أريد أن أكمل دراستي الجامعية في بلدي وأعمل على تطوير نفسي لخدمته. نحن الشباب نحتاج إلى دعم أكبر لتحقيق طموحاتنا".
وترى أن تحسين التعليم وإيجاد فرص عمل للشباب هما من الأولويات التي تتمنى أن تعمل عليهما الحكومة.
وبلغت نسبة البطالة وفق آخر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء عام 2021، 16.5 في المائة. وسجلت نسبة البطالة بين النساء ارتفاعا بواقع 28 في المائة، بينما كانت لدى الرجال 14 في المائة.
تحسين الوضع المعيشي
من جهته، يتمنى أحمد السامرائي (45 سنة)، وهو صاحب متجر لبيع الأدوات الصحية، ان يتحسّن الوضع الاقتصادي في البلاد بشكل أكبر، نظرا لما يمتلكه من ثروات هائلة وقدرات بشرية، وأن ينعكس ذلك التحسّن في الوضع المعيشي للعائلات.
ويوضح في حديث صحفي ان "وضع بلدنا الاقتصادي الحالي يجعلنا نعاني يومياً في توفير احتياجاتنا الأساسية. أريد أن أرى إصلاحات اقتصادية حقيقية تساعد أصحاب الأعمال الصغيرة مثلنا على النمو والازدهار".
خدمات متطورة
يعاني العراق منذ سنوات طويلة، تدهورا في البنى التحتية ونقصا كبيرا في الكثير منها. إذ يحتاج إلى عشرات الآلاف من المدارس والمستشفيات وأماكن الترفيه والخدمات البلدية، فضلا عن تطوير شبكات الكهرباء والماء والمجاري. وبسبب ذلك التدهور، كثيراً ما خرج العراقيون في تظاهرات للمطالبة بتحسين الخدمات.
علي جواد (72 سنة)، وهو مدرس متقاعد، يقول في حديث صحفي انه عاش فترة من عمره كان العراق خلالها متطوراً في ما يتعلق بالبنى التحتية التي يراها "أساساً لبناء الإنسان"، متمنيا أن "يعود العراق إلى أيامه الذهبية. نحن شعب عانى كثيراً، وآن الأوان أن نحيا حياة كريمة.
أريد أن أرى تطورات في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية".
ولأن التعليم هو الأساس الأول لبناء أجيال تنهض بالوطن، تتمنى هدى فاضل (35 سنة)، في العام الجديد، أن يتمكّن كل طفل في العراق من الذهاب إلى المدرسة.
كما تتمنى أن تكون هناك خطوات جدية لتحسين أوضاع النساء، سواء في العمل ام في الحياة الاجتماعية.
الاهتمام بالوضع الصحي
أما منى عبد الله (40 سنة)، وهي ممرضة، فتقول انها مطلعة على الواقع الصحي في البلاد وتراه "مزريا"، مشيرة إلى أن الصحة أولوية في تقدم الشعوب.
وتتمنى منى أن يتحسّن الوضع الصحي "فنحن نعمل في مستشفيات تعاني نقصا في المعدات والإمكانيات. أريد أن أرى مستشفيات حديثة، وخدمات صحية تليق بالمواطن العراقي".
مكافحة الفقر
إحدى أبرز المشكلات التي يعانيها العراقيون هي الفقر، الذي كان ولا يزال يشكل عقبة كبيرة لم تنجح الحكومات في تجاوزها.
وتبلغ نسبة الفقر البلاد 16.5 في المائة - وفقاً لبيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء. فيما يرى مراقبون أن النسبة أكبر من ذلك.
يقول الطفل أحمد جعفر (11 سنة)، الذي ينتمي إلى عائلة فقيرة، انه يتمنى أن يكون العام 2025 عام الخلاص من الفقر.
ويضيف: "أتمنى أن يتحسّن حال والدي، ويحصل على عمل مريح ينقذ عائلتنا من هذه الظروف الصعبة".
بينما تقول شهد عبد الحميد (38 سنة)، التي تعمل بائعة في متجر للملابس النسائية، أن التخلص من الفقر هو حلم شريحة كبيرة من العراقيين. وترى أن "القضاء على الفقر ربما يقضي على معظم مشكلاتنا"!
القضاء على السلاح المنفلت
إلى ذلك، يتمنى المواطن محمد قربج في العام الجديد، أن تختفي مظاهر السلاح خارج إطار الدولة.
ويقول لـ"طريق الشعب"، أن "السلاح المنفلت بات أكثر ما يُقلق العراقيين اليوم. فبسببه شهدنا خلال السنوات السابقة جرائم كثيرة مؤسفة راح ضحيتها أناس أبرياء".
ويشير قربج إلى أن "خطورة السلاح المنفلت لا تقتصر على المواطن، إنما تتعدى ذلك إلى الدولة وقراراتها، وتمتد أيضا إلى الدول المجاورة. وان هذا السلاح يجعل العراق بلدا غير مستقر، وفاقد السيادة أمام العالم، وغير جاذب سياحيا، في الوقت الذي اختيرت فيه بغداد عاصمة للسياحة العربية للعام 2025"!