يشكو فلاحون كثيرون في محافظة صلاح الدين من تعرّضهم إلى خسائر فادحة، جراء غياب او ضعف الدعم الحكومي عن القطاع الزراعي، مؤكدين في أحاديث صحفية أن تلك الخسائر دفعت الكثيرين منهم إلى ترك مهنة الأجداد، والهجرة إلى مراكز المدن بحثا عن مهن أخرى تساعدهم في تأمين قوت عائلاتهم.
وتضم صلاح الدين، في أقضيتها ونواحيها، مساحات زراعية واسعة وبساتين كانت تنتج في السابق أصنافا كثيرة من الخضراوات والفاكهة، إضافة إلى المحاصيل الاستراتيجية. أما اليوم، وبفعل أزمة المياه وتراجع الدعم الحكومي وامتلاء الأسواق بالمحاصيل المستوردة، فقد تراجع القطاع الزراعي كثيرا في هذه المحافظة، شأن غيرها من المحافظات الزراعية.
فلاحون أصبحوا عمّال بناء
في تقرير متلفز عرضته وكالة أنباء "السومرية نيوز"، يذكر أحد الفلاحين أن أكثر زملائه بدأوا يتركون الريف ويتوجهون إلى المدن بحثا عن فرص عمل بديلة، بعد تعرضهم إلى خسائر فادحة جراء تدهور التيار الكهربائي وعدم حصولهم على وقود مدعوم لتشغيل مضخاتهم الزراعية.
ويؤكد أن "الكثيرين من الفلاحين تركوا الزراعة واشتغلوا عمال بناء، وأن أراضي زراعية واسعة في المحافظة أصبحت جرداء بعد أن هجرها أصحابها".
فيما يذكر مزارع آخر، أن صلاح الدين كانت تشتهر بإنتاج محاصيل كثيرة تصل إلى أسواق مختلف محافظات البلاد، معربا عن أسفه لتراجع الواقع الزراعي في المحافظة بسبب غياب الدعم الحكومي. ويلفت إلى أن هناك محاصيل عديدة تُزرع في صلاح الدين بوفرة، لا تزال تدخل إلى البلاد عبر أبواب الاستيراد، ما يضع المنتج المحلي في مواجهة منافسه المستورد الذي يباع بسعر أقل بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج في الدول الموردة، وبالتالي يتعرض الفلاح المحلي إلى خسائر طائلة.
ويؤكد أن انتاج البطاطا وفير هذا الموسم، حيث يباع الكيلوغرام منها في "العلوة" بـ400 دينار، وبالرغم من ذلك لا تزال البطاطا المستوردة تدخل إلى السوق العراقية.
أزمة الكهرباء تفاقم التعقيد
وبعد أزمة المياه التي أنهكت العملية الزراعية في عموم البلاد، جاءت أزمة الكهرباء لتزيد الأمر تعقيدا. إذ لم يعد الفلاحون قادرين على تشغيل مضخاتهم الزراعية التي تعمل بالطاقة الكهربائية، بسبب تدهور الكهرباء وانخفاض ساعات تجهيزها بشكل كبير. أما المضخات التي تعمل بالوقود، فهذه أيضا بات من الصعب على الفلاحين تشغيلها، نظرا لارتفاع سعر الوقود في السوق السوداء - حسب ما يؤكده عديد من الفلاحين.
وينوّه الفلاحون إلى أن كلف الإنتاج العالية تفرض عليهم زيادة أسعار محاصيلهم، بالشكل الذي لا يناسب القدرة الشرائية للمواطنين، ومعظمهم من ذوي الدخل المحدود، مبينين أنهم يتحملون تكاليف كبيرة في شراء البذور والاسمدة وغيرها من متطلبات العملية الزراعية.
الفلاحون عاجزون عن شراء "الكاز"
رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في صلاح الدين، مؤيد الوسمي، يقول في حديث لـ"السومرية" أن الفلاح يواجه صعوبة في الحصول على "الكاز"، الذي وصل سعر البرميل منه في السوق السوداء إلى 200 ألف دينار، وهذه الكمية لا تكفي لتشغيل المضخة سوى لـ"رية واحدة"، مشيرا إلى ان الفلاحين معظمهم يعانون ظروفا اقتصادية صعبة، ما يجعلهم عاجزين عن شراء الوقود.
وينوّه ان "زراعة الحنطة ستعرض الفلاحين إلى خسائر كبيرة. فالبذور لا تزال على وجه الأرض، لم تنبت حتى الآن بسبب شح المياه، ونحن مقبلون على شهر كانون الثاني"، مرجّحا انخفاض انتاج القمح هذا الموسم بشكل واضح، وبالتالي تعرض المزارعين إلى خسائر فادحة.
وفي ما يخص الأسمدة، يلفت الوسمي إلى ان "سعر طن سماد اليوريا الذي يتسلمونه من الدولة، يصل إلى 630 ألف دينار، بينما يبيعه التجار في السوق بحدود 610 آلاف دينار، بفارق سعر أقل من الدولة"!